أثار طول مدة زيارة وفد حماس للعاصمة المصرية القاهرة ووصولها إلى اليوم التاسع (السبت) تساؤلات عن طبيعة الملفات التي ناقشها مع المسؤولين المصريين وموعد عودته إلى غزة؛ خاصة مع أنباء الضغط عليه ليقدّم تنازلات تتعلق بملف المصالحة وغيره.
وفي التاسع من فبراير الجاري غادر وفد من حماس قطاع غزة متوجهًا إلى القاهرة عبر معبر رفح البري، يضم رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية والأعضاء خليل الحية وروحي مشتهى وفتحي حماد؛ للقاء مسؤولين مصريين ضمن ترتيبات مسبقة في التشاور مع مصر للتخفيف من حدة الوضع الإنساني في قطاع غزة، وبحث ملفي المصالحة وأمن الحدود.
ونقلت صحيفة «ميديابار» الفرنسية عن مسؤولين مصريين قولهم إنّ المطلب الأساسي للزيارة كان تسليم الجباية الداخلية لحكومة الوفاق؛ لتجنيب القطاع عقوبات إضافية من رئيس السلطة محمود عباس. مضيفة أنّ «وفد حماس في القاهرة، برئاسة إسماعيل هنية، تعرّض إلى ضغوط وابتزازات كبرى من جهاز المخابرات، بينها منعه من جولة خارجية في المنطقة وعجز تأمين عودتهم إلى غزة».
وبالتزامن مع ذلك، قال القيادي في «حماس» موسى أبو مرزوق إنّ أيّ مشروع لن يمر ما دام يرفضه الشعب الفلسطيني، الذي توحّد على برنامج المقاومة. وأضاف على حسابه بـ«تويتر» أنه «رغم كل محاولات إلغاء الهوية بالتهجير والتجنيس، والضغط والملاحقة للمجاهدين والمقاومين، وإشغال اللاجئين بلقمة عيشهم وتعليم أبنائهم، والحصار والتضييق على من يكسر المعادلة؛ تخرج عهد وأجيال تفاجئهم».
لن يمر أي مشروع مادام الشعب الفلسطيني يرفضه، وما توحد شعبنا على برنامج سوى المقاومة، ورغم كل محاولات الغاء الهوية بالتهجير والتجنيس، والضغط والملاحقة للمجاهدين والمقاومين، وإشغال اللاجئين بلقمة عيشهم وتعليم أبنائهم، والحصار ولتضيق على من يكسر المعادلة، تخرج عهد وأجيال تفاجئهم.
— د. موسى أبو مرزوق (@mosa_abumarzook) February 17, 2018
لكنّ القيادي بـ«حماس» غازي حمد نفى وجود ضغط على وفد الحركة في القاهرة، وقال في حديثه لـ«عربي21» إنّ القضايا المطروحة والمعلنة للنقاش بين الوفد والجانب المصري، سواء في ملف المصالحة أو أمن الحدود أو القضايا السياسية الأخرى، لا يلزمها «ضغط» أو أي ممارسات غير طبيعية؛ لأنه لا يمكن لشيء أن يمر على قيادة حماس تحت الضغط أو الابتزاز أو «الحشر في الزاوية».
وقاد حمد الاتصالات والتنسيق بين حماس والمسؤولين المصريين وقتًا، وأضاف أنّ «مصر تفهم موقفنا جيدًا، وحماس طرحت رؤيتها بشكل تفصيلي بشأن دعمها للمصالحة، ومرونتها اللامحدودة في سبيل تحقيقها، وتبنيها لرعاية الدور المصري، إضافة إلى موقفها الحاسم في الحفاظ على الحدود، ووقف كل أشكال التسلل والمسّ بالأمن القومي المصري»؛ و«لذلك حماس واضحة، ولا تحتاج لممارسة التفاف أو أي نوع من الضغوط عليها».
وعن تعثّر المصالحة قال إنّ «المصريين وعدوا بأن يكثّفوا الجهود لدعمها وتطبيقها على الأرض، ودفع الطرفين للالتزام بكل بنود ما اتفق عليه، وصرحوا بأنهم سيرسلون وفدا أمنيا لمتابعة هذا الملف، وحماس لديها أمل وثقة بفعالية الدور المصري».
أهداف الوفد
من جهته، قال المحلل السياسي طلال عوكل إنّ زيارة وفد حماس للقاهرة لها هدفان رئيسان: الأول متعلق بالمصالحة المتعثرة، وغياب أي أفق لتحريكها في ظل حالة الجمود والادعاءات المتضاربة بين فتح حماس لتمكين الحكومة في غزة؛ فهناك حاجة لعودة الدور المصري مرة أخرى، و«واضح أنّ مصر تحاول مسبقًا مع أطراف المصالحة قبل مجيء وفدها لقطاع غزة؛ حتى لا تواجه الفشل مرة أخرى؛ ولهذا يوجد وفد حماس في القاهرة».
أما الهدف الآخر فهو متعلق بأمن الحدود وضبطها بين قطاع غزة وسيناء، والتأكد من دور حماس في التعاون مع مصر؛ خاصة مع بدء حملة الجيش هناك.
وأضاف أنّ حماس تبحث اختيارات أخرى إذا فشلت المصالحة، كاللقاءات الجانبية لوفدها في القاهرة مع تيار القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان؛ و«بغض النظر عن حسابات كل طرف وتضاربها بين الطرفين، ليس هناك اختيار آخر سوى المصالحة، وهو إجباري؛ خاصة مع غياب أي أفق، سواء في السلم وغياب الراعي الدولي للمفاوضات، إلى جانب وجود قناعة أن المقاومة لا يوجد أمامها أفق لتحقيق إنجازات».