شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

بين الأبيض والأسود – محمد الأنصارى

بين الأبيض والأسود – محمد الأنصارى
  واهمٌ من يظن أنه يوجد فصيل واحد ممن هم على الساحة فى مصر الآن قادرٌ على تجاوز...

 

واهمٌ من يظن أنه يوجد فصيل واحد ممن هم على الساحة فى مصر الآن قادرٌ على تجاوز المرحلة الراهنة التى تمر بها البلاد مهما كانت قوة هذا الفصيل.

فالمرحلة الحالية من الخطورة والأهمية والصعوبة بمكان , مما يؤكد على حتمية تضافر جميع القوى الموجودة على الساحة بمختلف أيدلوجياتها , وضرورة البعد عن التناحر والتشرذم حتى نعبر تلك المرحلة الحرجة بأمان

المتأمل فى ما يحدث على الساحة المصرية , لا يخطئ أبداً مدى ما وصل إليه الحال بين جميع الفصائل فى مصر  من تشاحن وتقاذف بالاتهامات التى لا تبدأ بالرجعية والتخلف واستغلال الدين ولا تنتهى بالتخوين والتكفير.

وليت المسألة تنتهى بالاتهامات , إن ما يزيد الطين بلة أنه لا طرف يسمع للآخر , فكل طرف يتحدث مع نفسه ولا يلتفت إلى الآخر إلا إذا كان هناك زلة فيسارع إليها ثم يأخذها فيتقاذفها ليملأ بها الآذان والعيون والعقول ( ولا مانع من إضافة بعض " التحابيش " ).
وإن حدث أن طرفاً ما قرر أن يتكلم مع الآخر , فتجد اللقاء ملئ بـ " الفخاخ " التى يصنعها كل طرف للآخر , وحتى إذا حاول أحد العقلاء ألا ينحو بالحوار هذا المنحى الصدامى التصارعى , تجد الفيس بوك امتلأ – من أنصار الطرفين – بعبارات مثل " طرحه ارضاً " , " مسح بيه بلاط الاستوديو " , " هاتها من الشبكة " , " جابه بالقاضية " ، 
وهذا كله للأسف الشديد لا يقودنا أبداً إلا إلى مزيد من اتساع رقعة الاختلاف , ولا يملؤ النفوس إلا كرهاً أو – على أحسن تقدير – نفوراً من الطرف الآخر.

 

تكمن المشكلة فى أن جميع الأطراف لا ترى فى نفسها إلا بياضاً لا تشوبه شائبة , ولا ترى الآخر إلى سواداً كالليل البهيم , قد يستنكر البعض هذه العبارة ويحاول أن يرد التهمة عن نفسه ( و سيحاول أن يؤكدها فى حق غيره ) , ولن أختلف معه كثيراً , ولكن سيظل ما ذكرته نصفه واقع على الأقل.
هنا أوجه تساؤلاتى إلى الإسلاميين وأقول
  ,أليس منكم من قعد فى بيته أثناء الثورة " اعتزالاً للفتنة "بينما كان الأبرياء يموتون فى الطرقات ؟ , أليس منكم من قال – ولا يزال يقول – أن الديموقراطية كفر؟ أليس منكم من قتل عشرات الأبرياء فى التسعينيات؟ أليس منكم من أفتى – ولا يزال يفتى – بحرمة الاشتراك فى الثورة والاشتراك فى العملية الديموقراطية برمتها؟ أليس منكم من قال بجواز التزوير فى الانتخابات؟ أليس منكم من كان يسبح بحمد مبارك والعادلى وبطرس غالى؟


ثم أوجه تساؤلاتى لليبراليين وأقول , أليس منكم من دعى صراحة إلى الشذوذ وضرورة السماح بجواز المثلين ؟ أليس منكم من قال " إيه دخل ربنا فى السياسة " ؟ ألستم دائماً ترون الناس أحقر منكم سراً وتظهرون العكس علانيةً؟ أليس منكم من يطعن فى صحابة رسول الله ليل نهاراً كذباً وبهتاناً وزوراً ؟ أليس منكم أولئك الذين أساؤوا الأدب مع الرب تبارك وتعالى نثراً وشعراً وجهراً وسراً؟ أليس الذى دعى إلى زواج المسلمة من كافر – ضارباً بذلك أصول وثوابت الشريعة عرض الحائط – هو واحد منكم؟

