أسامة جاويش يكتب:
عزيزي أحمد الغندور (الدحيح)… عفوا لقد نفد رصيدكم.
أثبتت الحرب الأخيرة التي خاضها الشعب الفلسطيني وداعموه في الداخل والخارج؛ أن فلسطين هي القضية الأم لكل الشعوب العربية والإسلامية، بل امتد الأمر لأبعد من ذلك حتى جعلتنا فلسطين نصدق أنها باتت قضية الشعوب الحرة التي تحترم قيمة الإنسان، على اختلاف دياناتها أو جغرافيتها.
أطلق نشطاء غاضبون حملة مقاطعة للمؤثر المصري على مواقع التواصل الاجتماعي أحمد الغندور، والذي يعرفه ملايين المتابعين باسم الدحيح بعد عودته مرة أخرى لبث برنامجه عبر منصة جديدة اسمها نيو ميديا أكاديمي، وهي منصة إماراتية
التعاطف الكبير والدعم المتواصل لقضية حي الشيخ جراح ثم الدفاع عن أبناء الشعب الفلسطيني ضد العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة، مرورا بنقل صورة أبناء الضفة وانتفاضة فلسطينيي الداخل.. كلها مشاهد كانت كاشفة لحقيقة مهمة مفادها أن الشعوب وإن أصابها صدأ السلبية وغطاها غبار القمع ومنعها الحكام من التعبير عن الرأي، إلا أنها ومع أول اختبار حقيقي تعاود سيرتها الأولى في نصرة القضية الفلسطينية والدفاع عن القدس.
تجدد الاختبار مرة أخرى في الأيام الماضية، حين أطلق نشطاء غاضبون حملة مقاطعة للمؤثر المصري على مواقع التواصل الاجتماعي أحمد الغندور، والذي يعرفه ملايين المتابعين باسم الدحيح بعد عودته مرة أخرى لبث برنامجه عبر منصة جديدة اسمها نيو ميديا أكاديمي، وهي منصة إماراتية هدفها الأساسي هو بناء مجموعة من المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن الأزمة الحقيقية أنها منصة داعمة للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي وممولة لهذا الهدف، وأبرز مشاريعها هو برنامج ديلي ناس الذي يروج للتطبيع والتعايش مع الاحتلال الإسرائيلي بشكل فج.
لا يستطيع أحد أن ينكر النجاح الكبير الذي حققه وما زال يحققه الدحيح من انتشار واسع في دوائر شبابية صغيرة في السن، أيضا في المحتوى العلمي الذي استطاع تقديمه بشكل مبسط ومبهر في نفس التوقيت، وفي حضوره القوي وطريقة تقديمه المميزة للبرنامج.. كلها أمور جعلته واحدا من أهم المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي. وتكفي الإشارة إلى أنه بمجرد عرض الحلقة الأولى من برنامجه على هذه المنصة الإماراتية حتى قفز عدد متابعيها إلى مئات الآلاف، وتجاوزت مشاهدات هذه الحلقة المليون مشاهدة في يوم واحد.
جمهور الدحيح ومتابعوه غالبيتهم كما ذكرت من الجيل الجديد من أبناء العشرينات وما دونها، ولكن الحرب الأخيرة على قلسطين أثبتت أن هذا الجيل وإن حاولوا تغييبه عن فلسطين إلا أنه يمتلك وعيا لم تمتلكه أجيال أكبر
كل هذا لا ينكره أحد، ولكن يبدو أن الغندور أو الدحيح قد نسي هو ومن ينتج له هذا البرنامج، أو تناسوا، أن للنجاح ضريبة يجب أن تُدفع، وللشهرة زكاة يجب أن تؤَدى، وللتأثير أمانة يجب أن تراعى، ولحب الناس دين يجب أن يُدفع، وقبل كل هذا تأتي فلسطين بقدسية أرضها وعظم قضيتها ومكانتها في نفوس محبي الدحيح قبل منتقديه.
من يتابع تعليقات الجمهور وغضبهم يدرك أن رصيد الدحيح قد نفد، فقط عندما تجاوز فكرة أن فلسطين أولا وقبل كل شيء.. جمهور الدحيح ومتابعوه غالبيتهم كما ذكرت من الجيل الجديد من أبناء العشرينيات وما دونها، ولكن الحرب الأخيرة على فلسطين أثبتت أن هذا الجيل وإن حاولوا تغييبه عن فلسطين إلا أنه يمتلك وعيا لم تمتلكه أجيال أكبر، والدليل على ذلك أنه كان في استطاعة هذا الجيل أن ينقل المعركة مع الاحتلال من الأراضي الفلسطينية إلى الفضاء الإلكتروني في حرب على مواقع التواصل الاجتماعي؛ استطاع فيها هذا الجيل أن ينتصر نصرا ساحقا على الاحتلال وآلته الإعلامية، أيضا استطاع أن يلحق هزيمة قاسية بقطار التطبيع وراكبيه من أنظمة عربية في مقدمتها الإمارات.
مشروع الإمارات في التطبيع مع الاحتلال هو جريمة في حق كل غيور على فلسطين وشعبها وقضيتها العادلة، وقبول الدحيح بالظهور في برنامج تنتجه شركة كهذه من أجل الترويج للتطبيع مع الاحتلال هو سقوط أخلاقي مدو للدحيح وفريقه
الإمارات كنظام بأمواله وسياساته وجرائمه ضد أبناء الشعوب العربية لا يمكن التسامح معه بسهولة، وقد أضاف جريمة كبرى إلى جرائمه السابقة عندما هرول إلى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في مشروعه الملقب بصفقة القرن، ثم قاد قطار الدول العربية المطبعة مع دولة الاحتلال. هناك خصومة سياسية حقيقية وربما تصل إلى خصومة جنائية لدى ملايين من البشر في مصر وسوريا وليبيا واليمن تجاه محمد بن زايد وأشقائه، فقد دمروا ثورات الربيع العربي بأموالهم ومؤامراتهم، ودعموا كل انقلاب عسكري، واستضافوا كل فاسد هارب من وطنه، وما محمد دحلان وأحمد شفيق ومحمود جبريل منا ببعيد.
ولكن الخصومة السياسية شيء والسقوط الأخلاقي والتآمر على فلسطين شيء آخر.. مشروع الإمارات في التطبيع مع الاحتلال هو جريمة في حق كل غيور على فلسطين وشعبها وقضيتها العادلة، وقبول الدحيح بالظهور في برنامج تنتجه شركة كهذه من أجل الترويج للتطبيع مع الاحتلال هو سقوط أخلاقي مدو للدحيح وفريقه. وأعتقد أنه إن لم يتراجع فورا ويعتذر عن الاستمرار في هذه الجريمة فسيقرأ هذه الجملة من ملايين المتابعين: عزيزي أحمد الغندور.. عفوا لقد نفد رصيدكم.