قال العاهل الأردني «الملك عبدالله الثاني بن الحسين» إنّ «الوضع الصعب الذي يمر به الأردن يتطلب التعامل معه بحكمة ومسؤولية؛ وإذا أردنا أن نسير إلى الأمام كأردنيين فلا بد أن نتعامل مع التحديات التي أمامنا بطريقة جديدة بعيدًا عن الأسلوب التقليدي».
ويشهد الأردن على مدار الخمسة أيام الماضية احتجاجات عارمة، بعد أن أقرّت الحكومة في 21 مايو الماضي مشروع قانون معدلًا لضريبة الدخل وأحالته إلى مجلس النواب لإقراره، لكنّ برلمانيين رفعوا عريضة أبلغت العاهل الأردني بأنّ الحكومة لم تعد تحظى بثقتهم؛ بسبب سياسة الجباية التي تتبعها.
ويقضي مشروع القانون المثير للجدل بمعاقبة المتهرب الضريبي بغرامات مالية وعقوبات بالسجن تصل إلى عشر سنوات، وإلزام كل من يبلغ 18 عامًا بالحصول على رقم ضريبي، بينما يعفى من ضريبة الدخل كل من لم يتجاوز دخله السنوي ثمانية آلاف دينار (11.3 ألف دولار)، بدلًا من 12 ألفًا (17 ألف دولار)، إضافة إلى كل عائلة يبلغ مجموع الدخل السنوي للزوج والزوجة أو المعيل فيها أقل من 16 ألف دينار، بدلًا من 24 ألف دينار، كما تفرض ضريبة بنسبة 5% على كل من يتجاوز دخله ثمانية آلاف دينار للفرد أو 16 ألف دينار للعائلة، وتتصاعد تدريجيًا لتبلغ 25% مع تصاعد شرائح الدخل.
وقدّم رئيس الحكومة الأردني «هاني الملقي» استقالته في اجتماع مع الملك عبدالله اليوم الاثنين؛ لتهدئة الغضب من سياسات اقتصادية فجّرت أكبر احتجاجات منذ سنوات. ومن جانبه، قال فيصل الفايز، رئيس مجلس الأعيان الأردني (الغرفة الثانية للبرلمان) إنّ عاهل البلاد لم يكلّف أحدًا حتى الآن بتشكيل حكومة جديدة، بينما دعا رئيس مجلس الأعيان الأردني المحتجين إلى عدم الخروج للشارع زاعمًا أنّ «المطلوب إعطاء فرصة لرئيس الوزراء المكلف، مؤكدًا أن التظاهر حق مشروع».
مشاهد فخر
وأثناء استقباله مديري وسائل الإعلام الرسمية ورؤساء تحرير صحف يومية ونقيب الصحفيين وكتّابا في قصر الحسينية بالعاصمة عمان اليوم الاثنين، قال العاهل الأردني إنّه يقف دائمًا إلى جانب شعبه ويقدّر حجم الضغوط المعيشية التي تواجه المواطن، مؤكدًا ضرورة أن «تتبنى مؤسسات الدولة أسلوبًا جديدًا يرتكز على تطوير الأداء والمساءلة والشفافية، وإعطاء المجال لوجوه شابة جديدة تمتلك الطاقات ومتفانية لخدمة الوطن».
كما أعرب «عن فخره بما شاهده من تعبير حضاري من الشباب الأردني في الأيام الماضية، والتي تعكس حرصهم على تحقيق مستقبل أفضل لهم»، فـ«المواطن الأردني معه كل الحق ولن أقبل أن يعاني الأردنيون»، كما ذكر الديوان الملكي في بيانه.
السبب الرئيس
وذكر الملك أنّ «الأوضاع الإقليمية المحيطة بالأردن، من انقطاع الغاز المصري، الذي كلفنا أكثر من أربعة مليارات دينار، وإغلاق الحدود مع الأسواق الرئيسية للمملكة، والكلف الإضافية والكبيرة لتأمين الحدود؛ هي السبب الرئيس للوضع الاقتصادي الصعب الذي نواجهه، ويجب أن نعترف أنه كان هناك تقصير وتراخٍ لدى بعض المسؤولين في اتخاذ القرارات، وهذا التقصير تم التعامل معه في حينه؛ حيث تم إقالة مسؤولين وحكومات بسببه».
وأضاف: «اضطررت في الفترة الماضية أن أعمل عمل الحكومة، وهذا ليس دوري، أنا دوري أن أكون ضامنا للدستور، وضامنا للتوازن بين السلطات»، مشددًا أنه على كل سلطة ومسؤول أن يكونوا على قدر المسؤولية، والذي لا يستطيع القيام بمهامه عليه ترك الموقع لمن لديه القدرة على ذلك.
مفترق طرق
وقال الملك: «نقف اليوم أمام مفترق طرق، إما الخروج من الأزمة وتوفير حياة كريمة لشعبنا، أو الدخول، لا سمح الله، بالمجهول»، مضيفًا أن المساعدات الدولية للأردن انخفضت رغم تحمل المملكة لعبء استضافة اللاجئين السوريين، مؤكدًا على حدوث تقصير من العالم.
وعلق مشروع قانون الضرائب قائلًا إنّه «جدلي، ولا بد من إطلاق حوار حوله»، مشددًا على أن الحكومة كان عليها مسؤولية كبيرة في توضيح مشروع القانون للأردنيين؛ لكن كان هناك تقصير في التواصل، و«المواطنون عندما يدفعون الضريبة يجب أن يشعروا أنها ستنعكس على تحسين الخدمات المقدمة لهم من مدارس أو مستشفيات أو نقل»، مضيفًا: «حماية محدودي الدخل والطبقة الوسطى والعمل على تشجيع الاستثمار يجب أن يكون من أولويات المسؤولين».