قالت صحيفة «نيويورك تايمز» إنّ الحرب في سوريا باتت أكثر تعقيدًا بسبب الخلافات الأخيرة التي اندلعت بين الحلفاء الفاعلين هناك لمحاربة تنظيم الدولة، مثل أميركا وتركيا وروسيا وإيران، بجانب الأكراد؛ مطالبة الطرفين (تركيا والأكراد) بالعمل على إيجاد حل دبلوماسي لأزمتهما بوساطة دولية.
ووفق ما ترجمت «شبكة رصد»، اقترحت الصحيفة أنّ تُقدّم ضمانات إلى تركيا بأنّ الأكراد في سوريا لن يتورطوا في أعمال مشينة بالتعاون مع نظرائهم في تركيا، وأن يحترموا حقوق الإنسان ويسمحوا لغيرهم أن يعيشوا وسطهم، وألا يكرروا مع حدث معهم في الشرق الأوسط.
وإذا استمرت الأحوال كما هي عليه حاليًا فالنجاحات المحققة ضد تنظيم الدول في سوريا ستصبح مهددة بشكل كبير، بجانب المخاوف من أن تثير التوترات الأخيرة حربًا أوسع من الدائرة منذ سنوات في سوريا؛ وبات ضروريًا الآن اتّباع الحل الدبلوماسي وتجنيب الاختيار العسكري.
ويرغب الرئيس التركي في طرد الأكراد من عفرين ومنبج، ويهيمن الأكراد (المعرفون بوحدات حماية الشعب) على القوات الديمقراطية السورية، وهي منظمة تتلقى دعمًا وتدريبًا من أميركا، بينما يعتبرهم الأتراك إرهابيين؛ بسبب حزب العمال الكردستاني الذي قاد حربًا انفصالية في تركيا منذ أكثر من 30 عامًا.
وبالرغم من تعقيدات الأميركيين العاملين مع المجموعات الكردية فقرار تركيا منطقي، وتشعر أنقرة بالقلق إزاء التعاون الأميركي الكردي منذ عام 2012؛ بعدما أنشؤوا قوات تمهيدًا لإقامة حكم شبه ذاتي في سوريا، ويريد الأتراك منعهم من ربط الثلاثة جيوب على طول الحدود التركية في دولة واحدة؛ وهو ما يمهّد للكرديين مساعدة إخوانهم الموجودين داخل تركيا.
وعندما أعلنت أميركا إيفاد بعثة عسكرية ملتزمة بالوجود الطويل الأمد في سوريا عبّرت تركيا عن غضبها؛ لكنّ البيت الأبيض رفض الانصياع، وقال إنّ الولايات المتحدة ستخفف من دعم الأكراد فقط. ولإرضاء أنقرة؛ أعطتها واشنطن الضوء الأخضر لهجوم عفرين، مدّعية أنّ الأكراد في هذه المنطقة ليسوا حلفاء لأميركا؛ لكنّ ترامب حذّر من التوغل ناحية منبج، حيث توجد القوات الأميركية.
وهذه الرسائل المختلطة الخارجة من أميركا لا تثير إلا مزيدًا من الإرباك في الأوضاع داخل الأراضي السورية، وتوقف الولايات المتحدة في النصف بين دعم الأكراد أو الأتراك، وتعتبر أميركا أردوغان حليفًا، لكن لا يمكن الاعتماد عليه؛ خاصة وأنه يقترب أكثر من روسيا. لكن، باقتصاد تركيا الكبير وقاعدتها العسكرية الحيوية؛ فالغرب يحتاج إلى الاقتراب منها أكثر.
وفي الوقت نفسه، تحتاج الإدارة الأميركية إلى التعامل مع الأكراد، وافترضت إدارتا ترامب وأوباما أنهما إذا أعطيا أردوغان الحرية لقيادة هجوم على الأكراد فستمتلك أميركا حرية التعامل معهم في سوريا أيضًا. لكنّه هذه الافتراض لم يكن منطقيًا؛ ومكّن إيران وروسيا من أن يكونا أكثر فاعلية فيما يتعلق بهذه القضية تحديدًا.
وطالبت الصحيفة أميركا وحلف الناتو بالضغط على أردوغان لاستئناف محادثات السلام مع الأكراد، ويحتاج الرئيس التركي إلى أن يطمئن بأن بلاده أو الموجودين داخلها من الأكراد لن يتورطوا في الدولة التي يسعون إلى إقامتها داخل سوريا، بينما يحتاج الأكراد إلى الموافقة على الأمان للأقليات المهمشة ولا يحدث مثل ما حدث معهم، والوعد باحترام حقوق الإنسان والسماح لغير الأكراد بأن يعيشوا في منطقتهم وتحت حكمهم.
وفي ظل هذا، يسعى بشار الأسد إلى إعادة تأكيد السيطرة على سوريا، بينما تستمر المناورة الإيرانية الروسية لاكتساب مواضع نفوذ هناك. وفي الوقت نفسه، أعلنت الولايات المتحدة عن وجود عسكري طويل المد، وفي ظل هذه الأوضاع، سوريا وحدها تعاني، في الوقت الذي لا يبدو فيه أيّ من القادة الفاعلين هناك راغبًا في استتقرار بعد سنوات من الحرب الأهلية.