«يا ماشي لبيتك، شيل معاك نفرين».. هتاف تصدح به حناجر شباب يعترضون سير مركبات خصوصية في شوارع الخرطوم لإقناع سائقيها بأن يقلّوا معهم مجّانًا ركّابًا ينتظرون منذ ساعات وسيلة نقل في ظلّ أزمة مواصلات خانقة تعاني منها العاصمة السودانية.
وإذا كانت المواصلات أزمة مزمنة في السودان، لا سيّما في العاصمة، فقد تفاقمت في الآونة الأخيرة بسبب عوامل عدّة أبرزها تهالك حافلات النقل العام، وخضوع غالبيتها لملكية أفراد، وخروج قسم منها من الخدمة جرّاء ارتفاع أسعار قطع الغيار – إن وُجدت – وشحّ الوقود ورداءة الطرق وتدهور سعر العملة.
- «لا أقوى على الركض»
يقول السبعيني ذو اللحية القصيرة البيضاء بلون عباءته وعمامته لوكالة «فرانس برس»: «أنتظر منذ ساعتين! مرّت حافلات كثيرة لكنّني لم أستطع ركوب أيّ منها لأنّني مسنّ لا أقوى على الركض أو التدافع ولا أملك المال لأستقلّ سيارة أجرة أو حتى توك توك».
أمامه، وسط طريق تملؤها الحفر وعلى جانبيها طبقة كثيفة من الرمال، يقف شبّان يردّدون هتافات بينها «أُقسِم، أُقسم، أُقسم… هنجيب عربات عربات… عربات وكمان روزات (باصات)».
هؤلاء هم “شبّان المبادرة” الذين كانوا جزءًا من ثورة جمعت ملايين السودانيين على حكم الرئيس «عمر البشير» قبل أن يطيح به الجيش في أبريل 2019.
وكانت المواصلات واحدة من الأزمات التي أطلقت شرارة الانتفاضة الشعبية.
ويقول أحدهم الشباب: «أطلقنا هذه المبادرة لكي نساعد الناس على العودة إلى بيوتهم».