مر عاما كاملا على مجزرة من أبشع المجازر التي عرفتها سوريا خلال السبع سنوات العجاف التي مرت بها، بعد أن عاقب النظام الشعب السوري على ثورته التي انطلقت عام 2011، واكتملت المآسي بتدخل روسيا دعما لبشار الأسد وميلشياته، ليستمر مسلسل المجازر دون رقيب أو حسيب، في غياب المجتمع الدولي والقانون الدولي، وعجزهم أمام إحدى دول «حق النقض».
مجزرة خان شيخون
في 4 أبريل 2017، استهدفت غارة جوية خان شيخون في محافظة إدلب الواقعة تحت سيطرة المعارضة وقت ذاك، بمادة السارين الكيميائية السامة، مما أدى إلى وقوع 100 قتيل جلهم من الأطفال، ونحو 400 مصاب.
وقالت هيومن رايتس ووتش، بعد الهجوم، إن طائرة حربية تابعة للحكومة السورية هاجمت خان شيخون، بلدة في شمال غرب محافظة إدلب، بمادة كيميائية تؤثر في الأعصاب، ما أسفر عن مقتل 90 شخصا على الأقل، 30 منهم أطفال. عدد القتلى يجعل هذا الهجوم الكيميائي على الأرجح الأكثر دموية منذ الهجوم الذي أسفر عن مقتل المئات في الغوطة قرب دمشق في أغسطس 2013.
وطالب مجلس الأمن الدولي الحكومة السورية بتدمير مخزوناتها وأسلحتها الكيميائية وقدرتها على إنتاج هذه الأسلحة.
وفي أكتوبر الماضي، خلص تقرير آلية التحقيق المشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى أن نظام الأسد مسؤول عن إطلاق غاز السارين السام في بلدة خان شيخون بمحافظة إدلب التي تسيطر عليها المعارضة.
وعقب الهجوم قصفت مدمرات تابعة للبحرية الأميركية في شرق البحر المتوسط في الساعات الأولى من يوم 7 أبريل 2017، مطار الشعيرات العسكري،بـ59 صاروخًا موجهًا وقالت إنه ردا على المجزرة.
في يوم الخميس 16 نوفمبر 2017، عقد مجلس الأمن الدولي جلسةً لمناقشة مشروع قرار أمريكي يمدد لسنة مهمة الخبراء الدوليين الذين يحققون في استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا، فما كان من روسيا إلا أن استخدمت حق الفيتو ضد هذا المشروع.
بعد عام .. المجتمع يتوعد
وبعد مرور عام على المجزرة، لازالت الدول الغربية، تكتفي بالتوعد بالمحاسبة على المجزرة، حيث هاجمت بريطانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة روسيا ودعتها إلى المساعدة في محاسبة المسؤولين عن استخدام الكيميائي هناك.
وفي بيان مشترك صدر عن وزراء خارجية الدول الأربع، وهم بوريس جونسون وجان إيف لودريان وهايكو ماس والقائم بأعمال وزير الخارجية الأمريكي، جون ساليفان، بمناسبة ذكرى مرور سنة واحدة على هجوم خان شيخون الذي قيل إن السلاح الكيميائي استخدم فيه، جددت هذه الدول تنديدها بـ«استخدام الأسلحة الكيميائية من أي جهة كانت وأينما كان».
وأكد البيان تمسك الدول الأربع بضرورة «تقديم جميع المسؤولين عن استخدام الكيميائي إلى العدالة، مضيفا:«لن نتوقف في سعينا إلى تحقيق العدل لضحايا تلك الهجمات المريعة في سوريا»، متهما «روسيا بالتقاعس عن اتخاذ إجراءات كافية للتخلص من مخزونات الأسلحة الكيميائية السورية».
وذكر البيان أن المحققين الدوليين المكلفين من مجلس الأمن الدولي، منذ التزام روسيا بالإشراف على إتلاف الأسلحة الكيميائية السورية، «حددوا أن نظام الأسد يتحمل المسؤولية عن استخدام غاز سام في أربعة هجمات منفصلة، وروسيا بدلا من تنفيذ تعهداتها، ردت باستخدام حق النقض في مجلس الأمن لوقف التحقيق».
