قال الكاتب البريطاني «ديفيد هيرست» إن ولي عهد أبو ظبي «محمد بن زايد» يحتاج إلى الصراع كي يصبح له نفوذ، مشيرا إلى أنه «لن تكون له قيمة من دون محمد بن سلمان».
وتسآل هيرست في مقاله الذي ترجمته «عربي21» عن موقع «MEE»، عن حاجة الإمارات العربية المتحدة إلى إفشال أية صفقة سعودية مع قطر.
وتحدث هيرست عن تجنيد الإمارات لمسؤولين سابقين في الإدارة الأميركية لتهديد قطر، إذ كان سفير الإمارات في واشنطن «يوسف العتيبة» قد بعث برسالة إلى روبرت غيتس، الذي كان يشغل في السابق منصب وزير الدفاع، يقول له فيها: «محمد بن زايد يبعث لك بتحياته الحارة من أبوظبي، ويقول لك افتح عليهم أبواب الجحيم غدا».
وأشار الكاتب إلى أنه رغم الحصار والتهديدات التي أطلقتها السعودية والإمارات في بداية الأزمة، إلا أن «قطر أصبحت أقوى مما كانت عليه، وهي الآن تنتج احتياجاتها من المواد الغذائية، وبات لديها المزيد من الأصدقاء في واشنطن -نتيجة لإنفاقها الكثير من المال هناك- وأصبحت قاعدة العديد أكبر بكثير مما كانت عليه».
ولفت الصحفي البريطاني إلى أن «نغمة التغريدات التي تصدر عن عملاء محمد بن زايد ومحمد بن سلمان طرأ عليها تغيير، ولعل السبب في ذلك هو قرار منتخبات كرة القدم السعودية والبحرينية والإماراتية المشاركة في دوري كأس الخليج العربي، الذي تقام مبارياته في الدوحة، وهو الدوري الذي كانوا قد قاطعوه قبل عامين».
وأضاف هيرست: «فشل الحصار في إخضاع دولة تعتز بسياستها الخارجية المستقلة،ومن الواضح أن سياسة السعي لعزل قطر قد ضلت الطريق، ما الذي يدفع محمد بن سلمان إذن لإنهاء الحصار؟ علينا من أجل الإجابة عن هذا السؤال أن نتأمل في كل الأشياء الأخرى التي أخفق ولي العهد السعودي في إنجازها».
وتابع الكاتب: «بجانب كارثة «أرامكو»، لم تحقق سياسة السعودية الخارجية نتائج أفضل، وباتت لدى المملكة الآن قائمة متنامية من الحلفاء العرب الذين تم إقصاؤهم، ومنهم الأردن وعمان والعراق، بل وحتى مصر لا يمكن الاعتماد عليها، وأخيرا توقفت المملكة العربية السعودية عن تزويدها بالنفط المجاني».
وأوضح أن «السعي لحل النزاع مع قطر كجزء من إستراتيجية تهدف إلى إعادة التفكير حول أين وكيف أخفقت مبادرات بن سلمان في مجال السياسة الخارجية، كما أنه بحاجة أيضا إلى المال، وقطر ثرية ولديها فائض كبير، كل نزاعات الخليج تنتهي بطريقة أو بأخرى من خلال دفع فدية من نوع ما».
وقال الكاتب إن «السبب الآخر في الرغبة لإنهاء النزاع مع قطر هو إسرائيل، فقد شاع منذ فترة أن ثمة خطة لعقد مؤتمر قمة على نسق كامب دافيد، تعلن فيه الدول الخليجية الرائدة عن قرارها المضي قدما في تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وإذا ما أريد لهذه الخطة أن تنفذ، فإن ولي العهد السعودي بحاجة إلى قطر؛ حتى تحد من التغطية الإعلامية السلبية التي يمكن أن تحدث نتيجة لذلك».
وأورد الكاتب أن «ثمة سابقة لمحادثات السلام الجارية حاليا، فقد كان دونالد ترامب قد بادر بإجراء مكالمة هاتفية بين أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وولي العهد السعودي في شهر سبتمبر من عام 2017، استمرت المبادرة 24 ساعة قبل أن تتهم المملكة العربية السعودية قطر بعدم التعامل بجدية مع الحوار، ثم قامت بتجميد الاتصالات بين الطرفين».
وأشار هيرست إلى أن الرجل الذي أقنع محمد بن سلمان بوقف ذلك كان محمد بن زايد، مضيفا «تقول المصادر إنه ربما لجأ إلى تكرار الشيء ذاته هذه المرة».
وأضاف: «قبل عامين، كان محمد بن سلمان أكثر خضوعا لمحمد بن زايد مقارنة بما هو عليه حاله في يومنا هذا، ولعل هذا ناجم عن اتساع الشقة بين البلدين؛ بسبب حرب اليمن، ورد الفعل على الهجمات الإيرانية على ناقلات النفط وعلى مرافق تصديره في الخليج».
وتابع: «تحتاج أبوظبي للتخفي في ظل الرياض إلى أن يحين الوقت الذي تصبح فيها الحاكم الفعلي للعالم العربي السني، وبذلك لا يمكن توجيه لوم لمحمد بن زايد على كونه بلا طموح، مشيرا إلى أنه لن يكون التقارب بين السعودية وقطر لمصلحة أبوظبي، إذ يسلبهم ذلك عدوا من بينهم هم في أمس الحاجة إليه، عدوا يتهم برعاية الإرهاب».
واختتم الكاتب مقاله أنه «ليس واضحا ما إذا كانت المبادرة لإنهاء الحصار ستنجح، لكنه سوف يبذل قصارى جهده لإفشال أية صفقة مع قطر، ولكن فيما لو حصل وأثمرت جهود الإصلاح بين الطرفين، فسيكون ذلك أوضح مؤشر حتى اللحظة على أن الأمير السعودي الشاب بدأ يفض الشراكة مع معلمه الإماراتي الأكبر منه سنا».