سيطرت الخلافات بين الغرب وروسيا بشأن الضربة الثلاثية لأميركا وبريطانيا وفرنسا على مواقع للنظام السوري فجر اليوم السبت على أروقة مجلس الأمن أثناء جلسة طارئة عقدت اليوم بدعوة من موسكو، التي أخفقت في الحصول على الأصوات اللازمة لتمرير مشروع قرار لإدانة الضربة العسكرية لسوريا؛ بعد تأييد ثلاثة أعضاء في المجلس ومعارضة ثمانية وامتناع أربعة عن التصويت.
ونصّ مشروع القرار على «إعراب مجلس الأمن عن غضبه من العدوان الأميركي على سوريا، ويعرب عن قلقه العميق من تزامن الهجمات مع بدء منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بالتحقيق وجمع الأدلة حول الهجمات في دوما. ويشير المشروع كذلك إلى أنّ العدوان يخرق ميثاق الأمم المتحدة، ويطالب بالامتناع عن أي خروقات مستقبلية لميثاق الأمم المتحدة».
#عاجل | رفض مشروع القرار الروسي بشأن #سوريا جاء بعد تأييد 3 أعضاء في مجلس الأمن ومعارضة 8 وامتناع 4 عن التصويت
— شبكة رصد (@RassdNewsN) April 14, 2018
ردع مستقبلي
وقالت مندوبة واشنطن في الأمم المتحدة، نيكي هايلي، إن واشنطن تصرفت لردع استخدام مستقبلي من قبل نظام الأسد للأسلحة الكيميائية، وأضافت أنّ «هناك معلومات واضحة تظهر استخدام الأسلحة وصور الأطفال كانت نتيجة استخدام الأسلحة… نحن لم نمنح الدبلوماسية فرصة واحد وست مرات مارست فيها روسيا حق النقض ضد آلية تحقيق».
وحمّلت روسيا المسؤولية قائلة إن «الفيتو الروسي كان بمثابة الضوء الأخضر لاستخدام النظام السوري الأسلحة الكيميائية»، لافتةً إلى أن بلادها قامت بخطوات غير العسكرية لمحاربة استخدام أو تسهيل استخدام ونقل الأسلحة الكيميائية.
وأضافت نيكي: «عندما يرسم رئيسنا الخط الأحمر فإنه ينفّذ ذلك. لقد فشل مجلس الأمن في محاسبة استخدام الأسلحة الكيميائية؛ والسبب الرئيس روسيا»، لافتةً إلى تمكن بلادها من ضرب المنظومة الكيميائية للنظام السوري.
ضربات قانونية
بدورها، شددت السفيرة البريطانية لمجلس الأمن، كارن بيرس، قبل دخولها قاعة مجلس الأمن، على أن الضربات العسكرية التي وجهتها بلادها بالتعاون مع فرنسا وأميركا «قانونية ولا تتعارض مع القانون الدولي».
واعتبرت أنّ العمل الجماعي سيقوّض قدرة سوريا على إنتاج الكيمياوي ونشره، كما أكّدت أنّ تاريخ الصراع في سوريا تكرارٌ لانتهاك القانون الدولي، وأنّ مناصري النظام السوري استهدفوا عمدًا أهدافًا مدنية، مضيفة: «سنواصل مع شركائنا السعي لحل أزمة سوريا سياسيًا، لن نقبل بدروس في القانون الدولي من روسيا».
أما المندوب الفرنسي في الأمم المتحدة فرانسوا ديلاتر فاعتبر أن استخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين يعد جريمة حرب، وأن الضربات كانت متناسقة مع ميثاق الأمم المتحدة، وجاءت لوضع حد لمأساة السوريين.
نوع من الاستعمار
لكنّ المندوب الروسي فاسيلي نبينزيا اعتبر أنّ الضربات غير قانونية وتخالف ميثاق الأمم المتحدة، وقال إنّ «روسيا قامت بكل ما في وسعها لإقناع أميركا وحلفائها بالامتناع عن هذه الخطوة، وكمبرر لتلك الهجمات تحدثتم عن الاستخدام المزعوم للأسلحة الكيميائية من دون انتظار النتائج التي ستتوصل إليها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية».
وأضاف أن على واشنطن أن تعلم أن هذا السلوك في استخدام القوة هو أمر ينظمه ميثاق الأمم المتحدة؛ فهذا «نوع جديد من الاستعمار وليس لديكم إلا الاستخفاف والاحتقار لميثاق الأمم المتحدة ومجلس الأمن». وتابع أن «العدوان يؤدي إلى تقويض العملية السياسية تحت مظلة ورعاية الأمم المتحدة»، لافتًا إلى أن بلاده أعدت مشروع قرار لإدانة الهجوم، والتصويت عليه.
حفاظا على الأمن
من جهته، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريس، الذي افتتح الجلسة، إنه تابع عن كثب إعلان كل من الرئيس الأميركي دونالد ترامب والفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي «بدء بلادهم بضربات عسكرية تستهدف قدرات سورية على إنتاج الأسلحة الكيميائية وتردع استخدامها في المستقبل، بحسب ما جاء في إعلان الرئيس ترامب».
وأضاف أنّ الجانب الأميركي يرى «الضربات الجوية كانت محدودة، الهدف الأول مركز الأبحاث ومركز مزعوم للأسلحة الكيميائية بجانب حمص ومركز عسكري. أعلنت سوريا أنه لم يسقط أي مدنيين ولا يمكن لنا أن نتأكد من أي من تلك المعلومات كأمم متحدة»، داعيًا جميع الدول الأعضاء في مجلس الأمن إلى الاتحاد وتجنب أي أعمال من شأنها تصعيد الموقف، ومفاقمة معاناة الشعب السوري.
وتابع «هناك واجب، عند التعامل مع قضايا متعلقة بالأمن والسلم الدوليين بالتصرف على نحو يتسق مع ميثاق الأمم المتحدة ومع القانون الدولي بشكل عام. ميثاق الأمم المتحدة واضح جدًا بشأن هذه القضايا، إذ يتحمل مجلس الأمن المسؤولية الرئيسة عن صون السلام والأمن الدوليين».
وتأسف جوتيريس لعدم توصّل مجلس الأمن إلى اتفاق حول تبني مجلس الأمن قرارًا لتشكيل آلية تحدد الجهات المسؤولة عن استخدام الأسلحة الكيميائية في دوما.