أشار البيان إلى أنه «على مدى سبع سنوات لم تهدأ الاعتداءات التي ينفذها النظام السوري بمساعدة داعميه “في انتهاك صارخ للقانون الدولي».
وفي بيان منفصل، قالت الناطقة باسم البيت الأبيض، ساره ساندرس، إن «النساء والأطفال ، والرجال الذين قتلوا بيد النظام السوري في الهجمات الكيميائية يوم 4 أبريل 2017، يستحقون العدالة».
وأضاف البيان «اليوم يمر عام على الهجوم الذي نفذه النظام السوري بغاز السارين على بلدة خان شيخون، وأودى بحياة المئات من المدنيين(..) ولن نستريح حتى تحميل النظام مسؤولية ذلك».
وتعقيبا على الفشل الدولي، قالت «هيومن رايتس» إن الجهود الدولية لردع الهجمات الكيميائية في سوريا لم تكن مجدية، رغم مرور عام على الهجوم الكارثي بغاز السارين على خان شيخون.
وقالت لما فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: «في سوريا، يكاد يكون أحد أقوى أشكال حظر الأسلحة في العالم بلا معنى، بسبب الاستخدام المتواصل للأسلحة الكيميائية مع الإفلات التام من العقاب. بعد عام على الهجوم بغاز السارين على خان شيخون، لم يتدخل مجلس الأمن الدولي أو منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لحماية الحظر على هجمات الأسلحة الكيميائية».
المجازر مستمرة
ويعزى استمرار الهجمات الشرسة من قبل النظام السوري، وروسيا على بلدات سوريا، إلى غياب العقاب والعدالة، في جرائم ثبت بالأدلة تورط النظامين فيهم، إلا أنه الفيتو الروسي ظل الحصن الذي يحتمي به النظام من جرائمه.
وخلال 7 سنوات هي عمر الأزمة السورية، استخدمت روسيا «الفيتو» أكثر من 10 مرات لحماية حليفها بشار الأسد، ومنع قرار يهدف إلى وقف المذبحة في سوريا.
وفي 5 مارس لماضي، ذكر نشطاء سوريون أن 30 شخصًا أصيبوا جراء قصف بغاز الكلور على بلدة حمورية السورية في الغوطة الشرقية القريبة من العاصمة دمشق، في استهدا بلدتي سوا وحمورية في الغوطة بغاز الكلور.
وفي يناير الماضي، قال المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، زيد رعد الحسين، إن زيادة مطردة في الضربات الجوية والهجمات الأرضية أسفرت عن مقتل 85 من المدنيين في الغوطة الشرقية منذ 31 ديسمبر.
وفي 4 فبراير الماضي، أصيب 7 مدنيين، بحالات اختناق بعد قصف جوي شنته قوات النظام السوري على مدينة سراقب في شمال غرب سوريا، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وفي إشارة لاستخدام غاز الكلور، أوضح المرصد، «انبعاث رائحة كريهة بعد استهداف مروحيات قوات النظام مناطق عدة في مدينة سراقب في محافظة إدلب، ما تسبب بخمس حالات اختناق بين المدنيين».
اليوم هو الذكرى السادسة لمجزرة #تفتناز
وغداً الذكرى الأولى لمجرز الكيماوي في #خان_شيخون
….
سنوثّقُ تاريخَنا بالمجازر
حتى يعلمَ أبناؤنا أنّ الاستبدادَ موت
وأنّ ثمنَ الحريّة غالٍ— أنس الدغيم (@anasaldogheim) April 3, 2018
اليوم يمر عام على جريمة استخدام نظام الأسد في #خان_شيخون-الكيماوي وقصف ترامب الاستعراضي لقاعدة الشعيرات-التي تعطلت ليوم!
تحولت الدول الكبرى لمركز إحصاء…يُعددون لنا كم مرة نظام الأسد استخدم الكيماوي ضد شعبه في مدن #سوريا..ويمطرونه بالتهديد والوعيد والقصاص والمحاكمة الجوفاء!!— عبدالله الشايجي (@docshayji) April 4, 2018