نشرت صحيفة «وول ستريت جورنال» مقالا للمحللة ومؤلفة كتاب عن السعودية كارين إليوت هاوس، تقول فيه إن اهتمام السعودية بالتعاون مع شركة شقيقة لـ«غوغل» يشير إلى جدية ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للإصلاح.
وتستدرك الكاتبة في مقالها، الذي ترجمته «عربي21»، بأن الاقتصاد يظل العقبة أمام رؤيته، فقبل عامين عندما أعلن ولي العهد عن نيته لنقل بلاده من الاعتماد على النفط إلى اقتصاد التنوع، فإن “الأجانب والسعوديين تساءلوا عما إذا كان جادا، أم أنه كان يستمتع بالسلطة”.
وترى إليوت هاوس أن المفاوضات مع «ألفابيت»، وهي إحدى شركات «غوغل»، لبناء مركز تكنولوجي في المملكة، تعد آخر الإشارات على جدية الأمير، مشيرة إلى أن زيارة الأمير المرتقبة للولايات المتحدة في بداية آذار/ مارس، ستكون فرصة أخرى لمبادرات مشابهة.
وتعلق الكاتبة قائلة: «إنه مهما كان الشك حول الأمير الشاب، فلا أحد يجادل في تصميمه لإصلاح بلده، وإخراجها من سبات مضى عليه 30 عاما، الذي بقي يؤدي إلى عدم الاستقرار والفقر، فالتغيير الراديكالي الذي يقوم بفرضه ليس اختيارا، بل هو الخيار الوحيد».
وتفيد الكاتبة بأن «ولي العهد ورث 22 مليون سعودي مدلل، تعودوا على المساعدة الحكومية، ومع انهيار سعر برميل النفط إلى 26 دولارا عام 2016، و70 دولارا الآن، فلم يعد بإمكان الرياض استخدام المسكنات لإرضاء مواطنيها، ولا تنس 10 ملايين عامل أجنبي في المملكة، ولن تكون البلاد بحاجة لهذا العدد الكبير، خاصة أن ابن سلمان يدفع باتجاه الاكتفاء الذاتي».
وتشير إليوت هاوس إلى قائمة من الإصلاحات التي أعلن عنها الأمير في العامين الماضيين، مثل فتح دور السينما، والسماح للمرأة بقيادة السيارة، ومشاهدة المباريات الرياضية، بالإضافة إلى حملة مكافحة الفساد، التي تم فيها سجن عدد من الأمراء ورجال الأعمال، وتقول الحكومة إنها حصلت منها 106 مليارات دولار.
وتعلق الكاتبة قائلة: «هذه أساليب صادمة في بلد تعود على بناء الإجماع بين أفراد العائلة المالكة، لكن الحقيقة هي أن معظم الأمراء البارزين فارقوا الحياة، وعلاوة على هذا كله، فإن أسلوب الحكم فشل منذ 30 عاما، الذي حاول فطم البلد عن عادة الاعتماد على النفط رغم الالتزام بإنهائه».
وتلفت إليوت هاوس إلى أن استقرار المملكة ومنذ إنشائها عام 1932، قام على ثلاثة أعمدة، وهي: وحدة العائلة المالكة، وتعاون المؤسسة الوهابية، والنفط، مشيرة إلى أن ابن سلمان قام بتفكيك كل واحدة من هذه الأسس، من خلال اعتقال أقاربه وإهانتهم، والتأكيد على الإسلام المعتدل، وفرض الضرائب على النفط، الذي كان السعوديون يعدونه حقا لهم منذ الولادة.
وتقول الكاتبة إنها زارت السعودية الشهر الماضي، ولاحظت أن السعوديين يعيشون صدمة التغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ففي أسبوع واحد الشهر الماضي تضاعفت فاتورة الكهرباء والكاز دولارين للجالون، وفرضت ضريبة القيمة الإضافية بنسبة 5%.
وتتحدث إليوت هاوس عن اعتقال النخبة التجارية بالإضافة إلى الشيوخ، لافتة إلى أنها أخافت السعوديين الكبار في العمر، حيث رفض أكثر من شخص تعرفه منذ وقت مقابلتها؛ “بسبب ظروف صحية»، فيما رفض آخرون بأدب.
وتعلق الكاتبة قائلة إن «قاعدة الدعم التي يعتمد عليها الأمير محمد بن سلمان ليست العائلة المالكة، ولا الشيوخ، لكن 70% من السعوديين ممن هم تحت سن الثلاثين من العمر، إنه يلعب لعبة روبن هود جيلية، حيث يأخذ من النخبة التي استفادت ولعقود من موارد النفط، ويحرر الشباب من يد الشيوخ الوهابيين الخانقة لهم، والتي استنزفت كل مبادرة من خلال التحكم في حياتهم».
وتبين إليوت هاوس أن «الأمير يأمل من خلال تحرير الشباب بأنهم سيكونون قادرين على إدارة حياتهم بأنفسهم، وهذه مقامرة شجاعة يظل فيها مستقبل السعودية دون تغير حقيقي مظلما، فالاقتصاد ينمو بوتيرة أبطأ من النمو السكاني، وتتزايد نسبة الاستهلاك المحلي للنفط إلى 6%، وهو توجه يعني عدم توفر أي نفط للتصدير بحلول عام 2030، فيما انكمش الاقتصاد العام الماضي بنسبة 0.5%، ولن يرتفع هذا العام إلا بنسبة 1.8% بحسب صندوق النقد الدولي، رغم توقع الحكومة السعودية نموه بنسبة 2.7%».
وتنوه الكاتبة إلى أنه فيما يتعلق بالبطالة، فإن الأرقام الحكومية الرسمية تشير إلى أنها تقدر بـ 12.7%، لكنها الضعف بالنسبة للشباب ما بين 20- 29 عاما، و33% للنساء في الفئة العمرية ذاتها.
وتفيد إليوت هاوس بأن الأمير يواجه مهمة ضخمة لتحسين الاقتصاد، بالإضافة إلى إيران المهيمنة، ومشكلة مع قطر، وحربا في اليمن.
وتقول الكاتبة إن «السعودية، وإن لم يكن سجلها بشأن حقوق الإنسان كاملا، لكن على الغرب التعامل مع التغيير في السعودية بأنه حقيقي، إلا أن التحدي الأكبر يظل الاقتصاد، وليس من الواضح إن كان الأمير سيحول الاقتصاد بالسرعة الممكنة التي تواكب طموحات الشباب السعودي».
وتختم إليوت هاوس مقالها بالإشارة إلى أن «خطة ابن سلمان تبقى هي الأمل الوحيد للإصلاح والتغيير، وإلا فسيكون البديل هو عراق فوضوي ثان، وبالتالي كارثة على المنطقة».
المصدر: عربي 21
