كشف تقرير أممي عن قيام القوات المدعومة إمارتيا بتعذيب المعتقلين واغتصاب النساء، في مراكز اعتقال سرية باليمن، وتورط السعودية والإمارات في «جرائم حرب».
وأوضح التقرير الأممي الصادر الثلاثاء، أنه تم توثيق وقائع اغتصاب باليمن نفذتها القوات المدعومة إماراتيًا في «مراكز اعتقال سرية»، مشيرا إلى احتمال ضلوع أطراف الصراع، بما في ذلك التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات، «في جرائم حرب»، و«انتهاكات للقانون الدولي».
وذكر التقرير بالتفاصيل، عكس نسخته الأولى الصادرة العام الماضي، الجرائم الدولية التي ارتكبها التحالف العربي باليمن، كما سلط الضوء بشكل موسع على انتهاكات حقوق الإنسان التي قامت بها الإمارات في البلد نفسه.
كما وجه التقرير انتقادات للدول والأطراف التي تقوم ببيع الأسلحة لأطراف الصراع اليمني، وخصوصا الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا، لافتا إلى أن هذه الدول تبيع الأسلحة للسعودية والإمارات، وتقدم لهما الدعم اللوجسيتي والاستخباراتي.
وحذر التقرير من أن ذلك يجعل تلك الدول شريكة في جرائم الحرب التي يرتكبها التحالف، لافتا إلى أن هناك مدنيين قتلوا جرّاء الغارات الجوية التي تشنها السعودية والإمارات، وأن «الدولتين تجران البلاد إلى المجاعة من خلال تعمد حرمان المدنيين من الطعام».
**10 آلاف قتيل في حرب اليمن
وقدرت «ميليسا باركي»، عضوة الفريق الأممي المعنيّ برصد انتهاكات حقوق الإنسان باليمن، حصيلة القتلى من المدنيين جراء الحرب المستمرة باليمن منذ 2015، بعشرات الآلاف، أي أكثر بكثير مما تظهره الأرقام الرسمية.
وجاء ذلك خلال مقابلة أجرتها «باركي» مع وكالة الأناضول، وعقبت فيها على تقرير يعتبر الثاني من نوعه لفريق من الخبراء البارزين ممن عينتهم الأمم المتحدة في ديسمبر 2017 لرصد انتهاكات حقوقية باليمن.
وقالت «باركي» إن «الأرقام الرسمية باليمن تشير إلى أن أعداد القتلى من المدنيين الذين سقطوا جرّاء الحرب تقترب من 10 آلاف قتيل»، مؤكدة أن «هذه الأرقام لا تعكس الحقيقة بأي حال من الأحوال».
وأضافت: «لن نتمكن من تحديد دقيق لعدد القتلى من المدنيين باليمن»؛ مرجعة ذلك إلى «استمرار الحرب، وتقييد الوصول إلى المعلومات الدقيقة».
وتابعت المسؤولة الأممية: «العدد الحقيقي للقتلى من المدنيين الذين سقطوا في نتيجة مباشرة للمعارك باليمن، يقدر بعشرات الآلاف، وهناك ملايين آخرين ممن تضرروا بشكل غير مباشر نتيجة الصراع، وشمل هذا الضرر تعرضهم للمجاعات، وحرمانهم من المساعدات الإنسانية، فضلا عن صعوبة حصولهم على الخدمات الصحية».
وأوضحت أن هناك «24.1 مليون يمني، أي 80 بالمئة من السكان، بحاجة عاجلة للمساعدات من أجل البقاء على قيد الحياة»، مشيرة إلى أن «قصف قوات التحالف العربي لمركز علاج الكوليرا التابع لمنظمة أطباء بلا حدود، يمكن اعتباره جريمة حرب محتملة».
**محاسبة الجناة
في ذات السياق، قالت المسؤولة الأممية إن التونسي «كمال الجندوبي» الذي يترأس الفريق الأممي، سلم في أغسطس الماضي، «قائمة سرية» للأمم المتحدة، تضمنت أسماء أشخاص من الحكومة الشرعية باليمن، والسعودية، والإمارات، يشتبه في ارتكابهم جرائم حرب في البلاد.
كما أكدت كذلك أن «ميشيل باشليه»، المفوضة السامية لحقوق الإنسان، ستحتفظ بهذه القائمة السرية، لحين تشكيل المجتمع الدولي «آلية للمسائلة» بخصوص جرائم الحرب في اليمن، وهذه القائمة سيتم تقديمها للمحكمة من قبل المفوضة المذكورة عند تأسيس الآلية.
واعتبرت أن «هذه الطريقة ستمهد الطريق أمام إجراءات التحقيق، والمقاضاة بحق الأشخاص المشتبه في ارتكابهم جرائم حرب باليمن»، داعية إلى ضرورة محاسبتهم على ذلك، لأن تأخر المجتمع الدولي في تشكيل آلية المساءلة والمحاسبة قد يؤدي إلى ارتكاب مزيد من جرائم الحرب».
وطالبت «باركي» بضرورة محاسبة من يرتكبون جرائم دولية باليمن، محذرة من أن التأخر في اتخاذ الإجراءات اللازمة في هذا الخصوص «سيؤدي حتمًا لمزيد من جرائم الحرب».
**مراكز اعتقال سرية
وأشارت المسؤولة الأممية أيضا إلى وجود «مراكز اعتقال سرية» يصعب الوصول إلى بعضها، تابعة للأطراف المتصارعة باليمن.
ولفتت إلى أن الإمارات لديها مثل هذه الأنشطة، لا سيما جنوب البلاد. وفي توضيح الجزئية الأخيرة، قالت إن «دولة الإمارات تقوم بتعذيب كافة المعتقلين بما في ذلك النساء، كما أنهم يقومون في بعض الأوقات بالاعتداء الجنسي على المعتقلين، وقمنا بتوثيق حالات اغتصاب نفذتها القوات المدعومة إمارتيًا».
وناشدت باركي المجتمع الدولي محاسبة الضالعين في جرائم الحرب باليمن، قائلة: «لا بد من محاسبتهم فورًا، لأن الشعب اليمني البريء هو الضحية الوحيدة لتلك الحرب، آن الأوان لنتخذ خطوة في هذا الصدد، ويقوم المجتمع الدولي بفعل أشياء كثيرة من أجل محاسبتهم».
ولم يتسن الحصول على تعقيب فوري من جميع الأطراف المذكورة بتصريحات المسؤولة الأممية.