نشرت صحيفة «فايننشيال تايمز» للكاتب البريطاني «ديفيد جاردنر»، عن احتمالية اندلاع حربا إقليمية كبرى بين إيران وإسرائيل، ستكون ساحتها لبنان وسوريا، مضيفا أنها ستزيد من تعميق التوترات في منطقة الشرق الأوسط، متوقعا أيضا أنها ستكون حربا أكبر فوضى من الحروب الدائرة الآن، مشيرا إلى أن أميركا لن تستطيع وقف تلك الحرب، بل الجانب الروسي والذي طور علاقات مع الجانبين الإسرائيلي والإيراني، لكن يبدو انه لا ميتلك نية لذلك.
ووفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أكد الكاتب، أن هناك سوء تقدير للموقف الإيراني والإسرائيلي، واللذان يعتقدان أن القوة وحدها تكفي، مشيرا إلى أن إسرائيل يتم التلاعب بها من قبل أميركا أما إيران فيواجهها معسكر سني عربي بقيادة السعودية، بجانب رغبات ترامب في تقويض الاتفاق النووي.
وأوضح جاردنر، أن إسقاط طائرة حربية إسرائيلية، بواسطة دفاعات جوية سورية، بعد تصريحات إسرائيلية بإسقاط طائرة دون طيار إيرانية اخترقت المجال الجوي الإسرائيلي، يمثل نوعا من الصواعق التي تشير إلى احتمالية اندلاع حربا إقليمية جديدة، بجانب دوامة الحرب الأهلية السورية،ر إلا أنه عاود التأكيد، على أن أي حرب جديدة بين إسرائيل وإيران وحلفائها، ستبدأ لكن ليس الآن، إلا أنه أكد على وجود العناصر اللازمة لإشعالها فى كافة الاتجاهات.
وعقد الكاتب مقارنة بين الظرف التاريخي الذي أسقطت فيه طائرة إسرائيلية عام 1982، والظرف التاريخي الحالي، مشيرا إلى أنه حينها كانت هناك حربا أهلية دائرة في لبنان حينها، والآن الحرب الأهلية السورية هي الموجودة، مشيرا إلى أن الحكومة الإسرائيلية نفذت ضربات ضد أربعة أهدافا إيرانية داخل العمق السوري، شملت 12 غارة جوية.
وكانت الحرب الأهلية السورية، بدأت بعد ثورات الربيع العربي في 2011، ومن ثم تداخلت الأطراف الإقليمية والدولية من تركيا إلى روسيا إلى أميركا إلى إيران، وغير ذلك يعد الواقع على الأرض متشابكا أكثر وأكثر، لوجود وكلاء عدة كحزب الله، وهو القوة شبه العسكرية اللبنانية التي انبثقت عن غزو إسرائيل للبنان في 1982، وتماشت مع القوات الجوية الروسية في سوريا منذ 2015، وأنقذت السلامة الإقليمية لنظام بشار الأسد، وحمته من الاستسلام للمعارضة المسلحة السنية.
وبعد سبع سنوات، لا يزال الأسد في منصبه ويتمتع بسلطات أكثر من أي وقت مضى، غير أن روسيا وإيران يتمتعان عليه بسلطة اكبر، نظرا لأنهما صاحبتا الفضل في بقائه بمنصبه، حيث تسيطر روسيا على المجال الجوي لغرب إيران، بينما تعمل إيران من خلال الحرس الثوري الإسلامي وحزب الله والمليشيات الشيعية العراقية والأفغانية، على توطيد وجودها على أرض الواقع، كجزء من خطة بناء محور عربي شيعى وجسر بري من جبال زاغروس إلى البحر الأبيض المتوسط، فيما ترى إسرائيل أن هذا أمرا غير مقبول من الناحية الاستراتيجية.
وتعد «إسرائيل» في حربٍ مفتوحة مع حزب الله منذ أكثر من 30 عاما، وتجنب التدخل المباشر في الحرب الأهلية السورية، لكن منذ عام 2013 نفذت إسرائيل أكثر من 100 غارة جوية داخل الأراضي السورية، معللة ذلك باستهداف الأسلحة الإيرانية المرسلة إلى حزب الله، أو ما تصفه بـ«القاعدة الإيرانية»، وهو أمر أيضا عبرت إسرائيل عن رفضها له.
وغير ذلك عبرت «إسرائيل» عن رفضها القاطع، لوجود إيراني عسكري طويل الأمد في سوريا، لأنه سيفتح جبهة جديدة ضدها، جنبا إلى جنب مع الحدود اللبنانية إلى الشمال، وغير ذلك، منذ حرب 2006 الإسرائيلية على لبنان، خاض حزب الله رحلة تطوير، قام خلالها ببناء ترسانته الكبيرة من الصواريخ التي وفرتها له إيران، والتي يمكن أن تصل إلى العمق الإسرائيلي، وهي مخزوانت قالت عنها إسرائيل إنها تتجاوز حد التسامح الاستراتيجي.
ولأن «لعبة الدجاج» تلك على مقربة من الحدود الإسرائيلية، فإن الحرب قادمة، وستتحول سوريا ولبنان إلى ساحة قتال بين إسرائيل وإيران، مؤكدا أنها ستكون حربا أضخم من حيث حجم الفوضى من الموجودة حاليا في سماء وأرض رسوريا، فغير حادث الطائرة السورية، أسقط جهاديون طائرة روسية في إدلب، بجانب تدمير مروحية تركية من قبل المقاتلين الأكراد السوريين، شمال غرب سوريا، موضحا أن كل تلك الحوادث وقعت في أسبوع واحد فقط.
وفي الأسبوع الماضي أيضا، في شرق وادي الفرات، ضربت الغارات الجوية الأمريكية قوة مؤيدة للأسد، تتألف جزئيا من الميليشيات الشيعية الأفغانية والمقاتلين القبليين العرب؛ بحجة تحركها ضد حلفاء الولايات المتحدة الأكراد.
في الوقت الراهن، لا إسرائيل ولا إيران على استعداد لإضافة أضعافا مضاعفة لهذه الفوضى، ويرأس بنيامين نتانياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، ائتلافا قوميا يمينا متطرفا، لكنه كان دائما أكثر عرضة للمخاطرة أكثر حتى من خطابه المحنط، وأضاف الكاتب «النظام الإيراني الذي يسيطر عليه رجال الدين، سيدافع عن نفسه لكنه ربما لا يرغب في المخاطرة بمكاسبه الإقليمية».
وأوضح الكاتب أيضا، أن الجانبين الإسرائيلي والإيراني، لديهما سوء تقدير للموقف الحالي، حيث تعتقد إيران وإسرائيل أن القوة التي يمتلكانها ، فإسرائيل من ناحية، يجري استغلالها من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي يبدو أنه يهدف إلى تقويض الاتفاق النووي الإيراني، الذي وافقت عليه إيران مع ست قوى عالمية في عام 2015؛ ومن ناحية أخرى، فإن إيران يواجهها معسكر سني عربي بقيادة السعودية.
وأكد الكاتب في نهاية مقاله، أن وزير الخارجية الامريكى ريكس تيلرسون، يقوم بجولة فى الشرق الأوسط الأسبوع القادم، ومن المفترض أن يحث إسرائيل على ضبط النفس، لكن روسيا من جهة اخرى، طورت علاقتها مع إسرائيل، برعاية رئيسها قلاديمير بوتين، وهي اللاعب الوحيد الذي يمتلك القدرة على التحدث مع الخصوم في الجانبين، ولو هناك احد يستطيع وقف تلك الحرب فهو الأقدر على ذلك.