بدأت، مساء الإثنين، جلسة طارئة لمجلس الأمن مخصصة لمناقشة الهجوم الكيميائي الذي استهدف مدينة دوما المحاصرة في الغوطة الشرقية للعاصمة دمشق، السبت الماضي، وراح ضحيته أكثر من 150 مدنيًا، فضلا عن إصابة أكثر من ألف آخرين، بينهم نساء وأطفال، بحالات اختناق.
وأثناء الجلسة، قالت المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة، نيكي هايلي، أن «نظام الأسد يقف في وجه من يحاول الدخول إلى دوما»، وأن «روسيا تأخذ أرواح الضحايا رهينة بيديها»، مضيفة: «لقد سمحنا لروسيا بأن تضعف مصداقية الأمم المتحدة»، مضيفة أن “الإيرانيين وراء أعمال قذرة في سوريا».
وأكدت المندوبة الأميركية أن «السلاح الكيميائي استخدم عدة مرات بعد خان شيخون، لكن مجلس الأمن لا يفعل شيئاً»، ودعت المجلس إلى أن «يتحمل مسؤولياته»، قبل أن تستدرك بقولها: «على أية حال، فإن الولايات المتحدة سترد على ما حصل».
اتهامات لدولة روسيا
كما وجهت «هايلي» انتقادات حادة لروسيا، وقالت «تم استخدام الأسلحة الكيمائية مجددًا ضد النساء والأطفال والرجال في سورية، وهذه المرة في دوما. لن أرفع الصور للضحايا كما فعلت قبل سنة»، وأضافت: «وحش فقط من يقوم بمهاجمة المدنيين بأسلحة كيميائية ثم يتلوها بضربات جوية بالبراميل المتفجرة لمنع وصول المعونات الطبية».
وتوجهت بنظرتها إلى نظيرها الروسي وقالت «أيدي النظام الروسي ملطخة بدماء الأطفال السوريين. يقدم خبراء من روسيا وإيران الاستشارة للنظام السوري… لسنوات سمحنا لروسيا بإضعاف مجلس الأمن عندما استخدمت في 11 مرة حق النقض. كما قتلت روسيا آلية التحقيق المشتركة للتحقيق باستخدام الأسلحة الكيميائية في سورية وعارضت استمرار عملها».
وتابعت «نقف هنا في عالم أصبح فيه استخدام الأسلحة الكيميائية أمرا عاديا. منذ استخدام النظام السوري للأسلحة الكيميائية في خان شيخون جرى استخدامها عشرات المرات في دول أخرى. لقد قدمنا مشروع قرار وطلبنا فيه الدخول غير المشروط للمناطق للوصول إلى الضحايا. وطالبنا أن يشكل مجلس الأمن آلية مهنية للتحقيق بما يحدث من استخدام للأسلحة الكيميائية في سورية، آخرها السبت في دوما». ثم قالت «إن الرئيس الأميركي مستمر في مشاوراته حول الخطوات القادمة التي سوف يتخذها» .
تشكيك في الهجمات
لكن في المقابل، نفى المندوب الروسي في مجلس الأمن، فاسيلي نيبينزيا، حدوث هجوم كيميائي في دوما، وقال إن بلاده «أخذت عينات من تربة المدينة، ولم تثبت استخدام أي غاز».
ودعا إلى «إجراء تحقيق بشأن الهجوم الكيميائي»، متهمًا «زملاء لنا في مجلس الأمن سربوا معلومات لمن يتبعونهم في سورية لاتهام النظام»، زاعما أنَّ منظمة «الخوذات البيضاء» هي التي فبركت أدلة الهجمات على دوما.
واتهم القوات الأميركية بتدريب قوى في المعارضة السورية على «فبركة أدلة لهجمات بالأسلحة الكيميائية»، وتابع «هناك من يحاول تشتيت المجتمع الدولي بشكل متعمد»، مشيرًا إلى أن «أميركا وبريطانيا وفرنسا تسعى إلى المواجهة مع روسيا في سورية»، وأن باريس ولندن «تعملان ضد المصالح الروسية».
