قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» اليوم إن الشرطة المصرية وقطاع الأمن الوطني نفذا حملة اعتقالات ضد منتقدي السيسي خلال مداهمات جرت فجرا منذ بداية مايو 2018.
وأشارت المنظمة في تقرير نشرته اليوم، إلى أن التهم الموجهة إليهم مستندة إلى منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي ونشاطهم السلمي فقط، ومن بينهم حازم عبد العظيم، ناشط سياسي، محتجز منذ 27 مايو، والصحفي والناشط الحقوقي المعروف وائل عباس، منذ 23 مايو بعد أن غطت قوات الأمن عينيه واحتجزته 36 ساعة تقريبا في مكان مجهول قبل عرضه أمام النيابة، بالاضافة إلى شادي الغزالي حرب وهيثم محمدين والناشطة أمل فتحي؛ وشادي أبو زيد، معد برنامج تلفزيوني ساخر.
وتأتي الاعتقالات عقب إصدار النائب العام نبيل صادق بيانا في فبراير يأمر النيابة العامة بمراقبة مواقع التواصل الاجتماعي التي «تنشر الأكاذيب والأخبار غير الحقيقية»، وأضاف البيان أن المحامين العموم ورؤساء النيابة سيتخذون إجراءات قانونية ضد وسائل الإعلام والمواقع التي تبث أخبارا كاذبة، من شأنها إلقاء الرعب في نفوس أفراد المجتمع أو تكدير الأمن العام.
وقالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: «وصل الاضطهاد في مصر درجة قيام قوات السيسي باعتقال نشطاء معروفين خلال نومهم، لمجرد كلامهم. الرسالة واضحة: الانتقاد، بل وحتى التهكم البسيط، يؤدي بالمصريين إلى السجن الفوري»
واستعرض تقرير المنظمة، حالات الاعتقال التي شهدتها مصر خلال الشهر المنصرم، كالتالي:
كان عبد العظيم شخصية بارزة في حملة انتخاب السيسي عام 2014، لكنه أصبح لاحقا من منتقديه، ففي مارس، نشر عبد العظيم على حسابه في «تويتر» تسجيلات لمكالمتين هاتفيتين قال إنهما من عناصر أمن يهددونه لانتقاداته، وذكرت تقارير إعلامية قيام نيابة أمن الدولة العليا بحبسه 15 يوما على ذمة التحقيق، متهمةً إياه بـ «الانضمام لجماعة إرهابية وبث ونشر أخبار كاذبة»
وأشار تقرير «هيومن رايتس ووتش» أن قوات الشرطة التي داهمت منزل عباس لم تشرح أسباب اعتقاله وصادرت ممتلكاته الشخصية، كحاسبه المحمول وعدة كتب، لم يتمكن محاموه من تحديد مكانه أو الاتصال به في البداية، لكنهم عثروا عليه لاحقا في مقر النيابة العامة، وتم حبسه 15 يوما على ذمة التحقيق متهمةً إياه بالانتماء إلى «منظمة إرهابية، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي للترويج لأفكار الجماعة ونشر أخبار كاذبة».
وأفاد موقع «مدى مصر» الإخباري المستقل في 28 مايو أن النيابة أمرت بحبس طالب دكتوراه في «جامعة واشنطن» وليد خليل الشوبكي، في القضية نفسها، واستجوبته دون محام.
وتابعت «كانت قوات الأمن احتجزته بمعزل عن العالم الخارجي 4 أيام تقريبا. ويبدو أن الأمن اعتقله بعد فترة وجيزة من مقابلته أستاذ القانون محمد نور فرحات، بشأن عمله على استقلال القضاء في مصر».
أسس عباس، وهو مدون حائز على عدة جوائز، مدونة «الوعي المصري»، وكتب عن تعذيب الشرطة والفساد ونشر مقاطع فيديو وصور للاحتجاجات.
وتلقى عدة جوائز كجائزة «هيلمان هاميت» لعام 2008 من هيومن رايتس ووتش و«جائزة نايت للصحافة الدولية» عام 2007، وسمّته «سي إن إن» شخصية العام في الشرق الأوسط في 2007.
