شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

رئيس الشؤون الخارجية بالبرلمان التركي: السيسي يقود مصر إلى مستنقع الفوضى

طه أوزهان، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان التركي

علق طه أوزهان، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان التركي على إعلان فوز السيسي بولاية ثانية في مصر، قائلا: مصر ضلت طريقها.

وقال في مقال له بـ«عربي21»:كنت قبيل انتخاب الرئيس محمد مرسي مباشرة قد كتبت:«ستستقبل مصر رئيسها الخامس منذ عام 1953، هذا إذا لم نحسب رئاسة صوفي أبو طالب الذي لم تستمر رئاسته سوى ثمانية أيام منذ اغتيال السادات وحتى تنصيب مبارك، وكذلك «الرئيس القائم بالأعمال» حسين طنطاوي الذي استلم السلطة بعد الإطاحة بحسني مبارك. ما يعد مثيرا بشأن انتخابات الرئاسة المصرية لعام 2012، أنها أول انتخابات تجرى دون أن تكون نتيجتها محسومة ومرتبة مسبقا. ولذلك بات عدم معرفة من الذي سيفوز في الانتخابات أكثر جذبا للاهتمام من كون مصر سيرأسها أخيرا رجل مدني».

وتابع:«ثم كتبت في مقالة لاحقة في عام 2014:فعليا، كانت الانتخابات التي فاز بها مرسي تنافسا بين الفلول من جهة والمؤسسة الجديدة من جهة أخرى، أما انتخابات هذا الأسبوع فكانت بوضوح منافسة بين الفلول والمؤسسة القديمة. ما بات واضحا وضوح الشمس في هذه الانتخابات هو أن عبد الفتاح السيسي لم يتمكن من إنتاج ما يشبه الانتخابات، ولا حتى انتخابات ذات نتيجة معدة مسبقة كتلك التي كان ينظمها مبارك من قبل. لا يوجد ما يبعث على الأمل من انتخابات تنظمها قيادة انقلاب عسكري بدعم سياسي من الولايات المتحدة وتمويل من الخليج وعنف يمارسه البلطجية وشرعية يوفرها الليبراليون».

وأشار:«أدركت حين عدت لمقالاتي تلك وقرأتها أن تحليلي مازال صائبا ومطابقا للأوضاع الحالية في مصر كما كان مطابقا لتلك التي كتبت المقالات في سياقها. لا مراء في أن طبيعة الأحداث الجارية في مصر تتحدى السياق الزمني، فحينما يُقتل الأمل في التغيير تتوقف السياسة، بل ويتوقف التاريخ، إلى حين».

واستطرد: «تكمن المأساة الناجمة عن هذه الكارثة في فقدان الناس للقدرة على الإحساس وصولا إلى الشلل، فحتى لو كان الناس راغبين في التغيير، إلا أنهم واقعون في مأزق الشعور بالحساسية تجاهه، وبشكل دراماتيكي جدا، حزب السيسي تشكل من تحالف قوي ومتماسك من الفاعلين الإقليميين والدوليين، من أوباما إلى ترامب، ومن نتنياهو إلى ممالك الخليج، ومن الاتحاد الأوروبي إلى روسيا. ولذلك يجد المصريون أنفسهم مجبرين على الخضوع لإدارة هذا الحزب. والسؤال الحيوي هو: إلى متى سيبقى هذا الوضع الغريب والمريب؟»

وأكد أن مصر «ضلت طريقها في القرن العشرين»، وهناك مؤشرات قوية على أنها قد تعاني طوال الجزء الأكبر من القرن الحادي والعشرين من المصير ذاته، ففي غياب فرص التغيير في المستقبل المنظور، لا توجد أسس واقعية يمكن أن يقيم المرء بناء عليها تقديرا إيجابيا، وقد يقول قائل إن الوضع في مصر طبيعي إذا ما أخذنا بالاعتبار ما يمر به عالمنا المعاصر من فوضى سياسية، ولا يمكن بسهولة تجاهل مثل هذا الرأي».

وأشار أن أن كل من هم على شاكلة السيسي في المنطقة «يحثون الخطى للاستثمار في الركود السياسي العالمي، ويتوقعون مقابل ذلك الحصول على الشرعية أو على الأقل الفوز بالقبول، لمجرد أنهم منسجمون مع الاضطراب الإقليمي والعالمي».

