شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

كاتب لـ«فايننشيال تايمز»: السيسي خرّب السياسة المصرية لعقود

بعد سبع سنوات من الثورة المصرية، التي تخيّل العالم أنها ستنهي ستة عقود من الحكم العسكري القمعي، لا تزال مصر ذات المائة مليون نسمة عالقة بين مخالب الاستبداد؛ وستسفر الانتخابات الجارية هذا الأسبوع عن فوزٍ ثانٍ لعبدالفتاح السيسي، الضابط العسكري الذي باع وهم الاستقرار للمصريين وسط منطقة تحترق، في ظل انعدام الاختيارات أمامهم.

هذا ما يراه الكاتب البريطاني «ديفيد جاردنر» في مقاله بـ«فايننشيال تايمز» وترجمته «شبكة رصد»؛ مؤكدًا أنّ السيسي وصل إلى الحكم على ظهر دبابة في انقلاب عسكري عام 2013، بعدما أطاح بحكومة الإخوان المسلمين، وشرع في قمع الاحتجاجات الجماهيرية، وحظر جماعة الإخوان، وعلق المشانق للمعترضين، وسجن الليبراليين واليساريين الذين عارضوا مبارك والإخوان.

وفي 2014، كانت شعبية السيسي في موضع شك، وبعد أربع سنوات من الإرهاب والصعوبات الاقتصادية كان من الاستحالة فوز السيسي في انتخابات حرة ونزيهة؛ لذا شرع النظام المصري في قمع وسائل الإعلام المعارضة، وأوفد مبعوثين إلى الخارج لنقل رسالة النظام للعالم، وأجرى حملة تسويقية واسعة النطاق، وامتلأت الشوارع باللافتات والصورة المؤيدة للسيسي.

لافتة لحملة داعمة لعبدالفتاح السيسي – أرشيفية

أما المتنافس الوحيد «موسى مصطفى موسى» فلم يكن دوره سوى تكميلي؛ بعد إبعاد الخصوم الحقيقيين، أبرزهم «سامي عنان» رئيس هيئة الأركان السابق، و«أحمد شفيق» رئيس الوزراء إبّان عهد مبارك وقائد القوات الجوية.

ويرى خبراء وباحثون أنّ استطلاعات الرأي الأخيرة عن شعبية السيسي أزعجت السلطات المصرية؛ لذا عارضت استطلاعات الرأي التي أفادت بانخفاض شعبيته، كما أنها لا تستطيع تقبّل فكرة معارضة قادة عسكريين سابقين؛ خاصة وأنّه يخلق انطباعًا عن وجود انشقاقات داخل المؤسسة العسكرية.

لكن، على كلّ حال، ما فعلته الحكومة المصرية بحقّ المرشحين مؤخرًا أثبت بالفعل وجود انشقاقات داخل المؤسسات الأمنية، والسيسي نفسه هو الذي ساعد على خلق هذا الانطباع؛ بعد تهديده لمن وصفهم بـ«الفاسدين الذين يسعون للوصول إلى كرسي السلطة»، وإقالة رئيس الأركان اللواء «محمود حجازي»، ورئيس جهاز المخابرات الحربية «خالد فوزي»؛ خاصة بعد الكمين المحرج الذي أقامه الجهاديون لصدقي صبحي ووزير الداخلية، والتسريبات التي أكّدت دعم مصر للموقف الأميركي المتعلق بالقدس.

سامي عنان وأحمد شفيق برفقة قادة عسكرين

وقال زميل مقرّب للسيسي إنّه لا يثق في أحد، ولديه عدد قليل جدًا من المستشارين المدنيين، بجانب كثيرين من الأجهزة الأمنية، ويقول آخر إنه لا يعتمد كثيرًا على حكومته، ويستخدم خلية أمنية لاتخاذ القرارات.

كما ساعدت القوات المسلحة السيسي في إعادة ترسيخ سلطته، وفي المقابل وسّع من إمبراطوريتها التجارية المتنامية. ووفقًا لمفهوم العالم، ما يفعله السيسي مرادف للتخريب؛ خاصة بعد إدماج الجيش في السياسة المدنية.

وشرع السيسي في إعادة ترسيخ نموذج الحكم الذي ساهم في تشويه السياسات المصرية لعقود، وهو تنظيم الضباط الأحرار؛ محاولًا أن يبدو كجمال عبدالناصر، الرجل الذي حارب الإسلام السياسي. ويقول سياسي ليبرالي سابق إن السيسي قضى على كل المعارضة بطريقة لم يشهدها أي جيل من قبل، ولا حتى في ظل حكم عبدالناصر.

فلم يعد يوجد مجال للحريات، وسُحقت جميع الآراء المعارضة وقضي على المنظمات الأهلية؛ وتبدو مصر فاشية. وكما قال وزير سابق إنّ مصر مجتمع تعددي دون أخلاقيات سياسية متعددة، مضيفًا أنّ السيسي شخصية لا يمكن التنبؤ بها.

ويرى سياسي سابق آخر أنّ السيسي أعاد الدولة الأمنية، لكن بالزي الرسمي وبطريقة غير إصلاحية، وزاد من مخالبها تحت ادّعاء حماية سيادة القانون، وشرع في القضاء على كل الأحزاب؛ خاصة التي ساهمت بشكل رئيس في ثورة يناير، ونظّف مصر من شباب الثورة بطريقة يبدو أنه يردي بها إخبار المصريين بأنه «لا اختيار لهم في المستقبل إلا هو».



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023