قالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة «هيومن رايتس ووتش»، إنّ «حملة إعادة انتخاب السيسي اتّسمت باحتقاره لأبسط حقوق مواطنيه، وعليه أن يغيّر مساره ويترك إرثًا إيجابيًا؛ بدلًا من تذكّره بصفته المستبد الذي أشرف على أزمة قمع حقوق الإنسان».
وفاز السيسي في 2 أبريل الجاري بولاية ثانية في انتخابات رئاسية مشكوك فيها، بعد أشهر من الترهيب والاعتقالات للمرشحين المحتملين الآخرين. وطوال الولاية الأولى للسيسي، التي بدأت عام 2014، انتقدت المنظمة (بنيويورك) واتهمته مرارًا بانتهاك حقوق الإنسان وقمع المعارضة؛ وهو ما كانت تنفيه السلطات المصرية بشكل مستمر، متهمة المنظمة باتخاذ مواقف مسيسة.
وفي بيان نشرته المنظمة على موقعها الإلكتروني اليوم الثلاثاء، دعت حلفاء مصر (مثل أميركا وبريطانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي) إلى حثّ السيسي على تنفيذ الإصلاحات، التي اعتبرتها مدخلًا للسلم الأهلي والمصالحة.
استهداف الجمعيات الأهلية والنشطاء
وندّدت النظمة بملاحقة المنظمات الحقوقية البارزة والنشطاء وشدّدت على الإلغاء الفوري لقانون الجمعيات الأهلية، وصياغة مشروع قانون جديد عبر حوار حرّ وشفاف مع المنظمات المستقلة، وإنهاء الملاحقات القضائية المعروفة بـ «قضية التمويل الأجنبي»، ووقف حظر السفر التعسفي وتجميد الأموال بموجب «العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية» و«الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب».
وطالبت من السيسي التركيز على شلّ حركة الجماعات المتطرفة العنيفة لا النشطاء السلميين. كما ركزت على إنهاء قمع العمال؛ باعتبار أنّ الإصلاح الاقتصادي لا يمكن أن ينجح دون حرية الحراك العمالي.
إفلات الشرطة من العقاب
ووثقت «رايتس ووتش» استخدام «الشرطة وضباط الأمن الوطني» الممنهج للتعذيب لإجبار المحتجزين على الاعتراف أو كشف معلومات أو العقاب، موضحة أنّ عدم التحقيق أو محاكمة أي مسؤول أو فرد أمني رغم انقضاء نحو خمس سنوات على أعمال القتل الجماعي للمتظاهرين السلميين بميدان رابعة، ومقتل 817 متظاهرًا على الأقل في يوم واحد؛ ما يُرجح أنّ ما حدث «جريمة ضد الإنسانية».
وأكّدت المنظمة على ضرورة عدم إفلات الشرطة من العقاب والتحقيق في الانتهاكات وإيقاف الاختفاءات القسرية والتعذيب، وأن تكون هذه التدابير في صدارة أولويات السيسي في فترته الثانية. وأن يبدأ النائب العام ووزارة العدل فورا في تحقيقات جدية وشفافة في تلك الانتهاكات.
حرية التعبير والاختفاء القسري
وقالت المنظمة إنّه منذ تولي السيسي السلطة في 2013 توسّعت أدوات القمع، وزادت أعمال الاختفاء القسري وإساءة المعاملة في السجون وتفشي التعذيب، وربما القتل خارج نطاق القضاء بعد مارس 2015؛ بعدما عيّن السيسي مجدي عبد الغفار وزيرًا للداخلية، وطالبته بإنهاء حالة الطوارئ التي فرضها منذ أبريل 2017 ويمددها.
وبينت أنّ معارضين سلميين معتقلين في عهد السيسي وصلوا إلى عشرات الآلاف، إضافة إلى 20 صحفيًا على الأقل وراء القضبان؛ ودعت المنظمة حكومة السيسي إلى مراجعة حالة المعتقلين والإفراج عن الآلاف ممن حوكموا جراء نشاطهم السلمي، ومراجعة قانون التظاهر التقييدي الصادر في 2013 بما يشمل الكف عن احتجاز المتظاهرين السلميين الذين يمارسون حقوقهم الدستورية، معتبرة أنّ الإفراج عن المعتقلين دون وجه حق يمكن أن يمثل خطوة هامة نحو المصالحة لإنهاء الأزمة السياسية والحقوقية في مصر.
اضطهاد الأقليات
كما دعت «رايتس ووتش» السيسي إلى النهوض بمسؤولياته واتخاذ خطوات عاجلة لحماية الأقليات الدينية والجندرية والجنسية، إضافة إلى دعم إطار قانوني متكامل لحماية الأقليات وتجريم كل أشكال التمييز والاضطهاد بحقهم.
وأضاف أنّ المسيحيين الأقباط، ويقدرون بنحو 10% من السكان، مستهدفون تاريخيًا بالتمييز القانوني والاجتماعي، ووقعوا ضحايا لهجمات طائفية متزايدة منذ صعود السيسي إلى السلطة؛ ومنذ حينها لوحق نحو 230 شخصًا قضائيًا وحكم على أكثر من 50 شخصًا بالسجن بتهمة «الفجور»، كما تعرّض بعضهم لفحوصات شرجية قسرية؛ وهو ما يعد من أشكال التعذيب.