طالبت صحيفة الجارديان البريطانيةالرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون بإعلان ندم وطني عن جرائم استعمار الجزائر اقتداء بما فعله سلفه الرئيس الأسبق “جاك شيراك” عندما اعترف قبل ربع قرن بتواطؤ بلاده في اعتقال وملاحقة اليهود أثناء الاحتلال النازي.
وذكرت الصحيفة البريطانية، في افتتاحية الأربعاء، أن إعلان “شيراك” كان “لحظة من التطهر الوطني” يحتاجها “ماكرون” لإضفاء المصداقية على جهوده لتصفية ملفات الحقبة الاستعمارية، وأثنت على قرار “ماكرون” فتح الأرشيف الفرنسي وكسر الصمت عن المسكوت عنه في الفصل الأسود من تاريخ فرنسا بالجزائر حسب الخليج الجديد.
لكن الصحيفة أكدت أن هذه الجهود ليست كافية لرأب جراح الماضي بين فرنسا والجزائر، مستشهدة بخطاب لـ”ماكرون” وصف فيه بلاده بأنها “بلد بتاريخ من الماضي الاستعماري والكدمات التي لم يتم التخلص منها بعد. وبوقائع مغروسة في نفسيتنا الجماعية، وحرب الجزائر هي جزء منها”.
وعادة ما ابتعد رؤساء فرنسا السابقون عن الحرب المرتبطة بالمهانة الوطنية والعنف الوحشي والعنصرية الاستعمارية في الجزائر، “لكن في بلد لديه أكبر عدد سكان مسلمين في أوروبا توصل “ماكرون” إلى أن التعامي الرسمي عن هذا لم يعد مقبولا” بحسب افتتاحية الجارديان.
وتحضيرا لذكرى مرور 60 عاما على استقلال الجزائر، التي ستحل العام المقبل، قرر “ماكرون” بأن تبدأ عملية “فتح الماضي” ومن قمة الهرم السياسي، وأعلن قصر الإليزيه عن إنشاء مفوضية “الذكريات والحقيقة” بمهمة مراجعة الماضي الاستعماري الفرنسي في الجزائر.
بموجب القرار، سيتم فتح الأرشيفات السرية كجزء من “الاعتراف بالحقائق والتصالح مع الذاكرة”، وستعاد القطع الأثرية والوثائق من باريس إلى الجزائر.
ووصفت الصحيفة البريطانية قرار “ماكرون” بأنه يستحق الثناء لأنه “يفتح النافذة ليدخل منها بعض الهواء”، خاصة أنه أول رئيس فرنسي يعترف بأن بلاده قامت بتعذيب منهجي في الجزائر قائلا إنه يجب مواجهة آثام الماضي “بشجاعة ووضوح”.
لكن الصحيفة حذرت من تقويض مصداقية توجه “ماكرون”، مشيرة إلى تأكيد قصر الإليزيه، هذا الأسبوع، أن عمل مفوضية الذكريات والحقيقة “لا يعني أنه سيكون مترافقا مع اعتذار رسمي عن تاريخ فرنسا في الجزائر”، ورفضه بطريقة استباقية فكرة التعويض.
وتلفت الجارديان في هذا الصدد إلى أن “ماكرون” يخشى من إثارة جدل وطني قبل انتخابات الرئاسة العام المقبل، والتي سيواجه فيها على الأرجح جولة إعادة أمام “مارين لوبان” زعيمة التجمع الوطني اليميني المتطرف.
لكن فرنسا تحتاج – بحسب افتتاحية الصحيفة البريطانية – لكي تطوي الصفحة الصادمة من تاريخها الاعتراف بمسؤوليتها الرئيسية كقوة استعمارية وعن الحرب القاسية ما بين 1954- 1962، وعدم فعل هذا سيكون بمثابة صفعة بالمراوغة التي طالما انتقدها “ماكرون” نفسه.