أكدت صحيفة «يوراسيا ريفيو» أن عبدالناصر أضر كثيرا بالاقتصاد المصري والسياسة الداخلية والإقليمية، وهي الأضرار المستمرة حتى الآن، مضيفة في مقال لـ«محمد نصير» -سياسي ليبرالي مصري- أنه حتى أضر بالدول العربية المجاورة، مشيراً إلى أن ملف الحريات في عهده كان مقيدا كما هو الحال حاليا، حيث يرى السيسي في حكم عبدالناصر المثال الأكبر والأهم، ويسعى إلى تطبيق فلسفته.
وأضاف الكاتب وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أن السيسي يسعى حاليا إلى تطبيق فلسفة ناصر في الحكم، غير أنه سيفشل بكل تأكيد؛ لأن الشباب أصبح منفتحا على العالم اليوم أكثر من ذي قبل، بالإضافة إلى عدم قدرة الحكومة المصرية أو غيرها من الحكومات على السيطرة على قنوات الاتصال التي كثرت.
وتابع: إن الجدال حول إرث جمال عبدالناصر وحول جدوى سياساته هو مضيعة للوقت وللطاقة، موضحة أنه حكم مصر في الفترة من 1956 إلى 1970، فيما لا يوجد أي إرث له سوى المعجبين به وبسياساته، ويقومون بالدفاع عن جميع قراراته بصورة عمياء، متجاهلين الأضرار التي ألحقتها سياساته بالعديد من القضايا الاجتماعية والاقتصادية الأساسية في مصر، وتدهور الوضع السياسي الكامل للمنطقة العربية، خلال فترة حكمه.
وأضاف الكاتب، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»: كونك قائدا محبوبا يختلف تماما عن كونك قائدا مؤهلا، فرغم أنه كان يعتبر زعيماً وطنياً حقيقياً وحاول بالفعل تعزيز سيادة مصر على أراضيها وفرض قرارتها الخاصة بها، إلا أنه من ناحية أخرى تسبب في أضرار غير مقصودة لا تزال المنطقة تعاني منها حتى اليوم، ورغم أن خلفاءه كانوا أقل كاريزمية منه، إلا أنهم رغم ذلك أضافوا قيمة كبيرة لمصر أكثر مما فعله عبدالناصر، لكنهم على الجانب الآخر لم يتركوا البصمة العاطفية التي تركها ناصر.
وأشار الكاتب إلى أن حكم ناصر كان حكما شبه ذاتي، حظي بتقدير العديد من المصريين والعرب الذين استشعروا جرأته في مواقفه ومحاولة التخفيف عن معاناتهم، حيث رفع ناصر «بشكل مؤقت»، من المستوى المعيشي لقطاعي العمال والفلاحين، إلا أنه فعل ذلك على حساب اقتصاديات باقي المصريين وحتى باقي الدول العربية، فلا يزال الاقتصاد المصري يعاني من الكساد؛ بسبب الخسائر المتراكمة التي تكبدتها الشركات التي أممها والعاملين غير المنتجين الذين ما زالوا يتوقعون من الدولة أن تطعمهم، كما كان يحدث خلال عهد عبدالناصر.
أما على المستوى العروبي، أدى موقف عبدالناصر المتصاعد تجاه العديد من القادة العرب والغربيين إلى الانخراط في العديد من الصراعات السياسية الإقليمية التي لم تكن ذات قيمة لمصر، موضحا أنه كان يهدف إلى تعزيز بطولاته العربية، وهو ما استنكره الكاتب كليا، مؤكداً أنه تسبب في احتلال إسرائيل لشبه جزيرة سيناء.
وساهمت كاريزما الرئيس الراحل في تعزيز قوته، ومضيفا: سعى عبدالناصر إلى تعزيز صورته بكل الطرق الممكنة، لذلك أنشأ جهازاً إعلامياً حكومياً للتواصل مع المواطنين من أجل تعزيز صورته فقط، وهو الجهاز الذي تحاول مصر التعامل مع سلبياته حاليا دون جدوى، من ترهل القطاع وانتشار البيروقراطية فيه وانعدام المحتوى ذي الأهمية، بالإضافة إلى الأموال التي تنفق عليه.
وأكد أن المصريين الذين عاشوا في فترة حكمه يحكمون عليه بطريقة عمياء للغاية؛ بسبب ما فعله من أجلهم، أما الذين وُلدوا بعد رحيله فيحكمون عليه بطرق أكثر عقلانية، ويعد عبدالفتاح السيسي من أشد المعجبين بعبدالناصر، خاصة فيما يتعلق بملف الحريات الإعلامية وما شابه، موضحا أنه يحسد أسلوبه في الحكم بما في ذلك التلاعب بوسائل الإعلام، وأضاف الكاتب: لكن إذا طبق السيسي سياسات عبدالناصر، بالتأكيد سينأى بنفسه عن شباب المصريين، والذين تتعارض ديناميكياتهم الشابة مع الأسلوب القديم في الحكم.
وأوضح أنه من المستحيل كليا أن يستطيع أي أحد إلهام شباب اليوم بقائد مثل عبدالناصر، خاصة وأن العالم أصبح منفتحا على بعضه الآن، وليس كل ما يقال يصدّق، حيث ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي في الانفتاح على خبرات جديدة وأفكار غنية لا تستطيع الدولة أن تتعامل معها أو تنافسها أو حتى تسيطر عليها، بالإضافة إلى ذلك فرغبة الدولة في السيطرة على الشباب تجعل من الحياة أكثر صعوبة.
فلا يزال النظام المصري الحاكم لا يستطيع أن يفهم عقلية شباب اليوم، ولا يزال غير قادر على الاستفادة من أدوات الاتصال في الوقت الحاضر.
وختم الكاتب بأن عبدالناصر كان موهوبا للغاية في استغلال مشاعر المصريين وإعادة توجيه مشاعرهم نحو الوطنية، وإعادة توزيع ثروات الأغنياء على الفقراء، موضحاً أن تلك الفلسفة في الحكم أضرت كثيرا بالاقتصاد المصري حتى الآن، مضيفا: شرع عبدالناصر في تأميم العديد من الشركات الخاصة الناجحة، بالإضافة إلى تسييسه للمجتمع بأسره.