أمر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بعد هجوم خان شيخون الكيميائي في 2017، بقصف المطار الذي أقلعت منه طائرات القصف الكيميائي؛ وتسبّبت القذائف المطلقة من سفن حربية أميركية في البحر المتوسط في إلحاق الضرر بممرات المطار وهناجر الطائرات، لكنها أصلحت بسرعة؛ لكنّ الهجوم كان رمزيًا إلى حد كبير.
ومن المتوقع أن تكون ضربة ترامب التالية أكثر شمولًا، خاصة وأنه يريد التأكيد على أنه رجل قوي لن يسمح بتجاوز الخطوط الحمراء. وعلى المستوى الأوروبي، أبدت فرنسا استعدادها للتدخل إذا ثبت استخدام الأسلحة الكيميائية، والأهداف المحتملة هي المطار نفسه؛ لكنها من المحتمل أن تشمل ما تبقى من القوات الجوية السورية المدعومة من الروس.
هذا ما يراه الخبير في الشأن الشرق أوسطي «مارتن شولوف»، في مقاله بصحيفة «الجارديان» وترجمته «شبكة رصد». مضيفًا أنّ أميركا تحتفظ بسفن حربية في البحر المتوسط، مملوءة ومعبأة بالصواريخ الحديثة، بجانب عدد كبير من المقاتلات الحربية في قطر، وهي القوات التي استخدمت في قصف تنظيم الدولة على مدار السنوات الماضية. لكنّ ترامب قد يلجأ إلى القذائف أكثر؛ حتى لا تسقط أيّ طائرات، خاصة أنّ القذائف أسهل في استخدامها.
كما يمكن للطائرات الفرنسية ضرب الأهداف السورية بعد إقلاعها من المطارات الفرنسية، وإذا انضمت بريطانيا فهي تملك قاعدة في قبرص قريبة من سوريا.
هل ستساهم بريطانيا في أيّ ردّ انتقامي؟
يمتلك سلاح الجو الملكي وحدات كبرى في منطقة الشرق الأوسط لا زالت تواجه تنظيم الدولة، ويمكنها أيضًا تحويل الطائرات بطيار ومن دون طيار بسهولة لقصف الأهداف العسكرية السورية إذا لزم الأمر، كما تمتلك توربيدات دقيقة في قصفها، ومسلحة بقذاف حديثة وموجهة، وأيضًا طائرات ريبر مزودة بصواريخ هيلفاير، وتعمل باستمرار في شرق سوريا والعراق ضد التنظيم.
لكنّ القيمة الرئيسة التي تمتلكها بريطانيا في سوريا، بجانب الخبرة العسكرية، أنها ترفض تصرف أميركا وحدها.
العمل العسكرير الروسي
بالرغم من تضرّر سلاح الجو السوري بشدة نتيجة القصف «الإسرائيلي» في مارس الماضي، فلا يزال يشكّل تهديدًا حيويًا، ولا تزال صواريخه القديمة قادرة على العمل، وسرعتها حتى أكبر من سرعة الطائرات الحديثة؛ مثل صواريخ من طراز «إس إيه 5»، عمرها 45 عامًا؛ وأسقطت الطائرة «الإسرائيلية إف 16».
غير أنّ بطارية الدفاع الجوي لا تعمل بالكفاءة نفسها، ولم تستطع مواجهة الغارات الإسرائيلية بكفاءة؛ وقادت «إسرائيل» نحو مائة غارة دون أن تصاب أيّ طائرة.
لكنّ السؤال الأكبر إذا كانت روسيا ستسارع بتفعيل منظومة الصواريخ «إس 400» التي أثبتت فاعليتها وموجودة حاليًا في سوريا منذ أكثر من عام، وتشكّل تهديدًا كبيرًا ومميتًا حتى لأحدث الطائرات في العالم. وفي الهجمات السابقة، علّقت روسيا في أحيانٍ عمل النظام لمدد وجيزة؛ لكنها لم تستخدمها بعد.
لكن، بعد تحذير وزير الخارجية الروسي «سيرجي لافروف» عقب تصريحات ترامب بشأن الرد على الهجوم الكيميائي؛ من المحتمل أن تندلع مواجهة مباشرة بين أطراف الصراع هناك: القوى الكبرى، كأميركا وروسيا.
المعارضة السورية
ما تبقى من المعارضة يبدو أنها جاثية الآن على ركبتيها، ولا تمتلك أيّ صواريخ دفاعية ضد الهجمات الجوية، إضافة إلى أنها فقدت معظم معاقلها، وتوجد حاليًا في درعا (جنوب سوريا) وإدلب (في الشمال) فقط؛ وهي مناطق لا تزال خاضعة لسيطرتها، ويشتركون في وجهة نظرهم مع جهاديين آخرين لهم رؤى مختلفة لمستقبل سوريا بعد الحرب.
وفي السنوات القليلة الماضية، دعا قادة المعارضة السورية إلى ضرورة إقامة مناطق حظر جوي أو منع الغارات الجوية لإضعاف النظام، واعتمدوا على أميركا في ذلك، لكن لم يُستجب لهم.
ووفقًا لما رأيناه في الشهور الأخيرة، تشترك الطائرات الروسية والسورية دائمًا مع بعضهم بعضًا في قصف مناطق المعارضة، كما حدث في منطقة الغوطة الشرقية على سبيل المثال. ومع سيطرة روسيا على ثلثي السماء في سوريا، فمنطقة حظر الطيران ليست اختيارًا مفتوحًا، ويبقى حلم المعارضة حاليًا الإطاحة بالنظام. لكن، حتى هذا المطلب يبدو حاليًا بعيد المنال؛ وما تأمله المعارضة حاليًا وجود سلاح جوي سوري ضعيف.