وهدد المندوب الروسي، الدول الغربية، بقوله إن «أي احتكاك بنا سيؤدي إلى عواقب وخيمة»، في إشارة إلى التوتر في العلاقات مع دول أوربية بشأن مقتل الجاسوس الجاسوس الروسي المزدوج، سيرجي سكريبال، مضيفا: «تدخلكم لا يأتي بخير أبدًا، ولا نسعى إلى صداقتكم، ولكن نرغب في علاقات عادية».
وتحدث عن الخطر على الأمن والسلم الدوليين، وقال إن «العديد من العواصم، بما فيها لندن وباريس، تقوم باتباع سياسات واشنطن بشكل أعمى. إن التهديد باستخدام القوة ضد سورية، وحتى روسيا، غير مقبول، ويشبه ما كان يجري في الحرب الباردة».
إرهاب دولة
من جهته، وصف المندوب الفرنسي، فرنسوا دولاتر، ما يحدث في دوما بـ«إرهاب الدولة»، وقال إن «النظام السوري يعمل على تدمير البلاد والسوريين بشكل كامل»، ثم أشار إلى أن «روسيا وإيران تدعم النظام السوري، ولا توجد أي طائرة تتحرك من دون موافقة روسية».
وأوضح «دولاتر» «إما أن النظام السوري قام بتلك الهجمات بمعرفة وموافقة النظام الروسي، أو على الرغم من معارضته، وفي الحالتين فإن الوضع خطر»، داعيا إلى «وقف فوري لأعمال القتال في سورية، وتشكيل فوري لآلية تحقيق مشتركة بين منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والأمم المتحدة».
مطالب بالتحقيق
أما المبعوث الأممي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، فقد دعا في إفادة أمام المجلس، إلى «التحقيق بسرعة» في هجوم دوما، وقال إن وقف إطلاق النار كان هشًا في دوما، متهمًا النظام السوري بعدم التعاون، مؤكدًا «حصول تصعيد كبير في دوما»، وأنه «شُنت غارات كثيرة، وثمة تقارير عن هجوم كيميائي».
وشدد «دي ميستورا» على أن «هناك حاجة ملحة إلى أن يجد مجلس الأمن حلاً للوضع في سورية»، مبرزًا أن «أياستخدام للأسلحة الكيميائية في دوما يتطلب تحقيقًا دقيقًا»،كما حثّ مجلس الأمن على «التأكد من إنشاء آلية للتحقيق في مزاعم الهجمات الكيميائية».
اتهام نظام بشار الأسد
من جهتها، قالت مندوبة بريطانيا، كارين بيرس، أن «روسيا تهمش نفسها بسياساتها في سورية»، مضيفة أن لندن «تدعم مشروع القرار الأميركي بشأن آلية التفتيش عن السلاح الكيميائي»، وأنها «تؤمن بأن دمشق مسؤولة عن هجوم دوما الكيميائي».
قبيل الجلسة وقالت بيرس للصحفيين «نفضل البدء بتحقيق ملائم، لكننا سنظل على اتصال مع أقرب حلفائنا الولايات المتحدة وفرنسا»، مضيفة أن «كل الخيارات مطروحة».
يشار إلى أن الولايات المتحدة والسويد وزّعتا، اليوم، مشروع قرارٍ على الدول الأعضاء في مجلس الأمن، يطالب بفتح تحقيق حول الضربات الكيميائية التي شهدتها مدينة دوما، وتشكيل آلية تحقيق مشتركة تابعة للأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، ولمدة سنة قابلة للتمديد.
ومساء السبت، قُتل أكثر من 150 مدنيًا، وأُصيب أكثر من ألف آخرين، بينهم نساء وأطفال، بحالات اختناق، نتيجة قصف قوات النظام مدينة دوما بالغازات السامة.