وأخيراً أوجه تسؤلاتى إلى الشباب الثوار ,أريد أن أسألكم لماذا قمتم بالثورة؟ هل قمتم بها حتى تأخذو مصر لأنفسكم أم لتردوها لأهلها؟ إذا كنتم قمتم بها لتأخذوا مصر لأنفسكم , فما الفرق بينكم وبين مبارك؟  وإذا كنتم لتردوها لأهلها , فلماذا اتهامهم بالجبن والضعف , لماذا تجبروهم على ما تريدونه أنتم من تصعيد للأمور ؟ لما لا تحترمون اختيار الشعب إلا مكرهين ؟ ألستم تتحملون جزءاً من دم الشيخ عماد عفت وغيره؟ ألستم تتحملون جزءاً مما أصاب المنشآت العامة من تخريب ؟ لماذا نرى قنابل الملوتوف فى أيديكم , أليست ثورة سلمية؟  لماذا نرى من يتخذ سطح مسجد عمر مكرم مقراً للتعذيب؟ ألستم أنتم الذين أقمتم الدنيا ولم تقعدوها على خلفية الفتاة المسحولة , بينما لم يحرك لكم ساكناً تجاه عبير وكاميليا , وتحركتم "على استحياء" فى قضية نغم الهلباوى؟

عفواً يا أيها الإسلاميون ويا أيها الليبراليون ويا أيها الشباب


لا أريد منكم أن تردوا عنكم ما سبق , لا تضيعوا وقتكم هباءً , فهذا فى حقيقة الأمر غير ذى أهمية لى أو لكم


ما أريد أن أصل إليه هو .. لماذا؟

لماذا لا أرى فى نفسى أى عيب وأرى غيرى كله عيب؟

لماذا أحاول دائماً دفع التهمة عن نفسى – فقط دفع التهمة – دون محاولة النظر بموضوعية لها كخطوة أولى لحلها؟

لماذا دائماً الآخر "شرير" لا خير فيه , وهو دائماً سيئّ وخائن ومغرض إلى أن يثبت العكس "ده طبعاً إن ثبت … إن ".

لماذا لا أرى الجانب الإيجابى من الآخر , أليس هدفنا واحد؟ هل يختلف أحد على حب الله؟ هل يختلف أحد على حب مصر؟ هل يختلف أحد على حب العدل والخير والسلام ؟

لماذا لا أرى من الإسلاميين إلا القوصى ومن الليبراليين إلا القمنى؟ ( والله فيه ناس تانية كتير أوى هيعجبونا )

أنا لست بالسذاجة حتى أفترض أن الجميع ملائكة وأنه لا وجود للطابور الخامس عند جميع الأطراف , ولكنى أتمنى أن يعمل الجميع بالقاعدة الذهبية – والتى بتنا نطبقها ولكن بالعكس 🙁 –  " الكل جيد إلى أن يثبت العكس " مع الأخذ فى الاعتبار أن " المسلم كيس فطن " , و" لا يلدغ المؤمن من جرح مرتين "

صدقونى , كلنا به من العيوب ما به , وبه من المزايا ما به

فلنتعاون فيما اتفقنا عليه – وهو كثير – ونعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه , وإن كان الإختلاف عقدى فـ"لكم دينكم ولى دين "

وأخيراً , بين الأبيض والأسود …. هناك الرمادى , فليكن هو محل اهتمامنا.

ملحوظة : ليس بالضرورة أن الأسئلة التى وجهتها لبعض الأطياف المصرية هى رأيى الشخصى , ولكنى أزعم أنها توجه إلى تلك الفصائل من قسم ليس بالهين من الشعب المصرى.

 

المصدر : رصد 



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023