شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

رئيس – لا مؤاخذة – توافقي

رئيس – لا مؤاخذة – توافقي
  من المتوقع والبديهي أن يتم الهجوم على مرشح الاخوان للرئاسة وتشويهه من قبل مختلف الاتجاهات السياسية بالنظر الى...

 

من المتوقع والبديهي أن يتم الهجوم على مرشح الاخوان للرئاسة وتشويهه من قبل مختلف الاتجاهات السياسية بالنظر الى الانتخابات البرلمانية السابقة التي اعتمد فيها الجميع على الدعاية السوداء ضد الآخرين وبالأخص حزب الحرية والعدالة الذي نال القسط الأكبر من التشويه باتهامه بالافراط تارة من الليبراليين وبالتفريط تارة أخرى من السلفيين

 

العجيب هو البدء في تشويه المرشح قبل اعلان اسمه واستباق القرار باغتيال الجنين في الرحم .. بدعوى أنه توافقي !! أي أن مشكلته أنه سيعجب الآخرين !! وهذا النمط من الهجوم يثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن الرئيس التوافقي بات ضرورة ملحة .. اذ أن حالة الاستقطاب في مصر وصلت لحد مرعب لدرجة أن كل طرف من أطراف المعادلة لا يعنيه رضاه عن الرئيس بقدر ما يستكثر ذلك على الآخرين بمنطق " الواد ده ميشوفش أمه

 

والواقع أن الرئيس التوافقي ليس اختراعاً مصرياً بل هو سياسة مفضلة وآمنة في حالتين

 

الحالة الأولى : في الدول التي تمر بمرحلة تحول ديمقراطي وبناء نظام جديد ولم تعتد بعد على المنافسة الديمقراطية الشريفة .. وبالتالي تتحول آثار المعركة الانتخابية الى ندب لا تختفي ويصبح كل مرشح خاسر موتوراً يتمنى فشل الفائز ويحاول اثبات خطأ الاختيار ومعاقبة الشعب – أدبياً – على اختياره , ( راجع تجربة الاستفتاء ) .. وبالتالي تتولد حالة من العداء والتربص تجاه الرئيس الجديد تهدد استقرار النظام الوليد.. 

حدث هذا في الولايات المتحدة بانتخاب جورج واشنطن بما يشبه الاجماع ونيلسون مانديلا في جنوب أفريقيا بنسبة تزيد عن 90 % وشارل ديجول في فرنسا بعد سقوط الجمهورية الرابعة بسبب نظام الأحزاب ومن ثم قيام الجمهورية الخامسة وبداية التحول للنظام المختلط الذي يمنح الرئيس بعض الصلاحيات للتغلب على التصارع داخل البرلمان .. وهو بالمناسبة ما نحن بصدده في مصر

 

الحالة الثانية : عدم وجود أغلبية واضحة تستطيع الحسم بسهولة ودعم الحكومة لقيادة البلاد .. وحدوث توازن نسبي للقوى .. اذ أن الحرية والعدالة برغم حصوله على أغلبية نسبية الا أنه يظل أقلية مقارنة بالقوى الأخرى مجتمعة .. هذا التوازن يفرض وجود رئيس يرضى عنه الجميع , يحافظ على النظام ويمثل مرجعية منتخبة

وللصدفة يحدث هذا الأن – بينما نتحدث – في ألمانيا عقب استقالة الرئيس كريستيان فولف حيث تجري محادثات بين الائتلاف الحاكم والحزب الاشتراكي الديمقراطي والخضر للبحث عن مرشح " توافقي " يرضى عنه الجميع بعيداً عن الانتماءات السياسية!!

 

ومن الحظ السعيد أننا نعيش الحالتين معاً .. بما يعني أن عدم التوافق والدفع في اتجاه مزيد من الاستقطاب لا يعني فقط الانتحار السياسي وانما الدفع بسفينة الوطن نحو الهاوية

 

يبقى لدينا الهجوم السلفي على الفكرة .. وهو – كالعادة – مثير للسخرية والشفقة في آن واحد .. ويحمل سقطات ساذجة

أولاً : هو يفترض أن طرح الاخوان للتوافق لن يشمل التيار الاسلامي وبالتالي سيختار الاخوان شخصاً معادياً للفكرة الاسلامية!!

ثانياً : اغراق في الشوفينية باعتبار أن المرشح الاسلامي لابد أن يكون منتمياً لحزب أو جماعة معينة!!

ثالثاً : اقحام الشريعة الاسلامية في كل جملة مفيدة وكأن الرئيس هو من سيطبق الشريعة !!.. متناسياً أن الرئيس منصب تنفيذي ويقسم على احترام الدستور والقانون الذي يضعهما البرلمان.. 

والنقطة الأخيرة تحديداً صارت مملة .. اذ يعمد السلفيون دائماً الى صنع معارك وهمية غير موجودة حول الشريعة الاسلامية لخلق صورة ذهنية معينة وتصفية الخيارات الأخرى بالتشويه فيبقى خيار حزب النور حلاً آمنا دون عرض برنامج أو أفكار تذكر!!

 

الخلاصة : أن الرئيس الذي ليس منتمياً لأحد وليس ضد أحد ولا يعادي المشروع الاسلامي صار المخرج الأمثل للمرحلة الحالية وعلى جماعة الاخوان ان تتحمل مسؤليتها التاريخية وعلى القوى السياسية أن تغلب المصلحة العامة على المصلحة الحزبية أو تلتفت على الأقل الى دعم مرشحها بعيداً عن تشويه الآخرين .. ان لم تساهم في مداواة الجرح فلا تقم بتعميقه

 



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023