وتابع: «وهنا، تدخل الحماقات المقارنة في المعادلة الجيوسياسية: عندما يكون ترامب رئيسا للولايات المتحدة، ويقتل الأسد مئات الآلاف من شعبه، ويعمق نتنياهو الاحتلال في فلسطين، وليبيا تشتعل فيها النيران، والعراق يعيش أزمة سياسية وأمنية خانقة، ويعاني لبنان من انسداد سياسي ما لبث يشهده منذ عقود، وتقدم المملكة العربية السعودية داخل فندق الريتز كارلتون نموذجاً سياسياً غاية في الغرابة والشذوذ» مشيرا:«نحن بصدد عالم من الخيال يعيشه الشرق الأوسط هذه الأيام، عالم يتصدر فيه من يرفع راية محاربة الإرهاب، واضعا يده على الكرة متعهدا بالقضاء عليه، كما شهدنا في حفل افتتاح المركز العالمي لمحاربة الفكر المتطرف في الرياض».

وأضاف:«ولكن قد لا يسر السيسي أن يعلم بأنه حتى يتمكن من ضمان بقائه في الحكم، فلابد أن يبقي يده على الكرة مهما كان الثمن، إلا أن الكرة لها عمر محدود وتاريخ انتهاء صلاحية لابد أنها ستبلغه، يتكون اختراع الكرة من تضخيم التهديد الإسلامي وشيطنة جماعة الإخوان المسلمين، واختزال المجال الجيوسياسي في الإرهاب».

ولذلك، يتوقف بقاء الكرة على استمرار التهديدات، وينبغي على «حزب الكرة» إلحاق الهزيمة بالإرهاب حتى يضمن نجاحه، إلا أن هذا بدوره سيؤدي إلى اختفاء الكرة من الوجود، ولا تجد مصر مكانا مناسبا لها في المحور الذي اصطنعه مشروع إسرائيل والخليج والسيسي.

وأكد أن النظام المصري حكم على نفسه بالولوج في مستنقع لا قبل له بالخروج منه، ورغم ما يبدو من أن العالم قد يسعى لاحتواء الأزمة السياسية والحقوقية المتفاقمة في مصر، إلا أنه «لا مفر أمام النظام الانقلابي من تدبير تمويل يستجيب من خلاله للتظلمات الاجتماعية والاقتصادية في وقت لم يعد يبقى لديه شيء من الجزر».

ووصف «أوزهان» الوضع الاقتصادي بالمتردي، قائلا:«فقد قفز الدين الخارجي من 38 مليار دولار إلى ما يزيد عن 80 مليار دولار، ومعظمه تمويل توفره المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة وصندوق النقد الدولي. ووصلت الضرائب إلى مستويات خيالية بعد أن لجأ النظام إلى خيار رفع الضرائب بنسب ضخمة على المئات من السلع والخدمات».

وبينما يزداد الوضع الاقتصادي سوءا، وينذر بالخطر، يجد النظام المصري نفسه مضطرا لأن يرضي المحور الإسرائيلي الخليجي أكثر مما يرضي شعبه. وهذه «المهمة المستحيلة» هي التي ستحدد معالم المستقبل في مصر.

نظرة استشرافية

وأشار الكاتب أنه «على الرغم من أن تنظيم الدولة وبعض التنظيمات الأخرى في سيناء وفرت للسيسي إلى حد ما بعض احتياجاته للحصول على الشرعية، إلا أن النظام الانقلابي لم يتمكن من الدفع بجماعة الإخوان المسلمين من خلال ما يمارسه ضدها من عنف وترهيب نحو التحول إلى مجموعة مسلحة، ونجح المصريون في الحفاظ على السلم المجتمعي بالرغم من الانقلاب الدموي، والدعم الإقليمي والدولي المهين للنظام العسكري، وقتل آمال الملايين، والتداعيات المدمرة لإحباط الربيع العربي».

ورأى أن هذه الحقيقة بحد ذاتها تشكل «مصدرا للأمل في التغيير، وذلك لأن حزب الكرة لا يملك خطة جاهزة ومفهومة لمواجهة الحركات السياسية غير المسلحة التي تطالب بالتغيير وبالديمقراطية وبالكرامة».

واختتم:«في عالم حزب الكرة، لا يوجد للجماعات السياسية لا قيمة استخدامية ولا قيمة استبدالية. فالعملة الوحيدة المستخدمة في عالم حزب الكرة هي الإرهاب، صحيح أن المصريين قد لا يتمكنون من التطلع إلى الديمقراطية في القريب العاجل، ولكن عليهم ألا يقدموا لحزب الكرة هدية مجانية من خلال الإرهاب، لقد نجحوا حتى هذه اللحظة في إنجاز هذه المهمة الشاقة والعسيرة، وسيبقى ذلك هو الأمل الوحيد من أجل مستقبل أفضل.»



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023