سبع سنوات مرّت على ذكرى ثورة خرج فيها الليبيون يوم 17 فبراير 2011 للإطاحة بنظام معمر القذافي، بعد ثورتي مصر وتونس في يناير من العام نفسه؛ لكنّ بروز دور عبدالفتاح السيسي وأبناء زايد حوّلها إلى كابوس، لا سيما بدعمهما قائد المليشيات المناوئة «خليفة حفتر».
وتحلّ ذكرى الثورة وسط حالة الانقسام في ليبيا؛ فبينما تنظم مدن الغرب احتفالات شعبية تستمر لثلاثة أيام، فهذه المضاهر تختفي في مدن الشرق، التي اندلعت منها شرارة الثورة.
وفي هذا الصدد، حمّل نائب رئيس المجلس الوطني الانتقالي السابق «عبدالحفيظ غوقة» التدخلات الإقليمية والدولية المسؤولية في إطالة أمد الأزمة الليبية؛ وكانت البداية بالسيسي، الذي شارك في التدخل الخارجي ورسم خريطة مستقبل ليبيا في أعقاب ثورة فبراير والمساهمة في تأزم الوضع الداخلي. كما تبنّى «الحل العسكري» بدعم إماراتي روسي لـ«حفتر»؛ بينما يعوّل الطرف الآخر في طرابلس على دعم تركي قطري بريطاني.
ودعى «عبدالحفيظ» إلى التمييز بين الخلاف «بين الخصوم السياسيين والجماعات المسلحة مثل القاعدة وأنصار الشريعة والدولة الإسلامية».
دعم حفتر
وقال المحلل السياسي الإماراتي «حسن الدقي»، في تصريح لـ«رصد»، إنّ «الدعم المصري لقوات حفتر نابع من سببين رئيسين: أولهما إجهاض الثورة والسعي لتأمين حدوده الطويلة، بدعم طرف حليف له. والآخر وجود الإخوان المسلمين على رأس السلطة في ليبيا، وهو ما يقلق السيسي؛ لذلك يدعم حفتر لضمان وجود نظام سياسي لا يزعجه أمنيًا».
وأضاف أنّ العالم لا يعتبر السيسي وسيطًا للأزمة؛ بل «يقدّم مصر باعتبارها لعبة قيمة في المنطقة أو أداة في يد من يحارب الثورات في الوطن العربي، كما يستهدف أيضًا الحصول على نفط زهيد الثمن».
وقال «حسن» إنّ للسيسي هدفًا آخر، وهو «تبعيته لدولة الإمارات، التي تسعى إلى وأد الثورة الليبية ضمن مسلسل الثورات المضادة الكارهة للديمقراطية، ومشاركته ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد الكراهية للإسلاميين»؛ لكنّ «غاية ما يمكن أن يفعله السيسي أن يقدم نفسه للغرب سمسارًا للأنشطة القذرة».
وقال السيسي، في مؤتمر صحفي مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بالقاهرة في 2016، إنّه يدعم «الجيش الوطني الليبي»، الذي يقوده قائد محاولة الانقلاب «حفتر» ومستعد لتدريبه ودعمه وتقديم المزيد والعمل على رفع الحظر عن تسليحه؛ لأنّه يرى البديل السلبي لتخليه عن دعم حفتر «قيام دول أخرى بذلك»؛ في إشارة إلى تدخلات عسكرية من دول أخرى. أيضًا، قال إنّه يدعم حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج بتشكيلتها الحالية؛
من جهتهم، احتجز ثوار «فجر ليبيا» في 2014 طائرة إماراتية بمطار «غات» جنوبًا، وحققوا مع طاقمها وسبعة إماراتيين بعدما تبيّن أنّها محملة بالذخيرة وجاءت لدعم مليشيات تابعة لـ«حفتر» في مدينة أوباري، التي تحاصر فيها «فجر ليبيا» المليشيات؛ ثم ادّعت السلطات الإماراتية أنها «طائرة إغاثة لا تحمل أسلحة».
وقالت مصادر ليبية حينها إنّ «الإمارات عرضت مائتي مليون دولار على شخصية ليبية مسؤولة للسماح بالطائرة بالعودة وإطلاق سراح طاقمها؛ لكنّها لا تزال محتجزة في قبضة القوة الثالثة لرئاسة أركان الجيش الليبي»، وأضافوا أنّ «طائرة إماراتية أخرى جاءت للغرض ذاته ثم غادرت المطار بعد التفاوض».