شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

كاتب لـ«ميدل إيست مونيتور»: هكذا أفشل ترامب صفقة القرن قبل خروجها للنور

ترامب ونتنياهو

كان مفترضًا أن يكون إعلان القدس عاصمة لـ«إسرائيل» جزءًا من الخطة الرئيسة لدونالد ترامب، لكنه ضرب «صفقة القرن»، ومن دون رغبة المجتمع الدولي؛ أصبح بمثابة فشل للصفقة قبل إعلانها.

هذا ما يراه الكاتب «نسيم أحمد» في مقاله بصحيفة «ميدل إيست مونيتور» وترجمته «شبكة رصد»، مضيفًا أنّ ما فعله ترامب أشبه باختطاف القدس من على الطاولة؛ لفشل الطرفين في تجاوز قضيتها أثناء مفاوضاتهم، وبقراره شجّع الأفراد الأكثر تطرفًا ورجعية داخل «إسرائيل» على تخريب النشاط السياسي، إضافة إلى تسببه في استبعاد أميركا وسيطًا نزيهًا من السلام.

وكان الإسرائيليون يعتبرون قرار ترامب بمثابة الدليل النهائي على تشريع الاستيطان الإسرائيلي واستمراره، واستقبل القرار في تل أبيب باتخاذ تدابير واسعة للسيطرة على المدينة المقدسة بمباركة أميركا، وسرعان ما بدأ أعضاء متشددون في الكنيست الإسرائيلي تأمين السيطرة على مدينة القدس؛ عبر سنّ قوانين جديدة من شأنها أن تدمر أيّ فرصة لإحياء السلام.

وتحرّك حزب «الليكود» الحاكم في «إسرائيل»، وهو يميني متطرف، بإصدار قرار بضم أجزاء من الضفة الغربية رسميًا للدولة اليهودية، والسماح ببناء مستوطنات جديدة بشكل غير محدود وبطرق غير قانونية.

ولا يفرق ترامب كثيرًا عن حزب الليكود، الذي صوّت على قرار بـ«بعد خمسين عامًا من تحرير يهودا والسامرة، ومعهما القدس، عاصمتنا الأبدية، تدعو الأمانة المركزية لحزب الليكود أعضاءها إلى التصويت على قرار يسمح بالبناء دون عوائق وتوسيع القانون والسيادة الإسرائيلية على جميع المستوطنات المحررة في يهودا والسامرة».

والاحتلال والضم الاحتلالي للأراضي الفلسطينية يسبقان وجود ترامب بعقود؛ فطوال مدة احتلال «إسرائيل» للقدس، التي استمرت 70 عامًا، تبنّت سياسات وإجراءات لتغيير أوضاعها وطبيعتها الدينية والديموجرافية؛ وهو ما يمكن وصفه بـ«شكل من أشكال الإبادة الثقافية والتطهير العرقي للفلسطينيين»، وأصبح ترامب بقراره أكثر تطرفًا منهم، وتأكيدًا إضافيًا على أنّ المتطرفين اليهود أصبحوا يسيطرون على القدس بشكل رسمي، وفقًا لقوانينهم.

وحاول ترامب اللعب على القاعدة المسيحية المحلية، لكنّ إيماءاته وإشاراته المنحازة للمتطرفين الإسرائيليين أضعفت الوجود المسيحي في القدس؛ لذا ابتعدوا عنه ولم يصدقوه. وبعد أسابيع من قراره، أصدر قادة كنيسة القيامة في القدس بيانًا نددوا فيه بـ«الهجوم المنظم وغير المسبوق ضد المسيحيين داخل الأراضي المقدسة»؛ بعد قرار «إسرائيل» بفرض ضرائب عليها، كما اعتقل مسيحيون لرفع العلم الفلسطيني في القدس.

وغير ما سبق، أثار قرار ترامب توابع سياسية على المستوى العالمي، وشكّل معارضة لقراره بإعلان القدس عاصمة لـ«إسرائيل»، ومرّرت الأمم المتحدة فورًا قرارين يدينان قرار ترامب، وأصبح ترامب في عيون المجتمع الدولي «كارثيًا للسلام الفلسطينية الإسرائيلية». ولم يتعارض القرار فقط مع الأعراف والقوانين الدولية، وإنما دمّر أيضًا أيّ أمل قائمًا على حل الدولتين؛ عبر «اختطافه القدس من على طاولة المفاوضات»، وكأنه يقول للفلسطينيين: «لم يكن هناك اتفاق ولن يكون».

ومثّلت القدس طوال السنوات الماضية نقطة رئيسة شائكة في المفاوضات، وتقرّر إرجاء مصيرها للمفاوضات المستقبلية بجانب قضايا اللاجئين والحدود والمستوطنات. ولأنّ القدس تتمتع برمزية أكبر وأعمق للقضية الفلسطينية، فسحبها من طاولة المفاوضات الطريقة الأكثر فاعلية في تفكيك الإطار الذي يحكم الأنشطة السياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وأخيرًا، يعني قرار ترامب أنّ أميركا التي تولّت رئاسة المفاوضات طوال المدد السابقة قضت على دورها وسيطًا نزيهًا بين الأطراف المتصارعة؛ وهو ما اتضح جليًا في مطالبة السلطة الفلسطينية للاتحاد الأوروبي بضرورة التدخل وأداء دور أكبر في «السلام»؛ للقضاء على «التفرد والاحتكار» الأميركي له، ودعمت المبادرة مجموعات فلسطينية.

فهل كان يجول برأس ترامب شيء آخر عندما تحدث عن صفقة القرن؟ وهل ما زالت قضية القدس محورية في مسألة حل الدولتين؟ ولماذا قرر ترامب توجيه ضربة كهذه؟

ربما تكون للقرار علاقة كبرى باختلاف الرؤى داخل الإدارة الأميركية بين الرافضين لـ«إسرائيل» والمنحازين بشدة إليها. ووفقا لما نشره مايكول وولف، مؤلف كتاب «النار والغضب»، يبدو أن الرئيس الأميركي متوافق تمامًا مع اليمين الإسرائيلي.

لذا؛ اتخذ ترامب قرارًا كهذا، مضيفًا أنّ إدارة ترامب تدعم بشكل كامل الخطة التي اقترحها الإسرائيليون اليمينيون المتطرفون وتقضي باعتبار القدس عاصمتهم الأبدية.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023