جاء اليوم التالي للانتخابات المحلية في الضفة الغربية بمعزل عن قطاع غزة، وباتت الحقائق أوضح من الشمس في رابعة النهار، ولم يعد هناك مجال للحديث، فلا أحد ينوب عن الأرقام في بيان الحقائق، وفي دراسة سريعة لنتائج الانتخابات بلغة الأرقام نجد ما يلي:
إن سلمنا بالنتائج المعلنة من لجنة الانتخابات المركزية يظهر أن من يحق لهم الانتخاب هم 1284560 نسمة، ومن سجل للاقتراع منهم 505600 نسمة، أي بنسبة 39%، وأن من مارس حقة الانتخابي حسب لجنة الانتخابات هم بنسبة 54.8 % من مجموع المسجلين، ويتضح من هذه النسبة أن نسبة من شارك في الانتخابات ممن يملكون هذا الحق (مسجلين وغير مسجلين) هي حاصل ضرب نسبة المسجلين في نسبة المقترعين، التي هي في المحصلة 21.6 % فقط، فماذا حققت حركة فتح من هذه النسبة مع الخسارة المدوية لها، خصوصًا المناطق ذات الكثافة السكانية؟!
إن النسب التي توصلنا إليها في الأعلى تفيد بمقدار الانحدار عن نسب الانتخابات المحلية عام 2005م، إذ بلغ عدد المسجلين للانتخاب حينها 838017 نسمة في الضفة الغربية، انتخب منهم ما نسبته 72%، ما لا يترك مجالًا للشك بالفشل الذريع الذي انتاب هذه الجولة من الانتخابات، حيث السقوط المدوي عن نسبة النجاح، ومن هنا لا نعد هذه الانتخابات ونتائجها تمثيلًا حقيقيًّا للشعب الفلسطيني، وما أفرزته من أشخاص لهم كل الاحترام إلا أنهم لا يمثلون الشعب الفلسطيني.
ونعود لعنوان المقال: "من الخاسر؟"، وهذا السؤال حري أن يوجه لبطل هذه الانتخابات حركة فتح، ولعل هذا السؤال يسبقه تساؤلات: هل جرت الانتخابات بإرادة حركة فتح؟، أم أنها قد فرضت عليها؟، ولكلا السؤالين نتائج تترتب على إجابته.
أما إن كانت الانتخابات قد جرت بإرادة حركة فتح فحري بها الآن بعد الخسارة التي منيت بها أمام المستقلين، ومن انشق عن حركة فتح في المدن الرئيسة كنابلس ورام الله وجنين؛ حري بها أن تعيد حساباتها في إستراتيجيتها ومشروعها الذي تتبناه، وأن تعلم أين هي مصلحة الشعب الفلسطيني، وأين هي مصلحة حركة فتح من مصلحة هذا الشعب، وعليها أن تكف عن الاستفراد في قرار الشعب الفلسطيني، والتنكر لمن يملك الشرعية الحقيقية حسب نتائج الانتخابات التشريعية عام 2006م .
أما إن كانت هذه الانتخابات قد فرضت على حركة فتح، وفق ما صرح به الرئيس أبو مازن لجريدة القدس المحلية بتاريخ 31/7/2012م، بأن قرار سلام فياض حول الانتخابات جاء بعيدًا عن علمه أو استشارته؛ فنقول إن حركة فتح قد وقعت في شراك ما كانت قد نصبت، وآن لها أن تصارح الشعب الفلسطيني وأن تعتذر له عن كل ما لحق به خلال سنوات الانقسام الأخيرة، وعليها أن تقر بأن حكومة غير شرعية قد أخذت غطاءً من حركة فتح لا تجلب على الشعب الفلسطيني إلا مزيدًا من الحرمان في الحقوق والعيش الكريم، وحرمان من ممارسة الحقوق السياسية في أن يختار الشعب قيادته.
أما الخاسر فليس أحدًا سوى الشعب الفلسطيني، عندما نجد أن ما نسبته 80% قد حرم حقه في الترشح والانتخاب، لا لشيء قد اقترفه، إلا لتعنت حركة فتح وحكومتها بالضفة الغربية في الاستفراد في القرار بشأن مصير الشعب الفلسطيني ومقدراته وحقوقه وثوابته.