شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

محلل لـ«ناشيونال إنتريست»: ثلاث حجج لتدخل أميركا في الشرق الأوسط.. وأفضل حلول لها

قوات أميركية في سوريا - أرشيفية

منذ نهاية الحرب الباردة، تحمّلت أميركا تكاليف بديهية نتيجة سياستها في الشرق الأوسط؛ فقتل الآلاف من جنودها وأصيب مئات آلاف آخرون، وأنفقت أكثر من 5.6 تريليونات دولار. فهل المنطقة تهمها كثيرًا فعلًا؟

يسعى المتخصص في النزاعات الدولية بجامعة بروكسل «أليكس مور» إلى الإجابة عن هذا التساؤل في مقاله بصحيفة «ناشيونال إنتريست» وترجمته «شبكة رصد»، ويرى أنّ أميركا منذ توطيد هيمنتها على النصف الغربي من الكرة الأرضية في مطلع القرن العشرين ولها مصلحة حيوية في إخفاء أي منافس لها في نطاق نفوذها.

ثلاث حجج أميركية

وحاولت على مدى سنوات كثيرة الحفاظ على الوضع القائم، واعتمدت هيمنتها في منطقة الخليج في المقاوم الأول على وجود النفط والموارد الهيدروكربونية؛ ما مهّد لها الاحتفاظ بالهيمنة على أسواق الطاقة العالمية، وفي المقابل حافظت على أمن الخليج.

لكنّ هذا الادعاء يستحق التمحيص أكثر؛ فوجود أميركا في الخليج يتعلق بالازدهار أولًا وأخيرًا قبل الأمن؛ وهو ما يفسره الصعود السريع للصين بعد روسيا في مدة الحرب الباردة، كما إن الارتفاع السريع للاحتياطي الأميركي النفطي وانخفاض أسعاره إلى ما دون الـ30 دولارًا للبرميل في 2016 خفّض من حجة وجودها في الخليج بسبب النفط، وتطوّرت هذه الاحتياطات لدرجة أنّ كمية المعروض من منظمة الأوبك لن تؤثر فيها.

الحجة الثالثة: النفوذ الإيراني. ودافعت أميركا طوال السنوات الماضية بأنّ إيران وحش إقليمي مهدد سيستعيد السيطرة على شبه الجزيرة العربية، أو على الأقل ستتدخل بحرية في مضيق هرمز، بالرغم من أنها لم تبد ميلا إلى ذلك؛ لكنّ حجة أميركا تجاهلت إلى حدٍ كبير أنّ القوة العسكرية لدول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة أكبر بكثير من القوة الإيرانية، خاصة وأنّ هناك دولًا أخرى في الشرق الأوسط كمصر و«إسرائيل» منحازة ضد إيران.

مقارنة عسكرية

والسعودية وحدها -على سبيل المثال- تنفق على الدفاعات العسكرية خمس مرات أكثر مما تنفقه إيران، وتضاعف «الإمارات» أيضًا من نفقاتها أكثر من طهران. وفي الوقت الذي تعتمد فيه إيران على أسلحة معظمها قديم ومن مدة الشاه، فالدول الخليجية تعتمد على أسلحة حديثة ومتقدمة غربية؛ مثل طائرات «إف 16» ودبابات «أبرامز» وطائرات «بريداتور» دون طيار وأنظمة دفاع صاروخية متطورة.

وبخصوص الأسلحة النووية، فإيران ليست وحدها التي تمتلك رادعًا نوويًا؛ فـ«إسرائيل» أيضًا تمتلك، كما أن إيران معرضة للخطر نفسه إذا اطلقت صواريخ باليستية نووية وبالمثل «إسرائيل»؛ ما جعل طهران تقيم أوضاعًا دفاعية يراها الجميع من حقها، وهذا وضع دفاعي طبيعي ضد تهديدات محتملة؛ لذا حجة الوجود الأميركي بسبب طهران لا أساس لها؛ خاصة وأنها تظهر وكأنها ضد مصالحها الأمنية المشروعة.

وغير ذلك، فالطرفان في الشرق الأوسط اللذان تتداخل معهما سياسات أميركا «الخليج وإيران» يمتلكان قوة الردع نفسها. لكن، في كل الأحوال، ليس لأي منهما أي مشروعية على الآخر؛ ما يجعل من أي تهور عسكري مكلفًا للغاية؛ لذا من الحكمة أن تتبنى أميركا نهجًا استراتيجيًا بعيدًا عن هذه المنطقة، وأن تسمح للجهات المحلية بأن توازن القوى هناك؛ ومن شأن ذلك أن يوفّر لأميركا ثورة كبرى، ويسمح لها بالتحرر من الالتزام الاستراتيجي الذي لا يضيف لها شيئًا.

دافع لـ«الإرهاب»

بالإضافة إلى ذلك، الوجود الأميركي المستمر في دول الشرق الأوسط يلهب المشاعر المعادية للهيمنة والإمبريالية الأميركية وقيمها الديمقراطية؛ وهو أمر يستطيع «الإرهابيون» استغلاله بشكل جيد.

وفيما يتعلق بـ«الإرهاب»، وهو الدافع الأول للتحرك الأميركي الحالي في المنطقة، فأميركا تنفق أموالًا كثيرة لمكافحته؛ بزعم تهديده لحياة الأميركيين، وهذا بعيد عن الصحة؛ فمنذ عام 1970 ونسبة مقتل أميركي واحد في هجوم إرهابي منخفضة للغاية وتكاد لا تذكر. وبالرغم من أنّ هجمات «11 سبتمبر» أودت بحياة المئات منهم؛ فهذه حادثة استثنائية، يمكن تصنيفها ضمن الحوادث الطبيعية كضربات البرق أو الغرق في أحواض الاستحمام أو تسونامي.

وبالرغم من هذه الحقائق، ما زالت أميركا تنفق قرابة المائة مليار سنويا، إلى جانب الكلفة البشرية من أرواح الأميركيين، لمكافحة تهديد ضئيل للغاية يشكله الجهاديون كجزء من حربها ضد الإرهاب العالمي. وبالرغم من أنّ الواقع يخبر صناع القرارات في أميركا بأنّ الإرهاب يمثّل تهديدًا ضئيلًا لأرواح الأميركيين ومصالحهم الجيوستراتيجية، فالحروب التي اندلعت بعد أحداث 11 سبتمبر كلفتها كثيرًا ولم تأت بنتائج مرجوة، وجاءت في كثير من الأحيان بنتائج عكسية.

وكما يقول «تريفور ثيرل»، من معهد كاتو وإيريك جوبنر، فالحرب الأميركية ضد الإرهاب ساعدت الإرهابيين دعائيًا وعززت صفوفهم، كما كشفت استطلاعات الرأي الحديثة؛ ومكّنتهم من إلحاق أضرار بالغة وجسيمة بأميركا.

في النهاية، سيكون من الحكمة لأميركا التعامل بجدية مع مسألة وجودها في الشرق الأوسط، وما إذا كان يخدم مصالحها أم لا؛ وهي نتيجة لن تأتي بتنائج أسوأ مما جاءت به نتائج سياساتها المتداخلة. وبالرغم من المخاوف المتجذرة، فالإرهاب لا يشكّل تهديدًا فعليًا لنا؛ ومن المهم أن تتحرك أميركا خارجًا بشيء من الحكمة، وأن تتوقف عن حربها ضد الإرهاب، وأن تستثمر في القدرات الدفاعية.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023