قبل أيام من انعقاد اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني الرابع، المقرر في 30 إبريل الجاري، بمدينة رام الله، أعلنت الجبهة الشعبية وهي ثاني أكبر فصيل فلسطيني بعد حركة «فتح» انسحابها ومقاطعة الجلسة المرتقبة.
وأيرز القرار حالة الغليان الموجودة داخل المجلس الوطني، وانقسام الرؤى بين مكوناته، وفصائله، حول ملف مشاركة الفصائل، بعد أن أعلنت الجبهة الشعبية انتهاء جولات الحوار بينها وبين وفد حركة فتح بالقاهرة، وعدم التوصل لاتفاق بين الوفدين على تأجيل انعقاد دورة المجلس الوطني.
والمجلس الوطني هو أعلى سلطة تشريعية تمثل الفلسطينيين داخل وخارج فلسطين، ويتكون من 750 عضواً، ومن صلاحياته وضع برامج منظمة التحرير السياسية، وانتخاب لجنة تنفيذية ومجلس مركز للمنظمة.
وعقدت آخر جلسة اعتيادية عام 1996، فيما كانت هناك جلسة طارئة عقدت عام 2009.
قرار الجبهة الشعبية
وأعلنت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، اليوم الخميس، عدم المشاركة في اجتماعات المجلس الوطني الفلسطيني، بعد دعواتها إلى تأجيل انعقاد دورة المجلس الوطني المقررة نهاية الشهر الجاري، ومواصلة العمل من أجل عقد مجلس وطني توحيدي وفقاً للاتفاقيات الوطنية الموقعة بهذا الخصوص، ولكنه لم يتم التوصل لاتفاق بهذا الشأن.
وأضافت: «في ضوء عدم التوصل لاتفاق بين الوفدين على تأجيل انعقاد دورة المجلس الوطني، قررنا عدم المشاركة » مؤكدة على استمرار «جهودها من أجل الوصول إلى عقد مجلس وطني توحيدي» .
وشددت الجبهة «على أهمية الحفاظ على منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني ، والتصدي لأيّة مخططات تعمل على تفكيكها ، أو خلق أُطر موازية أو بدائل لها »
والجبهة الشعبية تأسست عام 1967 كامتداد للفرع الفلسطيني من حركة القوميين العرب، أسسها مجموعة من قياديي القوميين العرب وبعض المنظمات الفلسطينية التي كانت منتشرة في حينه وعلى رأسهم مؤسسها وأمينها العام السابق د. جورج حبش ومصطفى الزبري المعروف بأبو علي مصطفى ووديع حداد وأحمد اليماني وحسين حمود (أبو أسعد) ومحمد القاضي الذي تنحى برضاه عن عمله في منتصف السبعينات ولم يشغل أي منصب قيادي بالحركة آن ذآك.
دلالات القرار
وأوضح عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ماهر مزهر، أن القرار، جاء للتأكيد على عدة نقاط ثابتة، أرادت الجبهة أن تكون واضحة وثابتة تجاه الانقسام الفلسطيني الراهن.
وقال مزهر في تصريح لـ«رصد»، أن القرار له عدة دلالات، أبرزها «أننا نؤكد اننا بحاجة إلى عقد مجلس وطني توحيدي حسب مخرجات اللجنة التحضيرية التي عقدت في بيروت يناير ٢٠١٧»
وأضاف مزهر، «أننا بهذا القرار لن نكون طرف في تعزيز المزيد من الانقسام الفلسطيني»، متابعا «نطالب عقد المجلس الوطني بمشاركة الكل الوطني وان لا يعقد تحت حراب الاحتلال».
وكان ثلاثة أعضاء من المستقلين في المجلس الوطني الفلسطيني قدموا اعتذارهم عن المشاركة في دورة المجلس المقرر انعقادها في رام الله ، منذ يومين وطالبوا، بعدم عقدها تحت حراب الاحتلال، واجراء الترتيبات والمشاورات اللازمة لعقده في عاصمة عربية مثل الجزائر، او أي دولة أخرى تقبل بعقده في أراضيها
وقال الموقعون على رسالة الاعتذار وهم : الدكتور انيس القاسم، رئيس اللجنة القانونية السابق في المجلس الوطني، والدكتور سلمان ابو ستة، الاكاديمي والشخصية الوطنية المعروفة، ورئيس مؤتمر الشتات، وعبد الباري عطوان، الكاتب والمؤلف، «الاجتماع سيعقد في رام الله، أي تحت حراب الاحتلال، وهذا غير مقبول من حيث المبدأ. فهو كما قال سلفكم الوطني الصادق رئيس المجلس الوطني السابق المرحوم الشيخ عبد الحميد السايح: لا اجتماع ولا صلاة تحت الحراب. وعَقْدُ الاجتماع تحت الاحتلال مصيدة لاعتقال من يشاء الاحتلال أو المنسقون الأمنيون اعتقالهم أو اغتيالهم أو منعهم من الحضور».
