ما لبث أن توفّي رجل الأعمال إبراهيم كامل يوم الخميس الماضي، بعمر 82 عامًا عقب أزمة قلبية، إلا وشرعت الأذرع الإعلامية للنظام في تأبينه عبر منابرها، زاعمة أنّه أحد «رجال الوطن المخلصين»؛ على الرغم من أنه أحد المتهمين بالفساد في عهد الرئيس المخلوع «حسني مبارك» وأكبر مستثمري مصر في «إسرائيل».
شغل «إبراهيم» عضوية الأمانة العامة ولجنة السياسات في الحزب الوطني «المنحل»، بجانب عضوية مجلس الشعب السابق عن دائرة «منوف» بمحافظة المنوفية، قبل أن يخسر انتخابات 2011 أمام مرشح جماعة الإخوان، التي طالتها من قبلها اتّهامات بتمويل «موقعة الجمل» أثناء ثورة 25 يناير 2011 وراح ضحيتها 11 قتيلًا من المعتصمين السلميين.
كما حصل على قروض بأربعة مليارات جنيه من البنوك بضمانات «وهمية»، وتعاون مع رجل الأعمال الهارب حسين سالم في نقل خبراء «إسرائيليين» من تل أبيب إلى مطاري الغردقة وشرم الشيخ للتعاقد على تصدير البترول العراقي إلى الاحتلال.
وعلى الرغم من قرار النيابة العسكرية في 10 أبريل 2011 بحبس إبراهيم كامل، لاتهامه بتمويل المعتدين على المعتصمين في ميدان التحرير، وترحيله إلى سجن مزرعة طره؛ فمحكمة جنايات القاهرة أصدرت قرارًا بإخلاء سبيله بعدها بشهر واحد بضمان مالي مائتي ألف جنيه، وإلغاء القرار الصادر بحبسه 15 يومًا على ذمة التحقيقات.
وفي أكتوبر 2012، قرّر مساعد وزير العدل لشؤون جهاز الكسب غير المشروع «المستشار يحيى جلال» منع «إبراهيم» وزوجته وأولاده من مغادرة البلد، ووضعهم على قوائم الممنوعين من السفر، ومنعهم من التصرف في أموالهم السائلة والعقارية والمنقولة، أو التصرف في الأسهم والسندات والحصص التي تخصهم، وكل الأموال والودائع والحسابات والشهادات في جميع البنوك المصرية والأجنبية.
علاقات مع الصهاينة
ارتبط «إبراهيم كامل» بعلاقة اقتصادية وثيقة مع «إسرائيل»، لكونه من أكبر المستثمرين المصريين على أراضيها المحتلة؛ إذ يمتلك حصة 5% من شركة «كاتو أروماتيك» الإسرائيلية العاملة في مجال صناعة الكيماويات وإنتاج المعدات الاحتلالية، وأخرى قدرها 5% من المجمع الصناعي العسكري الإسرائيلي «كور»؛ كما ذكر الكاتب رفعت سيد أحمد في موسوعة «التطبيع والمطبعون في مصر».
واستعان به عبدالفتاح السيسي في إعادة صياغة العلاقات بين مصر وروسيا، لشغله عضوية مجلس الأعمال المصري الروسي وكونه عضوًا أساسيًا في أيّ مباحثات اقتصادية وعسكرية بين البلدين؛ وهذا عقب إصدار وزير الصناعة والتجارة السابق «منير فخري عبدالنور» قرارًا بتجديد عضويته في المجلس.
وامتلك «إبراهيم كامل» أولى شركة مصرية لصناعة طائرات الركاب «اسيروكوب»، كما شغل رئاسة المجلس المصري الأميركي لرجال الأعمال؛ وكثيرًا ما رفض سداد مديونيات البنوك على شركاته أو جدولتها، بالرغم من أنه كان ينفق بسخاء شديد على أنشطة حزب مبارك الداعمة لملف «التوريث» وصداقته الحميمة مع جمال مبارك.
استيلاء على أراضي الدولة
وكحال رجال أعمال في عهد المخلوع مبارك، تورّط «إبراهيم كامل» في وقائع الاستيلاء على أراضي الدولة؛ فاستولى على أرض بمنطقة «سهل حشيش»، الأغلى ثمنًا في مدينة الغردقة، ووقّع عقدًا مع رئيس مجلس الوزراء ووزير السياحة وهيئة التنمية السياحية لتخصيص 42 مليون متر مربع بزعم إنشاء شركة لتطوير المنطقة سياحيًا؛ لكنّ الشركة باعت متر الأرض بـ400 دولار إلى شركات سياحية أجنبية، بالمخالفة للعقد الموقع، تاركة لها مهمة التطوير.
كما اشترى مساحات من الأرضي بجنيهات معدودة للمتر المربع، وباعها بآلاف الجنيهات؛ مثل إقامة قرية «غزالة السياحية»، كما منحه النظام السابق 64 كيلومترًا مربعًا لإنشاء مطار العلمين؛ على الرغم من أنّ مساحة المطار لا تزيد على عشرة كيلومترات، لكنه باع المساحة المتبقية قرى سياحية بأسعار «باهظة»، ولم يدفع في هذه المساحة إلا مليوني جنيه!