اتهمت هيئة مراقبة مبيعات الأسلحة الحكومية في المملكة المتحدة، الحكومة البريطانية بالفشل في الكشف عن المعلومات الاستخباراتية التي يمكنها إنقاذ أرواح الآلاف من المواطنين في الصراعات العالمية المستمرة.
وأبرز تحقيق أجرته مؤسسة بيرن أن المملكة الممتحدة تعرض أمن المنطقة للخطر، بتمريرها أسلحة إلى المملكة العربية السعودية، والتي تُنقل بطريقة ما فيما بعد إلى وكلائها في مناطق أخرى، مما يؤجج من الصراعات وتزايد أعداد القتلى والجرحى.
ويأتي هذا التحذير في الوقت الذي تحاول فيه المملكة المتحدة توسيع تجارة الأسلحة، والتي تقدر بمليارات الجنيهات مع السعودية التي تؤسس تحالفا متورطا في الحرب اليمنية منذ عام 2015.
وقال النائب عن حزب العمال «لويد راسل مويل»: في أحسن الأحوال يمكن للحكومة البريطانية أن تغض الطرف عن صادرات الأسلحة للجماعات الإسلامية في سوريا، لكن في أسوأها تعتبر متواطئة في تلك التحويلات، رغم النفي الدائم للحكومة.
وكان اثنان من وسطاء الأسلحة في المملكة المتحدة، تقدما بطلب تراخيص من وزارة التجارة الدولية، للعمل كوسيط في تسليم صفقة أسلحة تعدادها 30 مليون طلقة حية من طراز إيه كي 47 ورصاص قناصة، سيتم توريدها من قبل منتجي الأسلحة في البوسنة إلى السعودية.
ولوزارة التجارة الدولية الحق في رفض الطلبات المقدمة إليها، إذا ما كانت الدولة المنشودة واقعة تحت طائلة العقوبات الدولية أو ستوصلها إلى مجرمين و«إرهابيين» في بلدان مثل اليمن وجنوب السودان والعراق وسوريا وغيرها.
واستغرقت الحكومة البريطانية 14 شهرا للتحقيق قبل اتخاذ قرار بالرفض، مشيرة إلى أن سبب الرفض النهائي هو أن الأسلحة لن تذهب للمتلقي المقصود، وهو ما سيشكل خطرا إذا ما تم تحويله للبلد المشتري أو أعاد تصديرها في ظل ظروف غير مرغوب فيها.
ويزعم التحقيق أن الشكوك المحيطة بالصفقة، جاءت نتيجة إثبات أن الجيش السعودي لا يستخدم البنادق الهجومية من طراز إيه كي 417، وبالتالي فإن عدد الطلقات البالغ عددها 12 مليون طلقة والتي تشكل جزءا من الصفقة من المرجح تحويلها لمقاتلين بالوكالة في الصراع اليمني أو غيره.
فيما لم تخبر بريطانيا الحكومة في البوسنة بشكوكها، ووافقت على رخصة التصدير، مما سمح بوصول الذخيرة إلى السعودية في نوفمبر 2015 ويناير 2016.
واستفسرت بيرن من حكومة المملكة المتحدة، عن سبب عدم إخطار الحكومة البوسنية بالشكوك المشار إليها، فأوضحت أن البوسنة والهرسك ليست طرفا في آلية الاتحاد الأوروبي لتلقي إشعارات الرفض، وبالتالي لا توجد آلية ثابتة يمكن من خلالها مراقبة الصادرات وإبلاغ السلطات البوسنية بالنتائج.
ورغم أن هذا التصريح كان جزئيا وحقيقيا، وفقا للتحقيق، وبالفعل توجد آلية مثل التي تحدثت عنها الحكومة، إلا أنه في المعاهدات الخاصة بتجارة الأسلحة والتي تشير لضرورة مراقبة الحكومة المصدرة للصادارات، وقعت عليها كلا من بريطانيا والبوسنة، وهو ما يفند ادعاءات بريطانيا في هذا الشأن.
وتلزم الاتفاقية الدول الأعضاء بمراقبة صادرات الأسلحة والتأكد من أنها لا تتجاوز الحظر المفروض على بعض الدول والجماعات والتأكد من أنها لن تُستخدم لارتكاب انتهاكات حقوقية كما في الحالة السعودية، أو استخدامها في الإرهاب في مناطق تغذيها الصراعات في سوريا والعراق على سبيل المثال.
وتساءل التحقيق حول مدى ثقة الحكومة البريطانية في المملكة العربية السعودية، بعدما حولت أسلحتها إلى طرف ثالث محظور تلقيه أسلحة من أي دولة، موضحا أن التوريد ما زال مستمرا، والأسلحة ما زالت ترسل للسعودية، خاصة وأن السعودية شريك تجاري مهم للمملكة المتحدة.
ورفضت وزارة التجارة تقديم شرح وافٍ حول اعتقادها حول الأشخاص أو الجماعات التي ستتلقى تلك الأسلحة في النهاية، أو كيفية تتبعها للشحنة على سبيل المثال.
فيما أكد مسؤولون بوسنيون أن المملكة المتحدة لم تكشف عن مخاوفها ورفضها، والتي أشارت إلى أنها كانت ستسهم في منع إصدار التراخيص، ويسلط التحقيق أيضا الضوء على حجم تجارة الأسلحة والتي بلغت مئات المليارات وتطورت بين جول البلقان والسعودية، وكيفية اعتماد الحكومات الغربية على دول البلقان في تصدير الأسلحة لوكلائها.
وبينما لا توجد حالياً أي عقوبات لمنع بيع الأسلحة للسعودية، إلا أن التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن منذ 2015، مسؤول عن مقتل آلاف المدنيين وإصابة عشرات الآلاف، وتسببت في أسوأ كارثة إنسانية بحسب وصف الأمم المتحدة.
ومنذ بداية الصراع، تمكنت بريطانيا من بيع أسلحة للسعودية بقيمة 3.3 مليار جنيه إسترليني، وقال متحدث باسم وزارة التجارة الدولية، أن حكومة المملكة المتحدة تتحمل مسؤولية مراقبة الصادرات وتأخذها على محمل الجد، وتدير واحدة من أقوى أنظمة مراقبة الصادرات في العالم، مضيفا: ندرس بدقة كل طلب على حدة مع احتساب المخاطر والمخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان.
وقال: أعلم أننا لم نتصل بالبوسنيين.. وأن البضائع تم شحنها قبل رفض طلبات الترخيص.