توقعت صحيفة «ميدل إيست مونيتور»، فشل القمة الأميركية الخليجة المرتقبة، في إنهاء الحصار ضد قطر، مضيفة في مقال لـ«ثيمبيسا فاكود»، الباحث في مركز الجزيرة للدراسات، أن الولايات المتحدة لن تمارس ضغوطا على السعودية لإنهاء الأزمة، بسبب المعاملات الاقتصادية التي تخطت عشرات المليارات من الدولارات، وشملت معاملات تجارية وعسكرية واتفاقيات استثمار في البنى التحتية، موضحا أن الرياض يبدو أنها استطاعت أن تؤثر على نفوذ واشنطن.
ووفق ما ترجمت «شبكة رصد»، وجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب دعوات متتالية، لقادة دول السعودية وافمارات وقطر، قبل قمة الولايات المتحدة المتوقعة في كامب ديفيد، والتي كان مقرر لها أن تعقد الشهر المقبل، واجلت بشكل مفاجئ لسبتمبر المقبل.
وأفادت وسائل إعلام قطرية بأن الأمير تميم بن حمد آل ثان، سيجتمع مع ترامب غدا، 10 أبريل؛ وتأتي زيارته في أعقاب زيارة قام بها ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، قضى فيها ما يقرب من 3 أسابيع في الولايات المتحدة، وهي أطول زيارة خارجية للأمير الشاب.
وطغت الاتفاقيات التجارية والاستثمارية والعسكرية على زيارة ابن سلمان، وينظر إلى الزيارات الثلاث لولي العهد السعودي ومحمد بن زايد ولي العهد الإماراتي والأمير القطري، على أنها تمهيد للقمة الأميركية الخليجية المرتقبة.
وكان من المفترض لابن زايد أن يزور أميركا نهاية مارس الماضي إلا أن الخطط تغيرت بناءا على طلبه، وهو الأمر الذي فتح المجال أمام التكهنات حول الخليج وقضاياه، ووفقا لعدد من الخبراء فتأجيل زيارة ولي العهد الإماراتي؛ جاء لضمان السيطرة على أجندة القمة.
وتعد القمة الأميركية المقترحة، بديلا عن مجلس التعاون الخليجي، حيث اتهم عديدون ابن سلمان وابن زايد بتدمير دول مجلس التعاون الخليجي بغض النظر عن أدوارهما التنفيذية في بلدانهما، وهي القمة التي يحضرها ملوك تلك الدول وليس أولياء العهد، ووفقا للكاتب، تعد القمة فرصة لالتقاط الصور مع بعضهم البعض.
ويصف الكاتب الوضع بين الدول الخليجية حاليا، بأنه استعراض للعضلات بين الفينة والأخرى، ويأمل المتفائلون السياسيون في الخليج أن يساعد اللقاء المرتقب على تخفيف حدة التوترات السياسية والحصار الاقتصادي المفروض على قطر، والذي لا يزال يؤثر سلبا على شعوب المنطقة، فيما يجادل الواقعيون بأن القمة لن تسفر عن شئ ذو أهمية.
إلا أن حل الأزمة الخليجية، وفقا للكاتب، يكمن في بشكل مباشر في السعودية، إلا أن الولايات المتحدة لا تريد إطلاق يدها في هذا الصدد، خاصة بعد العقود التجارية المبالغ فيها والتي أبرمت بين الجانبين، مؤكدا أن السعودية يبدو أنها أثرت على نفوذ واشنطن وحيادها في حل مشاكل الخليج الحالية.
ووفقا لمركز التقدم الأميركي، تخطط السعودية حاليا لاستثمار 20 مليار دولار في صندوق للبنى التحتية تديره مجموعة «بلاك ستون» الأمريكية، وتأمل المجموعة في أن تستثمر أكثر من 100 مليار دولار في مشاريع البنى التحتية عبر الصندوق، ومعظمها داخل الولايات المتحدة نفسها، هذا بجانب الصفقات العسكرية السعودية الأميركية التي بلغت مليارات الدولارات.
وبالإضافة إلى ذلك، فالعلاقة الحميمة بين ابن سلمان وصهر ترامب، جاريد كوشنر، تضعف تأثير الولايات المتحدة كحاكم وسيط وعادل، مؤكدا أن كوشنر ترأس كل المكائد السياسية وعمليات صنع القرار الأميركية المتعلقة بالشرق الأوسط.
والأدهى من ذلك، بحسب الكاتب، هو تصريحات ترامب الأولية بخصوص قطر، واتهامها بالتسبب في الوضع الحالي في الشرق الأوسط، وهو ما كان بمثابة الضوء الأخضر لفرض الحصار السعودي الإماراتي ضد الإمارة الصغيرة.
وتناقضت تصريحات ترامب مع تصريحات كبار مسؤوليه في الإدارة الأميركية، خاصة وزير خارجيته السابق، ريكس تيرلسون، وكان ترامب قال في القمة الإسلامية في الرياض في في أول زيارة خارجية له، إن الأمم اجتمعت على مواجهة السلوك القطري، وعلينا اتخاذ قرار، مضيفا: هل نسلك الطريق السهل أم سنضطر لاختيار خيارات قاسية، إلا أن تيرلسون جادل بضرورة تخفيف التصعيد، مؤكدا أن الحصار يعيق الحملة العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة ضد داعش، ويخلق صعوبات على الشعب القطري، ويضعف الأنشطة والأعمال التجارية الأميركية في المنطقة.
وتلتزم الولايات المتحدة بسياسة معاملات خاصة بها، ويشير مصطلح الممارسة السياسية في الولايات المتحدة، إلى قيام الحكومات بتبادل المعاملات والإجراءات المثل بالمثل، أو بمعنى آخر، سياسة الأخذ والرد، لذلك من المستبعد تصور سيناريو يمكن فيه للولايات المتحدة أن تتبنى موقفا ضد رغبات السعودية، إذا رفض السعوديون أنفسهم حلة الأزمة، لذا لن ترغب واشنطن في ممارسة ضغطا عليها.
وأكد الكاتب أن الولايات المتحدة لن تقبل بخفض سقف تعاملاتها مع السعودية لأجل قطر، خاصة وأن المملكة أكبر عميل لها في الخليج، مضيفا: لذلك؛ فإن التفاؤلات حول مساهمة القمة الأميركية الخليجية في حل الأزمة، في غير محلها.
وحتى لو ضغطت الولايات المتحدة على السعودية ، فإن الأمل الأخير وصوت العقل في هذه الكارثة كان لوزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون، وبغض النظر عن التناقضات بين تيلرسون وترامب فيما يتعلق بالحصار، بدا تيلرسون كأنه يستطيع التأثير وإدارة النقاش لصالح قطر، إلا أن ترامب طرده من منصبه، لذا من المتوقع أن يستمر الحصار لفترات طويلة، وسيكون على قطر الاستمرار في مسار علاقتها الخارجية الحالي، عبر تركيا وأوروبا، فقط من أجل البقاء.