شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

محلل سياسي لـ«ميدل إيست آي»: بريطانيا و«دول عربية» موّلتا إرهابيين في سوريا.. بعضهم من «تنظيم الدولة»

مقاتل من البيشمركة الكردستانية على قمة همفي أمام مقاتلي تنظيم الدولة خارج بلدة نويران بالقرب من الموصل

بدأت الأنشطة السرية البريطانية أواخر عام 2011، بعد بضعة أشهر من بدء المظاهرات الشعبية في تحدي النظام السوري في مارس حينها؛ إذ لجأ نظام بشار الأسد إلى القمع في محاولة لإخماد الاحتجاجات، وأطلق النار بشكل روتيني على الحشود، واحتجز الآلاف وأخضع كثيرين للتعذيبومع تزايد عدد القتلى على يد النظام، ازدادت المعارضة الدولية لهذا الأسلوب؛ فرأت بريطانيا وحلفاؤها الفرصة لإزالة النظام القومي المستقل، وتعميق السيطرة على منطقة الشرق الأوسط.

هذا ما يراه المحلل السياسي البريطاني «مارك كورتيس» في مقاله بصحيفة «ميدل إيست آي» وترجمته «شبكة رصد»، مضيفًا أنّ بريطانيا بدأت في شحن الأسلحة إلى جماعات المعارضة في سوريا بموافقة أميركا في ربيع 2011.

وفي أسابيع، تلقّت إدارة أوباما تقارير تفيد بأنّ الأسلحة بالفعل في طريقها إلى جماعات المعارضة، وبحلول نوفمبر 2011 كتب «فيليب جيرالدي»، الضابط السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، إنّ الطائرات الحربية التابعة لمنظمة حلف شمال الأطلسي «الناتو»، التي لا تحمل أي علامات، كانت تصل إلى تركيا، سلّمت الأسلحة ونحو 600 مقاتل من ليبيا إلى الجيش السوري الحر.

وأفادت التقارير بأنّ القوات البريطانية والفرنسية الخاصة تساعد المقاتلين السوريين وتدرّبهم وتوفّر الاحتياجات الأساسية إليهم؛ بما فيها الأسلحة وأجهزة الاتصال، وزوّدتهم المخابرات الأميركية بأجهزة إلكترونية حديثة.

وهكذا بدأت حكومة «ديفيد كاميرون» العمل السري في سوريا، في الوقت الذي أطيح فيه بمعمر القذافي في ليبيا، كما عملت جنبًا إلى جنب مع الإسلاميين؛ فدرّبت القوات البريطانية والفرنسية والأميركية مسلحين ليبيين في ليبيا لمحاربة القذافي، ثم انضم بعضهم إلى تنظيم الدولة أو فرع القاعدة في سوريا «النصرة»؛ وأصبحت أقوى مجموعة «معارضة» سورية.

خط الفئران

وتورّطت بريطانيا في «خط الفئران» للأسلحة المسلّمة إلى سوريا من ليبيا، عبر جنوب تركيا، وقوّضت في أوائل 2012؛ وكشف عن هذا المشروع الصحفي «سيمور هيرش»، مؤكدًا أنّ المشروع موّلته تركيا والسعودية وقطر؛ بينما كانت وكالة الاستخبارات الأميركية، بدعم من القوات الخاصة البريطانية، المسؤولة عن الحصول على أسلحة من ترسانات القذافي ونقلها إلى سوريا.

ولم يُكشف عن هذا إلى الكونجرس الأميركي، كما هو مطلوب بموجب القانون الأميركي، وأضاف «سيمور» أنّ عديدين كانوا في سوريا وتسلّموا الأسلحة في نهاية المطاف من الجهاديين، مضيفًا أنّ بعضهم منتسب إلى القاعدة. وفي الواقع، يُعتقد أنّ قطرالتي كانت حليف بريطانيا الرئيس في الإطاحة بالقذافي- تكرّر الآن دورها في سوريا؛ إذ موّلت النصرة بالأسلحة والأموال.

ونقلت صحيفة «التليجراف» عن دبلوماسي شرق أوسطي أنّ قطر مسؤولة عن جبهة النصرة مولتهم بالمال والسلاح وكل ما يحتاجون إليه.

وفي 2012، وضع الجيش البريطاني خططًا لتشكيل جيش معارضة سوري قوامه مائة ألف مقاتل معتدل للإطاحة ببشار، مدعومًا بغطاء جوي غربي، وأُخبر «ديفيد كاميرون» حينها بأنّ هذه المبادرة مقتصرة على «التجهيز والتدريب فقط»، وأنّ الأمر سيستغرق عامًا لتطويرها؛ لكنّ مجلس الأمن القومي البريطاني رفض الفكرة باعتبارها مخاطرة كبرى.

