تواجه «الأونروا» حاليًا عجزًا ماليًا قيمته 300 مليون دولار، عقب ضغط «إسرائيل» على أميركا لتشويه سمعة الوكالة وإغلاقها؛ وبالتي سينتج عن نقص التمويل بعد أغسطس القادم عواقب إنسانية، وسيجعلها بعيدة كل البعد عن تحقيق أهدافها في مساعدة اللاجئين الفلسطينيين وتحقيق التنمية، الذين يتعامل معهم العمل الخيري بشكل عام في فلسطين كأنهم رهائن.
فهناك جهود مركزة حالية لاستمرار معاناة الفلسطينيين ماليًا ومن جميع أنواع القمع، وفي الوقت نفسه يعانون من سلطتهم، الطامحة إلى السيطرة على قطاع غزة، المعرّض للانهيار في أي وقت. وبغض النظر عن أنّ معظم سكان القطاع لاجئون، فالفلسطينيون يجبرون على الدخول في حلقة مفرغة من الحرمان، بجانب القوى السياسية المتعددة التي تحدد اختياراتهم.
هذا ما تراه الباحثة المستقلة «رامونة داوود» في مقالها بصحيفة «ميدل إيست مونيتور» وترجمته «شبكة رصد»، مضيفة أنّ وكالة الأونروا تواجه بدورها ضغوطًا سياسية، وهي الساعية باستمرار إلى تحقيق التوازن المطلوب لأداء دورها وضمان استمرارها؛ معتمدة في معظم التمويل على التبرعات من الدول الأعضاء بالأمم المتحدة. وبالرغم من ذلك، ينبغي الاعتراف بأنّ السماح للفلسطينيين باستعادة حقوقهم المسلوبة وتحسين أوضاعهم أهم بكثير من العمل على ضمان التبرعات للأونروا.
توسع استعماري
وغياب الحل المستدام لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين يديم الخطاب السياسي السائد الساعي إلى الحفاظ على مقاربتين متناقضتين: الأولى إكراه الفلسطينيين على بقائهم لاجئين بشكل دائم، والأخرى السماح لـ«إسرائيل» وأميركا بالاستمرار في تقليص جهود الأونروا ومهامها؛ ونتيجة لذلك يختنق اللاجئون الفلسطينيون سياسيًا.
والنهج المشار إليه «معيب»؛ إذ يسمح باستمرار التوسع الاستعماري للدولة اليهودية على حساب الفلسطيينيين؛ وبالتالي زيادة أعداد اللاجئن بشكل مطرد، واستمرار العجز في تمويل الأونروا، وتعزيز الانقسام بين السياسة والشعب الفلسطيني، وإخفاء الرؤية المتعلقة بالقضية الفلسطينية على حساب التركيز على تقديم المعونة للوكالة من عدمه.
وانخفضت وتيرة التركيز على الانتهاكات الكبرى لجيش الاحتلال؛ فالقضاء على أيّ عملٍ سياسيّ محتمل هو الهدف الأساسي الذي تسعى وراءه «إسرائيل» والمتواطؤن معها، ويتمثّل الهدف في «عزل الفلسطيين أكثر عن حقوقهم الإنسانية الأساسية، ناهيك عن حقوقهم المنصوص عليها في القانون الدولي».
كما إنّ خطة نتنياهو الرامية إلى القضاء على مفهوم اللاجئين الفلسطينيين ستفشل؛ بسبب اعتماد دولة الاحتلال على التوسع الاستعماري. وبالرغم من ذلك، المشاكل المرتبطة بنقص تمويل الأونروا ستحجب الهوية الفلسطينية، وترسّخ لمزيد من الانقسامات بين التجسيد الإنساني للأونروا والحقوق الأساسية الشرعية للفلسطينيين.