قالت صحيفة «الديلي ميل» البريطانية اليوم الأربعاء إنّ ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان ونظيره الإماراتي محمد بن زايد كانا وراء إقالة وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون.
وعلم تيلرسون بإقالته بعدما غرَّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بذلك على «تويتر» في 13 مارس الجاري.
Mike Pompeo, Director of the CIA, will become our new Secretary of State. He will do a fantastic job! Thank you to Rex Tillerson for his service! Gina Haspel will become the new Director of the CIA, and the first woman so chosen. Congratulations to all!
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) March 13, 2018
وقالت الصحيفة البريطانية إنّ ابن سلمان، الذي زار ترامب في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض أمس الثلاثاء، قال لأصدقائه إنَّه عقد اتفاقًا أثناء اجتماعاته مع صهر ترامب «جاريد كوشنر» العام الماضي (2017) يُقال بموجبه تيلرسون من منصبه.
وزار جاريد السعودية سرًا العام الماضي قبيل أيام من اعتقال محمد بن سلمان أعضاء من الأسرة الملكية.
دور سعودي إماراتي
ونقلت الصحيفة عن مصدر مقرب من ولي العهد السعودي أنَّ «محمد بن سلمان يدَّعي أنَّ إقالة تيلرسون كانت أحد مطالبه من ترامب، قدَّمه عبر جاريد لتنفيذه قبل زيارته أميركا؛ ويبدو أنَّه حصل على ما أراد»، وكان «متحمسًا للغاية لإقالة تيلرسون».
وكان تيلرسون مؤيدًا لاتفاقٍ نووي مع إيران وكبح برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات؛ ما أثار فزع عدوَّي إيران (السعودية والإمارات)، إضافة إلى دفعه باتجاه إنهاء الحصار البري والبحري والجوي لدولة قطر، لادعائيهما أنَّها ترعى الإرهاب؛ بينما تنفي قطر ذلك دومًا.
وقال المصدر للصحيفة البريطانية: «غَضِبَ محمد بن زايد من ذهاب تيلرسون إلى الدوحة وإصداره ذلك البيان. وكل مرة يريدون فيها اتخاذ إجراء عدواني، كان تيلرسون يُهدِّئ الأمور؛ لأنَّه يُفكِّر كرجل أعمال إصلاحي يدير شركة للنفط، وليس كجنرال في الجيش».
وأضاف: «تمكَّن (تيلرسون) من إقناع وزير الدفاع الأميركي، جيمس ماتيس، بوجهة نظره، المتمثلة في عدم السماح لمحمد بن سلمان ومحمد بن زايد بالسيطرة على البيت الأبيض عبر كوشنر. وأخاف ذلك محمد بن زايد؛ لذا حاولا القيام بكل ما في مقدورهما لجعل كوشنر ينقل الرسالة، التي مفادها أنَّ تيلرسون يجب أن يُقال».
كما نقلت الصحيفة عن مصدر سعودي ثانٍ بالقصر: «نعلم أنَّ الإمارات والسعودية رغبتا في التخلص منه لأنهما لم يتمكَّنا من التلاعب به حين تعلَّق الأمر بقطر. كان يدرك حقيقتيهما».
فرحة ابن زايد
لكنَّ محمد بن سلمان ليس القائد العربي الوحيد الذي يَنسب الفضل لنفسه في إقالة تيلرسون؛ إذ ذكرت الصحيفة أنّ الحاكم الفعلي للإمارات محمد بن زايد، الذي يُنظَر إليه في الدوائر الدبلوماسية باعتباره مرشدًا أو ناصحًا لمحمد بن سلمان (32 عامًا)، لدائرته المُقرَّبة عن «فرحه»؛ لكونه المسؤول عن استبدال وزير الخارجية.
وقال مصدرٌ مُقرَّبٌ منه إنَّ «محمد بن زايد يُعبِّر عن فرحته لكل عضو من عائلات الخليج الحاكمة لكونه العقل المدبر لإقالة تيلرسون».
وغرَّد عبدالخالق عبدالله، المستشار السياسي لمحمد بن زايد والمقيم بدبي، بعد إقالة تيلرسون، مُلمِّحاً إلى تورط الإمارات في الأمر، وكتب: «التاريخ سيذكر أنَّ دولة خليجية كان لها دورٌ ما في طرد وزير خارجية دولى عظمى».
التاريخ سيذكر ان دولة خليجية كان لها دور ما في طرد وزير خارجية دولة عظمى وهذا قليل من كثير. pic.twitter.com/QEnyKe73av
— Abdulkhaleq Abdulla (@Abdulkhaleq_UAE) March 13, 2018
وبحسب الصحيفة البريطانية فإن مصدرٌ مُقرَّبٌ من حمد المزروعي، مدير مخابرات محمد بن زايد الفعلي، قال إنَّ المزروعي كان يُعبِّر هو الآخر عن فرحته بالإقالة، مضيفا أنَّ «حمد المزروعي كان يقول لنا: زعيمنا أقال تيلرسون. وكان يتباهى بالأمر، وقال: إن كنا أقلْنا وزير خارجية الولايات المتحدة بهذه السرعة، فبإمكاننا فعل أي شيء».
وتابع المصدر: «أُقيل تيلرسون بفضل الجهود الكبيرة التي بذلها محمد بن زايد. أمَّا محمد بن سلمان، فأضاف اللمسة الأخيرة وحسب.»
المال الإماراتي
وبحسب الرسائل التي حصلت عليها «بي بي سي»، أن الملياردير الأميركي المرتبط بعلاقات واسعة مع الإمارات والممول الرئيسي للحملة الانتخابية للرئيس الأميركي، «إليوت برويدي»، التقى بـ«ترامب»، في أكتوبر 2017، وحثه على إقالة «تيلرسون».
وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، كشفت أن الإمارات استخدمت المال للتأثير على إدارة «ترامب» وسعت لإقالة «تيلرسون».
ووفقا لمذكرة أعدها «برويدي» كشفت عنها التسريبات، فإنه حث «ترامب» على مواصلة دعم حلفاء الولايات المتحدة في الإمارات والسعودية، ونصح الرئيس الأميركي بالوقوف في صف دول الحصار ضد قطر.
ووصف «برويدي» قطر بأنها «قناة تلفزيونية لها دولة»، في إشارة إلى فضائية «الجزيرة»، كما اقتراح أن يجلس الرئيس الأميركي مع ولي عهد أبوظبي «محمد بن زايد آل نهيان».
وقالت هيئة الإذاعة البريطانية، إنّ شركة «سيركينوس» التي يملكها «برويدي»، حصلت في وقت سابق على عقود تقدر قيمتها بمئات الملايين من الدولارات من دولة الإمارات العربية المتحدة.
وقد سلَّم تيلرسون بالفعل السلطات كافة إلى نائبه، لكنَّه سيبقى وزيرًا اسمًا فقط حتى نهاية مارس الجاري.