منذ استيلاء «تنظيم الدولة» على ثلث العراق في صيف عام 2014، زوّدت روسيا وإيران على الفور بغداد بطائرات هجوم من طراز «سوخوي 25»؛ لمساعدته في مكافحة تهديد التنظيم. والمثير للاهتمام أنّ الطائرات التي قدمتها إيران كانت في الأصل عراقية أرسلها صدام إلى هناك لحمايتها من الضربات الأميركية المتوقعة قبل غزوه في 2003.
وزوّدت أميركا العراق بأسطول يضمّ 36 طائرة من طراز «F-16»، استخدمتها لأول مرة في قتالها ضد «تنظيم الدولة» في 2015؛ لكنّ طائرات «سوخوي 25» أطلقت أكثر الغارات ضد «تنظيم الدولة» هناك بين 10 يونيو 2014 و31 ديسمبر 2017، وفقًا لمعلومات رسمية صادرة عن الجيش العراقي؛ بينما نفّذت طائرات «F-16» نحو 514 طلعة جوية.
هذا ما رصده المحلل السياسي المختص في الشرق الأوسط «بول إيدون» في تحليله بصحيفة «الروضة» الكردية الناطقة بالإنجليزية وترجمته «شبكة رصد»، مضيفًا أنّ استخدام طائرات «إف -16»، الأكثر حداثة وتعقيدًا في البلاد، ضد أهداف «تنظيم الدولة» عبر الحدود في سوريا منح سلاح الجو العراقي قوّة إضافية.
ويمتلك التحالف المناهض لـ«تنظيم الدولة» الذي تقوده أميركا أنواعًا مختلفة من الطائرات المقاتلة، التي تنطلق من حاملات طائرات أو قواعد في الخليج؛ وهو السبب في ملاحظة تزايد عدد الغارات الجوية العراقية ودعم الهجوم المستمر ضد بقايا «تنظيم الدولة» في سوريا.
شراكة موثوقة!
وقال «الكولونيل توماس فييل»، مدير مكتب الشؤون العامة الناطق باسم التحالف، إنّ القوات العراقية أصبحت تمتلك عددًا لا بأس به من الطائرات؛ ما يعيد إليها سابق قوتها في عهد صدام حسين، كما أثبت سلاح الجو العراقي قدرته الفعالة على استهداف أهداف عسكرية شمال شرق سوريا، مقدّرًا مشاركة العراق في الحملة ضد التنظيم وقدرته على ذلك.
واختتم حديثه قائلًا إنّ الشراكة الموثوقة ستبني القدرة على الصمود في مجال الأمن والقدرات الاستكمالية، وتنامي المشاريع الجوية والسياسات والأنشطة الأمنية والاستخبارات ومكافحة الإرهاب.
وأعطت الحرب ضد «تنظيم الدولة» في العراق وسوريا فرصة لجيوشٍ لاختبار أنظمة سلاحهم في مناطق الحرب الفعلية، مثلما حدث مع روسيا التي اختبرت منظومة دفاعها الجديدة وطائراتها الجديدة.
وأكّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنّه لا يوجد تدريب أفضل لقواته المسلحة من أنشطتهم في سوريا. وعلى المنوال نفسه، لا توجد طريقة أفضل لتحديد مدى جدوى المعدات العسكرية أكثر من منطقة حرب مفتوحة.
وهو ما ينطبق أيضًا على القوات العراقية التي خاضت أولى حرب لها منذ عقود، بعد تفكيك أميركا جيشها عقب غزو العراق في 2003.
وقال المحلل السياسي «جويل وينج» إنّ قوات الحشد الشعبي العراقية التي يقودها العراق تقصف أيضًا «تنظيم الدولة» عبر الحدود؛ ما يدلّ على وجود قوة عسكرية متجددة ضحية لجيرانها وأطراف دولية من بعد 2003.
ويذكر الخبير العراقي في معهد واشنطن «مايكل نايتس» أنّ العراق يمتلك مصالحه الذاتية في تحييد «تنظيم الدولة» في شرق سوريا؛ باعتباره ما زال يشكل تهديدًا له، معتقدًا أيضًا أنّ العراق هو الذي يأخذ زمام المبادرة في الهجمات، ولا يشجعه التحالف بالضرورة.
وبينما يزعم العراق علنًا أنّ غاراته الجوية في سوريا منسّقة مع سوريا فهناك أسباب تدعو إلى التشكك فيما إذا كان هذا هو الحال بالفعل.
ورجّح «أرنود ديلانداندي»، المحلل المستقل في شؤون الدفاع والأمن، أن «تمدّ أميركا العراق بالمعلومات الاستخباراتية لتنفيذ الأهداف الجوية بدقة؛ لكن لا أعتقد أنّ هناك تنسيقًا حقيقيًا مع النظام السوري. من المؤكد بالفعل أنّ العراقيين يتواصلون مع نظام بشار؛ ولكن بعد ضرب الهدف لضمان غياب انتهاك للسيادة بين الدولتين المتجاورتين».