شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

أسرار صفقة الغاز بين مصر والاحتلال الإسرائيلي

حقل ليفياثان

فتحت صفقة الغاز المبرمة بين شركتي «نوبل» الأميركية و«ديليك» للحفر مع «دولفينوس» المصرية للطاقة التي يترأسها رجل الأعمال علاء عرفة المقرب من نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، بابًا من التساؤلات عن تفاصيل سياسية في خلفياتها أعمق من الآثار والاعتبارات الاقتصادية التي تحدّثت عنها وزارة البترول وعبدالفتاح السيسي وأذرعه الإعلامية للدفاع عن الصفقة التي تُقدّر بنحو 15 مليار دولار.

ووجّه السيسي رسالة إلى المصريين عن إجراءات صفقة الغاز الطبيعي مع «إسرائيل»، أثناء افتتاح مراكز خدمات المستثمرين بوزارة الاستثمار والتعاون الدولي اليوم، قائلًا: «إحنا جبنا جون يا مصريين في موضوع الغاز، والنهارده مصر حطّت رجلها على طريق إنها تبقى مركز إقليمي للطاقة في المنطقة، وبقالي أربع سنين بحلم بالموضوع ده، وهذا ستكون له إيجابيات كبيرة جدا».

وأضاف: «الناس تبقى مطّمنة إن اللي عملناه كدولة أتاح الفرصة لمصر تتبوأ المكان ده فى مجال الغاز»، وأنّ «أرخص تكلفة أو عائد للغاز الطبيعي أن تستخدم الغاز كمصدر طاقة في السيارات أو المنازل»، متابعًا: «الاستخدام الأفضل للغاز اقتصاديًا إنك تعمل قيمة مضافة، كمصانع سماد وبتروكيماويات؛ وكل ما تتقدم هذه الصناعة العائد يتعاظم».

أكذوبة حقل ظهر

وعن الصفقة، قال الدكتور نائل شافعي، خبير الاتصالات والمعرفة: «هذا ما أحذّر منه منذ 2010، بلا تجاوب من الشعب أو من الثوريين (جميع قوى 25 يناير) أو من الحكومة. أرجو أن تكونوا عرفتم الغرض من الترويج لأكذوبة حقل ظهر؛ فهي مجرد خلط للأوراق لإخفاء الاستيراد وصفقة القرن».

ترسيخ للعلاقة الدافئة

رأى خبراء أنّ العقد النفطي غير المسبوق، المتزامن مع مرور 40 عامًا على اتفاق «كامب ديفيد»، يربط الأمن النفطي لمائة مليون مصري بدولة الاحتلال؛ والأخطر أن توقيعه ينمّ عن تعاطي الإدارة المصرية السياسية، ومن خلفها شركة «دولفينوس» المصرية المقربة من السلطة، مع الاحتلال «حليفًا استراتيجيًا»، أو على الأقل كطرف يؤتمن جانبه؛ وهو ما يترجم ما وصلت إليه العلاقات بينهما في ظل رئاسة عبدالفتاح السيسي.

ومنذ انقلاب السيسي على الدكتور محمد مرسي وإزاحته من الانقلاب؛ بلغ أقصى درجات التطبيع مع «إسرائيل» منذ توقيع «معاهدة السلام» قبل 40 عامًا، لكن مع إخفاء تفاصيل المفاوضات السرية معها؛ قبل أن تحقق لـ«إسرائيل» مبتغاها بتصدير الغاز الفائض عن حاجتها ومستحيل التصرف فيه بالتصدير إلى دول أخرى كتركيا أو قبرص؛ بسبب عراقيل تقنية تجعل التصدير لمصر هو الحل الملائم اقتصاديًا.

صراع حقول الغاز والحدود البحرية

ما يخفيه نظام السيسي يبدأ من تفاصيل ما جرى بين مصر وقبرص و«إسرائيل» أواخر عهد مبارك، قبل ثورة 25 يناير 2011، تحديدًا منذ عام 2004 عندما رُسّمت الحدود البحرية بين مصر وقبرص وتقاسم المياه الاقتصادية بين البلدين بالتساوي.

وسمحت هذه الاتفاقية لقبرص و«إسرائيل» بالمسارعة لاستغلال حقول غاز طبيعية عملاقة في مناطق تؤكد تقارير جغرافية وملاحية مصرية وأميركية أنّ النقاط الحدودية للدول الثلاث «تتداخل فيها بما لا يعطي حق الملكية المطلقة لأي طرف».

حقل ليفياثان

وبعدما رسّمت منطقتها الاقتصادية مع قبرص دون الاعتداد بحق مصر في مراجعة ذلك، وسارعت «إسرائيل» إلى إعلان اكتشاف حقل ليفياثان العملاق شرق المتوسط (المصدر الرئيس لتصدير الغاز اليوم إلى مصر)؛ على الرغم من ابتعاده مسافة 235 كيلومترًا عن آخر نقطة ساحلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة (حيفا)، وابتعاده 190 كيلومترًا فقط عن ساحل «رأس البر» المصرية، وفقًا لدراسات أجراها الباحثان المصريان خالد عودة ونائل الشافعي.

هذه الدراسات كانت محل دعوى قضائية أقامها الدبلوماسي المصري السابق إبراهيم يسري أمام القضاء المصري عام 2012 لإلزام رئيس الجمهورية المنتخب آنذاك محمد مرسي بإعادة دراسة الاتفاقية الموقعة مع قبرص، وإبلاغ الهيئات الأممية بتعدّي «إسرائيل» على المياه الاقتصادية المصرية.

كما سبق واستفادت شركات بإجراء أنشطة استكشافية في المنطقة من استمرار تبعية مناطق بعينها لقبرص و«إسرائيل»؛ على الرغم من قربها أكثر للشواطئ المصرية، إضافة إلى اعتمادها على حدود افتراضية غير معترف بها دوليًا للمياه الإقليمية الإسرائيلية؛ وهو ما دفع مجلس الشورى (ذو الأغلبية الإسلامية) في مارس 2013 لتبنّي مشروع مبدئي لإلغاء الاتفاقية أو تعديلها لتأمين المصالح المصرية.

لكنّ المشروع البرلماني بإلغاء الاتفاقية ذهب أدراج الرياح بعد الإطاحة بحكم مرسي بانقلاب عسكري؛ ليبدأ السيسي سياسة جديدة انسجامية مع «إسرائيل» وقبرص واليونان، تماديًا في الخصومة مع تركيا، وبدأ فور عزل مرسي محادثات جادة لإغلاق ملف الحدود البحرية مع قبرص، بخلاف ما كان يرغبه مبارك برؤيته تأجيل حسم ملف الحدود وتقاسم ثروات المتوسط في المناطق المتشابكة في المتوسط لحين تسوية النزاعات التركية اليونانية من جهة، وتجنّب التورط في الاعتراف بحدود المياه الإقليمية المزعومة لـ«إسرائيل» من جهة أخرى.

وكانت «إسرائيل» على رأس الدول المرحبة والداعمة لخطوة ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص، لتكريس سيطرتها الفعلية على حقول الغاز والعلامات المتداخلة في عمق المتوسط نتيجة أسبقية ترسيم المناطق الاقتصادية بين قبرص و«إسرائيل»، وأيضًا لأنّ إغلاق هذا الملف يقرب أكثر من أيّ وقت مضى خطوة ترسيم الحدود البحرية بين مصر و«إسرائيل»، أو على الأقل الاتفاق على حدود المناطق الاقتصادية بينهما.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023