لكنّ الخطة استمرت، وبدأت بريطانيا وأميركا فعلًا في تجهيزها، وظهرت إلى النور في 2013؛ إذ دُرّبت قوة كبرى من «المتمردين» في الأردن تمهيدًا لنقلهم إلى سوريا؛ واقتضى دور بريطانيا في الخطة تدريبهم، استعدادًا لإرسالهم إلى سوريا.

كما تورطت الاستخبارات البريطانية والأميركية في إمداد المسلحين بالمعلومات الاستخباراتية، وأمدّتهم بهواتف تعمل بالأقمار الصناعية لتنسيق الأنشطة العسكرية، ودريتهم وزارة الخارجية البريطانية على مهارات التفاوض والاستقرار، وقدّمت المشورة لقادة المعارضة لكيفية التعامل مع الشعب السوري والجمهور الدولي. لكن، للأسف، وصلت أسلحة إلى مجموعات متشددة؛ مثل «تنظيم الدولة» الذي علا نجمه في 2014.

وأفادت الأنباء بأنّ أميركا كانت تدرك تمام الإدراك أنّ معظم الأسلحة التي يقدمها حلفاؤها السعوديون والقطريون في طريقها إلى «الجهاديين الإسلاميين المتشدديين لا لجماعات المعارضة الأكثر علمانية». مع ذلك، توسّع التدخّل الأميركي والبريطاني في الحرب أكثر في نوفمبر 2012؛ عندما أعلنت بريطانيا في مؤتمر بقطر عن مجموعة «أصدقاء سوريا» المناهضة للأسد أنّها تسعى إلى تنظيم «المتمردين» السوريين المسلحين في «قوة قتالية فعالة»

وخطط وزير الخارجية «وليام هيج» لإنشاء حكومة مؤقتة في شمال سوريا وجعل قوات المعارضة السورية «تتحد» على الأرض؛ بهدف الإطاحة ببشار. وبعد يومين، عقد رئيس أركان الدفاع البريطاني الجنرال «ديفيد ريتشاردز» اجتماعًا في لندن لتسليح المعارضة. وبعد ذلك بمدة وجيزة، وفّرت أميركا طائرة لنقل ثلاثة آلاف طن من الأسلحة إلى الجيش السوري الحر من كرواتيا بمساعدة بريطانيا ودول أوروبية أخرى، دفعت ثمنها السعودية.

وبعد، قال اللورد «آشداون»، الزعيم الديمقراطي الليبرالي السابق، إنّ هذه الكمية الهائلة من الأسلحة انتهى بها الأمر «بشكل شبه حصري إلى الجماعات المتطرفة»؛ وحصل «النصرة والجماعة الإسلامية الأخرى المتشدّدة؛ مثل أحرار الشام». بينما شقّ متدربون آخرون طريقهم إلى «تنظيم الدولة»؛ بقصد أو دون قصد.

أيضًا، تورطت بريطانيا بشكل وثيق في برنامج أطلقه الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما في أبريل 2013 لتزويد الجماعات السورية بالأسلحة والتدريب، كما زودت غرف التحكم في تركيا والأردن، يديرها ضباط مخابرات من أميركا وبريطانيا وتركيا وفرنسا والسعودية والإمارات بالصواريخ المضادة للدبابات.

لكن، ولمرة ثانية، وجدت أسلحة طريقها إلى تنظيمي الدولة والقاعدة؛ وتداولت أحيانًا في السوق السوداء.

مكتب صحفي للجيش الحر

وفي خريف عام 2013، بدأت بريطانيا في إعادة تركيزها الرئيس على حملة دعم المعارضة السورية، التي يُعرف بأنها تحت سيطرة المتطرفين والجهاديين ومدفوعة منهما؛ وكشفت صحيفة «الجارديان» أنّ بريطانيا أنفقت 2.4 مليون جنيه إسترليني على أجهزة الاتصالات الاستراتيجية ودعم الأنشطة الإعلامية للمعارضة المسلحة المعتدلة السورية، فيما وصفته بريطانيا بـ«المكتب الصحفي للجيش السوري الحر».

وموّلت السعودية «جيش الإسلام»، التنظيم المكوّن من 50 فصيلًا إسلاميًا. وبعدها في العام نفسه، التقى المبعوثون البريطانيون والأميركيون سرًا بزعماء جماعات معارضة إسلامية سورية في أنقرة؛ في محاولة لإقامة تحالف جديد بينهم.

وقالت صحيفة «التليجراف» إنّ المحادثات تضمّنت «جماعات متشددة تطالب بدولة متشددة تطبق الشريعة».



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023