وفي 15 مايو، استدعت نيابة الجيزة الغزالي حرب للاستجواب بعد شكوى من أحد المحامين استنادا إلى منشوراته على تويتر، والتي تناولت مواضيع متصلة بشؤون خارجية مثيرة للجدل، مثل عزم السيسي على التنازل عن جزيرتين في البحر الأحمر للسعودية.
اتهمه الادعاء في البداية بإهانة الرئيس قائلا إنه سيُطلق سراحه بكفالة، لكن عندما ذهب محاميه لإنهاء إجراءات إطلاق سراحه، وجد أنه حوّل إلى مقر نيابة أمن الدولة العليا بقضية أخرى. والتي أمرت باحتجازه 15 يوما على ذمة التحقيق واتّهمته بـ«نشر أخبار كاذبة والانضمام إلى جماعة محظورة».
كما أمرت نيابة أمن الدولة العليا بحبس المحامي هيثم محمدين، الناشط المدافع عن حقوق العمال، 15 يوما بتهمة «الانضمام إلى منظمة إرهابية والتحريض على الاحتجاجات»، في نفس القضية التي استجوبت فيها السلطات الغزالي حرب.
واعتقل الأمن الوطني في البداية محمدين في 18 مايو واحتجزه ليومين بمعزل عن العالم الخارجي.
وفي 11 مايو اعتقلت قوات الأمن أمل فتحي من منزلها بعد أن نشرت فيديو على حسابها على فيسبوك تنتقد فيه عدم قيام الحكومة والشرطة بحماية النساء من التحرش في الأماكن العامة، وتنتقد كفاءة موظفي مصرف حكومي.
وألقت قوات الأمن القبض على زوجها محمد لطفي، رئيس «المفوضية المصرية للحقوق والحريات»، وهي مجموعة حقوقية مستقلة.
وأخذت الشرطة ابنهما البالغ من العمر 3 سنوات إلى مركز الشرطة معهما وأطلقت سراحه ولطفي بعد بضع ساعات لكنها أبقت على فتحي، مدعيةً أن قضيتها بحاجة إلى مراجعة النيابة.
وأبقت نيابة حي المعادي في القاهرة على احتجازها بتهمة «النية بإسقاط النظام الحاكم وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعية ونشر الشائعات».
وعن اعتقال أبو زيد قالت شقيقته إن الشرطة اعتقلته في 6 مايو وصادرت جهازي حاسب محمول وهاتفين ونقود وكاميرا ومتعلقات شخصية أخرى، خلال مداهمتها منزله.
وقالت المحامية عزة سليمان إن مكانه غير معروف. وفي وقت لاحق أمرت نيابة أمن الدولة العليا بتوقيفه بتهمة «الانضمام إلى منظمة إرهابية ونشر أخبار كاذبة».
اشتهر أبو زيد بفيديو ساخر يوزع فيه بالونات مصنوعة من واقيات ذكرية لعناصر شرطة. كان في السابق مراسلا للبرنامج الكوميدي «أبلة فاهيتا».
وأفادت المنظمة في تقريرها أن «أعضاء النيابة يتعمتعون بصلاحيات واسعة في القانون المصري، في انتهاك للقانون الدولي. تسمح لها باحتجاز المشتبه في ارتكابهم جنايات في الحبس الاحتياطي لمدة تصل إلى 5 أشهر دون عرضهم أمام قاضٍ. يمكن للقضاة تمديد المدة حتى عامين دون جلسات استماع مناسبة، أو مبرر حقيقي. هناك عشرات الآلاف من السجناء في السجن بدون محاكمة في مصر»
وتابعت:«تنص المادة 57 من الدستور المصري على أنه «لا يجوز حرمان المواطنين من الحق في استخدام وسائل الاتصال العامة بكافة أشكالها ولا يجوز تعطيلها أو وقفها تعسفا. تنص المادة 71 على أنه: يحظر بأي وجه فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها»
واختتمت بتصريح ليا ويتسن: «على السلطات المصرية وقف اعتقال منتقديها، والإفراج عن أي شخص سُجن أو حُوكم لعمله الحقوقي السلمي أو ممارسة حقه في حرية التعبير».