ضغوط على السلطة
وأشار مزهر في تصريحاته، إلى أن الجبهة «تؤكد على أننا بحاجة إلى إعادة الاعتبار للمنظمة بعيدا عن التفرد والهيمنة».
وتابع «نعم نحن ننحاز للكل الوطني، ونقف إلى جانب شعبنا لنمارس مزيد من الضغط على القيادة الفلسطينية، من تأجيل عقد المجلس الوطني حتى يتم تطبيق الاتفاقات الموقعة بمجلس وطني توحيدي بالخارج وأن ترفع القيادة الفلسطينية اجراءاتها العقابية عن شعبنا بغزة بهدف تعزيز صمود شعبنا».
وعلق الناطق باسم حركة حماس، سامي أبو زهرة عبر حسابه على «تويتر» أن «قرار الجبهة الشعبية مقاطعة جلسة المجلس الوطني مهم واستراتيجي لعزل حالة التفرد التي تمارسها قيادة فتح وندعو فتح الى اعادة تقييم موقفها واحترام اتفاق بيروت في ظل مقاطعة القوى الرئيسية».
ودعت الحركة في بيان، باقي الفصائل الفلسطينية، وكافة المؤسسات، والشخصيات الاعتبارية، إلى تسجيل موقف وطني مماثل في رفض المشاركة باجتماع المجلس».
وكانت حركتا «حماس» و«الجهاد الإسلامي» (لا تنضويان تحت أُطر منظمة التحرير) قد أعلنتا في مارس الماضي، رفضهما دعوة رسمية وجهت لهما للمشاركة في اجتماعات المجلس، كما انتقدتا عقده في مدينة رام الله، الواقعة تحت «الاحتلال الإسرائيلي».
وتتجه «الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين» لاتخاذ موقف مماثل للجبهة الشعبية، بعد أن أعلنت مشاركتها في وقت سابق، وقالت في بيان اليوم، إنها تواصل مشاوراتها مع القوى والفصائل الفلسطينية لدراسة الموقف حيال مشاركتها في اجتماع المجلس الوطني نهاية الشهر الجاري.
وأكد قيس عبدالكريم «أبو ليلى»، نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية، أن حركته بصدد دراسة الموقف من المشاركة في جلسة «الوطني» من عدمها؛ بما يخدم المصالح الوطنية، قبل الإعلان عن قرارها النهائي خلال الأيام القادمة على ضوء نتائج المشاورات مع جميع القوى الفلسطينية.
وأضاف «ستواصل الجبهة السعي من أجل ان يتسع المجلس الوطني لكل فصائل العمل الوطني والإسلامي رغم الصعوبات التي تتعرض ذلك».
وقال الكاتب والمحلل السياسي فايز أبو شمالة، عبر «تويتر» «الاحترام لموقف الجبهة الشعبية الرافض للمشاركة في جلسات مجلس وطني في رام الله» مضيفا «اليوم غدونا أغلبية رافضة للجلسة، والتأجيل هو الحل».
يذكر أنه لا يجوز انعقاد المجلس إلا باكتمال النصاب القانوني ( الذي يتكون) من ثلثي أعضائه على الأقل.
وكان سياسيون أكدوا أن أكبر تحدي لانعقاد الجلية، هو عدم قدرة المشاركون في الوصول إلى رام الله حتى وإن وافقوا على المشاركة، وقال سمير أبو مدللة، في تصريحات تلفزيونية، أن «الاحتلال سيمنع الوفود المشاركة، سواء بالتواجد في رام الله، أو القادمين من غزة أو من خارج الأراضي الفلسطينية من الشتات»
فيما أوضح عضو المجلس المركزي لمنظمة التحرير نبيل عمرو ، في تصريحات صحفية، أن مقاطعة الجبهة الشعبية للمجلس الوطني ستؤثر على النصاب القانوني للوطني والذي يشترط توفر ثلثي أعضائه على الأقل، لافتا إلى أن « الاحتمالات مفتوحة على هذا الصعيد، وأن المجلس سيجد صعوبة في توفير النصاب في ظل المقاطعة من قبل بعض الفصائل».