في مؤتمر صحفي الثلاثاء الماضي، تحدّث الرئيس دونالد ترامب بلا خجل وقال إنّ الدول الموجودة في الشرق الأوسط لا تستطيع الصمود أسبوعًا دون أميركا، على الرغم من غناهم؛ وعليهم أن يدفعوا الثمن. بينما استقبل الزعيم الإيراني حسن روحاني هذه التصريحات باقتراح توحيد العالم الإسلامي في المنطقة ضده، وقال إنّه يجب على المسلمين الوقوف بثبات ضد أميركا وغيرها من قوى الاستبداد؛ فالعالم الإسلامي تعرّض للإهانة.
هذا ما رصدته صحيفة «واشنطن بوست» في تقرير لها وترجمته «شبكة رصد»، مضيفة أنّ ترامب لم يذكر دولة بعينها في تصريحاته؛ بينما فسرها كثيرون بأنّه يقصد حلفاء أميركا في «الخليج الفارسي»، بما فيهم السعودية والإمارات، وهما دولتان على خلاف مع إيران في قضايا ومسائل سياسية؛ خاصة تورّط إيران العميق في الصراع السوري ودعمها للمتمردين الحوثيين في اليمن.
ودعا ترامب حلفاءه الخليجيين إلى تحمّل مزيد من الأعباء المالية والعسكرية في الصراع السوري تزامنًا مع الانسحاب الأميركي من سوريا. وفي مكالمة هاتفية مع الملك السعودي «سلمان»، طالب ترامب المملكة بدفع أربعة مليارات دولار ثمنًا لجهد أميركا في سوريا.
وفي الشهر الماضي، عندما زار ولي العهد السعودي «محمد بن سلمان» أميركا، استخدم ترامب وجود الصحافة في المكتب البيضاوي للتأكيد على أنّ السعوديين بحاجة إلى تحمّل مزيد من المسؤولية في الشرق الأوسط، كما سرد مبيعات للأسلحة الأميركية إلى السعودية، قبل التوقف لإبلاغ ولي العهد بأنّ التكاليف كانت مجرد «فول سوداني» للمملكة الغنية بالنفط.
وفي أوائل أبريل، ذكرت شبكة «سي إن إن» أنّ ترامب انتقد مباشرة زعيمًا خليجيًا (لم يذكر اسمه) في محادثة خاصة نقلها بعد إلى أصدقائه، وأخبره: «من دوننا لن تدوم أسبوعين».
وقال «أندرو بوين»، الخبير في شؤون الشرق الأوسط بمعهد «أميركان إنتربرايز»، إنّ رسالة ترامب اتفقت مع التصريحات السابقة التي أدلى بها بشكل خاص وعلني؛ والأمر ليس مفاجأة، فهو واقع توصل إليه الخليجيون من قبل؛ وهذا لا يعني أن الجميع سعداء بشأن آراء ترامب.
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي غضبًا عارمًا بسبب تصريحات الرئيس الأميركي. وقال «عبدالخالق عبدالله»، محلل سياسي إماراتي، إنّ بلاده ستعيش حتى بعد رحيل ترامب، كما وصف رجل الأعمال الإماراتي «خلف أحمد الحبتور» تصريحات ترامب بالمرفوضة وأنها تجهل تاريخ الخليج.
وظلّ القادة السياسيون في دول مثل الإمارت والسعودية صامتين؛ لكنّ وزير الخارجية السعودي «عادل الجبير» ردّ على تصريحات ترامب، زاعمًا أنه يقصد بها قطر لا السعودية أو الإمارات؛ بسبب صلاتها بجماعة الإخوان المسلمين في مصر.
وقال الوزير، وفقًا لبيان بوكالة الأنباء السعودية الرسمية، إنّ قطر يجب أن تدفع كلفة القوات الأميركية في سوريا، وأن ترسل أيضًا قواتها الخاصة إلى البلاد قبل أن يرفع الرئيس الأميركي الحماية عنها، وتجسّدها القاعدة العسكرية الأميركية على أرضها.
وأضاف أنّ النظام القطري سيقع في غضون أسبوعين إذا انسحبت أميركا من أرضه. وتورطت السعودية والإمارت ومصر والبحرين في مواجهة دبلوماسية مع قطر في يونيو الماضي، وفرضوا عليها حصارًا مستمرًا حتى الآن.
واقترح «علي شهابي»، المدير التنفيذي لمؤسسة «أرابيا» الفكرية المؤيدة للسعودية في أميركا، إنّ تعليقات «الجبير» لا يمكن وصفها بأنّها رد سلبي على تصريحات ترامب بقدر ما كانت تستهدف الإمارة الصغرى «قطر»، مضيفًا: بمعنى آخر، تقول السعودية: إذا كان هناك من يدفع الثمن وفقًا لمعايير ترامب فإنها قطر وليست السعودية.
لكن، لا تستطيع الدول الخليجية انتقاد ترامب بشكل علني؛ خاصة وأنهم معتمدون عليه في معظم قرارتهم، فقادة السعودية والإمارات سعوا بقوة إلى إقامة علاقات وثيقة معه على الرغم من الأدلة تكشف أنّه يستهدفهما بتصريحاته الأخيرة. وبالرغم من ذلك، ما زال مرحبًا به بينهما؛ ويعتقدان أنه السبب في تحوّل موقف أميركا السلبي منهما أثناء ولاية أوباما.