قالت صحيفة «فايننشال تايمز»، في افتتاحيتها، الثلاثاء،إن انتشار وباء فيروس كورونا منح نظام عبد الفتاح السيسي في مصر الفرصة لتصعيد قمعه ضد المعارضين له.
وقالت: «لو كان هناك وقت يمكن فيه للحكومات دعم وكيل المديح لعمال الصحة فسيكون أثناء وباء فيروس كورونا، لكن ليس في مصر، حيث تم اعتقال تسعة أطباء وصيادلة تجرأوا على نقد رد النظام الديكتاتوري على الأزمة، بطريقة تعسفية بالفترة ما بين مارس ويونيو الماضي».
وأشارت الصحيفة إلى أنه «تمت مواجهة نقد النقص بالملابس الواقية وعدم توفر التدريب الجيد بتهم (نشر الأخبار الكاذبة) و(الإرهاب)، حسب منظمات حقوق الإنسان، في وقت كان يموت فيه زملاء الأطباء والممرضين في الخطوط الأمامية لمكافحة الفيروس».
مصر تكرر مأساة الصين
طبيبة أبلغت عن حالة كورونا فاعتقلها الأمن الوطني.. ما القصة؟#الحرية_للاطباء pic.twitter.com/oEMJIwCxd5— شبكة رصد (@RassdNewsN) June 12, 2020
وتضيف الصحيفة أن «هذه الاعتقالات والاتهامات تبدو فظيعة، إلا أنها ليست مفاجئة لمن راقبوا بقلق اختفاء مساحة النقد أو أي ملمح للنشاط منذ سيطرة السيسي على السلطة في انقلاب عام 2013، وفي منطقة معروفة بديكتاتورياتها تقف مصر متميزة على البقية في إجراءات القمع».
وتابعت: «العاملون بالمجال الصحي بمصر الذين تحدثوا علانية هم آخر الجماعات التي وجدت نفسها في مرمى هدف النظام. ولكن السيسي يظل شخصية تتقرب إليها العواصم الغربية بدون أي ذكر لانتهاكات حقوق الإنسان التي تجري تحت سمعه وبصره. وكان هذا عاملا وراء جرأة السلطات لتوسيع مستوى القمع».
وتستدرك صحيفة «فايننشال تايمز» بالقول إن «أنصار النظام يشيرون إلى أن نظام السيسي أحل الاستقرار بعد فترة من الفوضى وأنعش الاقتصاد الساكن عندما دفع بسلسلة من الإصلاحات القاسية بموجب قرض صندوق النقد الدولي، 12 مليار دولار عام 2016».
وتقول إن «الانقلاب الذي جلب وزير الدفاع السابق إلى الحكم حظي بدعم الكثير من المصريين بعد تجربة في الديمقراطية عقب الثورة التي فتحت المجال أمام حكومة الإخوان المسلمين التي اتسمت بالاضطراب».
وكل هذا لا يبرر، كما تقول الصحيفة، «وحشية النظام والقمع الذي سجن الناشطين العلمانيين والصحافيين وأعضاء المنظمات غير الحكومية والمدونين، وتم التعامل معهم في معظم الأحيان كإرهابيين وحرموا من المحامين وتعرضوا لخطر التعذيب. ولم يعامل أنصار الإخوان المسلمين أحسن من هؤلاء، فقد قتلت قوات الأمن على الأقل 800 منهم في مذبحة رابعة عام 2013 وسجن الآلاف منهم».
بعد إخلاء سبيله من السجن..
الصحفي المصري محمد منير يستغيث بنقابة الصحفيين لإدخاله مستشفى العزل بعد ظهور أعراض كورونا عليه pic.twitter.com/iSt591EP11— شبكة رصد (@RassdNewsN) July 7, 2020
وتعلق الصحيفة أن «النقاش الدائر في الحكومات الغربية حول كون مصر حليفا مهما، صحيح. فاستقرار بلد يبلغ تعداده 100 مليون نسمة ويقع على البحر المتوسط وقريب من إسرائيل ودول الصحراء الأفريقية يجب أن يكون مهما ومصدر قلق للجميع».
وأردفت: «لكن الدعم اللا مشروط لما أصبحت دولة بوليسية وغض الطرف عن انتهاكات ستة أعوام لا يعزز الاستقرار. وبدلا من ذلك ففي بلد ظلت مكاسبه الاقتصادية هشة وغير متساوية قبل أزمة كوفيد-19، وزادت نسبة الفقر في ظل السيسي؛ فمن الأفضل أن تستخدم الدول الغربية علاقاتها مع النظام والضغط عليه لتحسين سجل حقوق الإنسان والسماح بالخطاب السياسي وتخفيف القيود على الإعلام المُكمم».
ولفتت صحيفة «فايننشال تايمز» إلى أن «السيسي سحق كل معارضيه، وفاز بانتخابات زائفة عام 2018 بنسبة 97% بعد اعتقال واستفزاز أي شخص فكر بالترشح ضده، مهما كانت فرص فوزه. ولم يكن هناك أي مظهر من الديمقراطية».
وتحذر الصحيفة من «استمرار القمع على بلد يزداد سكانه عددا وتتفاقم مصاعبه الاقتصادية؛ فاليد الحديدية لن تستمر للأبد. والدرس المهم من انتفاضات الربيع العربي عام 2011، وهو أن الذين يعيشون في ظل أسوأ الأنظمة قمعا يصلون إلى نقطة اللارجعة، عندما تتفوق لحظة الغضب والخيبة على الخوف، ولو أراد حلفاء القاهرة مصر مزدهرة ومستقرة فعليهم التوقف عن غض النظام عما يرتكبه نظام السيسي من انتهاكات».