مع التزايد المستمر في أعدادِ إخواننا القادمين من سورية الأبية، ومع الأعداد الهائلة الفارةِ من بلادِ الشيوعية الروسية، ووصول أعداد آخرى من المسلمين قادمة من أوروبا وأفريقيا وآسيا للدراسةِ وتعلمِ اللغة العربية، والذين يجمعُ أغلبهم قاسمٌ مشترك ألا وهو الفقر وشدة الحاجة وعدم وجود مأوى أو مسكن أو فرصُ عملٍ توفرُ لهم على الأقل إعالة أسرهم ..
ومع الآلة الإعلامية العاتية التي تكرسُ خطابتها في نشر مصطلحات “الوطنية” و “القومية” وغيرها من الأفكار التي تحثُ على حبِ الذات وعدم الشعور بجراح الآخرين إذا كانوا من خارجِ بلادنا والتي تدمرُ عقيدة الولاءِ والبراء، وجدتُ أن من الواجبِ علي وعلى كل مسلمٍ غيورٍ على دينهِ أن يرحبَ بإخوانه القادمين من الوطنِ إلى الوطن، فجنسية المسلم الحقيقة هي عقيدته وليست حدودُ دولته، وعليهِ فكلُ وطنٍ يرفعُ فيه الآذانُ للصلاة هو وطنُ للمسلم، وكلُ موحدٍ على وجهِ الأرض هو أخٌ للمسلم !
على أن الترحاب بإخواننا ينبغي أن ينصرفَ من الكلماتِ إلى الأفعال، ومن المحبةِ إلى كرمِ الضيافة، لا سيما وأن هذهِ الأمور هي من صُلبِ ما أمُرْنا به في شريعتنا الإسلامية – الني ندعوا إلى تطبيقها – فلابد أن يكون لنا من تطبيقها في أنفسنا نصيبٌ أولا، وإليكم بعض الأفكار العملية الجماعية والفردية (الواقعية) الموجهة تحديداً إلى المسلمين عامة وإلى أهل مصر خاصة لنصرة إخواننا المهاجرين في سبيلِ الله تعالى.
أولاً: (إنشاء وقف إسلامي مخصص لإعالة هذه الأسر) ويكون تصوره كالتالي:
تقوم مؤسسة إسلامية كبيرة بإدارة هذا الوقف والإشراف عليه أو يتم إنشاء مؤسسة متخصصة لشئون هذا الوقف.
تكون قيمة السهم الواحد 100 جنية مصري كي يتسنى للجميع المشاركة فيه، فلو تبرع مليون مسلم بمليون سهم لمرةٍ واحدةٍ فقط سيكونُ لدى إدارة الوقف بإذن الله تعالى مبلغ 100 مليون جنيه مصري ويمكن التبرع بعدة أسهم لمن يريد.
يتم استثماء هذه الأسهم في مشاريع إستثمارية ويكون العائد منها للإنفاق على هذه الأسر، ويتم توفير فرص عمل لهم داخل هذه المشاريع ولهم الأولوية في ذلك.
توجد بالوقف لجنة متخصصة لبحث شئون الحالات وإعطاء أولويات الإنفاق، ويتم تقديم المستضعف على طالب العلم وطالبُ العلم على من جاء للإقامة فقط وهكذا.
يقوم هذا الوقف بإعادة تأهيل القادمين من هذه الدول لسوق العمل المصري من خلال الدورات التدريبية ليستطيعوا إعالة أنفسهم.
يدعم الوقف إنشاء معارض للأسر المنتجة من القادمين من هذه الدول ويقوم بتسويق منتجاتهم.
يقدم الوقف برامج دعوية وتربوية ودراسية للقادمين من هذه الدول ويشرف على متابعة عملهم ودراستهم عبر التواصل المباشر مع الجهات المختصة.
ثانياً: (الأفكار التي يمكنُ تطبيقها على المستوى الفردي)
1- توفير المساكن وأماكن الإقامة لهم: ويمكن ذلك عن طريق أن يبترع كل من يملك عقاراً بتسكين إحدى هذه الأسر مجاناً، أو الحصول على مقابل رمزي منهم، أو على الأقل أن يقوم بتوفير مسكن لهم والمساعدة الشهرية في دفع إيجار المكان، ويمكن كذلك استضافة بعض من يملكون منازل كبيرة أسرة في الغرف الأرضية أو في الغرف السطحية (Roof) أعلى المنزل، ومما يحفزُ لمثل هذا الأمر أن بعض الأسر الأمريكية الغير مسلمة تقوم بإستضافة بعض الطلبة العرب للعيشِ معها لدمجمهم في مجتمع الحياة الأمريكية، وحريٌ بنا أن نكون أكثر حرصاً على استضافةِ إخواننا.
2- توفير الطعام والملابس لهم: وأمرٌ كهذا سهلٌ تطبيق، سريعُ التنفيذ، والجمعيات الخيرية في مصر تعجُ من كثرة الملابس الموجودةِ بها، فحبذا لو قسم المتبرعون الملابس ما بين الجمعيات الخيرية وما بين المحتاجين القادمين من الخارج.
3- الإعانة الشهرية بالمال: فما من بأسٍ أن تقتطع الأسرُ الميسورة جزءاً مما تنفقهُ من الأموال كل شهر لتكفلَ به أسرة أخرى من هذه الأسر لاسيما وأن الله تعالى قد رزقهم القناعة والرضا بالقليل.
4- توفير فرص عملٍ لهم: ويستطيعُ كل رب عمل أن يوفر لهم وظيفة في مصنعه أو شركته أو متجره، وأيضاً يستطيعُ أصحابُ رؤوس الأموال أن يضاربوا معهم في إنشاء بعض المشاريع التي يتقنُ القادمون من الخارج حرفتها كالمطاعم السورية والألمانية وغيرها.
5- توفير الدعم المعنوي لهم: عن طريق الإبتسامة والكلمة الطيبة والصداقة وحقوق الجيران، والإندماج معهم ودعوتهم إلى الطعام واصطحابهم إلى المساجد وأماكن الترفيه، ومفآجأتهم بالهدايا والأشياء التي تدخلُ السرور على قلوبهم.
6- نشر قضيتهم: من خلال الحديث عنهم مع الناس ونشر قضية الولاء والبراء بصورة مبسطة، وكذلك من خلال صياغة أفكار عملية لدعمهم ونشرها في الصحف والمواقع والمدونات، وكذلك التواصل مع صُناع القرار والعلماء والدعاة وقادة العمل الخيري لتبني قضيتهم أو جانبٍ منها على الأقل، وكذلك التواصل مع الجمعيات والمؤسسات الإسلامية الخيرية لتُبَادر بتبني قضيتهم، وأخيراً أن تقوم بنشر هذا المقال أو طباعته وتوزيعه بمسجدك وعملك وجامعتك لعلهُ يصادفُ قلباً غيوراً على دينهِ وإخوانه فيسعى في تحقيقِ إحدى هذه الأفكار.