أكد المؤرخ والباحث العبري دان شيفتان، أن الأزمات التي تضرب جماعة الإخوان المسلمين تعطي «إسرائيل» حرية عمل إقليمية، وتتيح فرصة مريحة لقمع تعاظم قوة حماس، وتصفية زعمائها”.
ولفت المؤرخ إلى أن “لإسرائيل وشركائها العرب (لا سيما مصر والأردن) مصلحة استراتيجية في إظهار فشل نموذج غزة، لأجل ردع عرب آخرين عن تبنيه، أما تعزيزه “المدني”، فهو سياسة ضارة وقصيرة النظر، وبخلاف جهات معادية أخرى -السلطة الفلسطينية وسوريا- مع حماس توجد لإسرائيل “لعبة نهايتها الصفر”؛ فما هو خير لحماس شر لإسرائيل، لأنه خير للإخوان في غزة”.
وحذر من التعلق بحالة الهدوء الخاد” مع حركة “حماس” التي تدير قطاع غزة، مشددا على أهمية أن تعمل “إسرائيل” على تدمير القدرات العسكرية لهذه الحركة، وتصفية قادتها.
وقدر المؤرخ اليهودي دان شيفتان، رئيس برنامج الأمن الدولي بجامعة حيفا، المحاضر ببرامج الدراسات الأمنية بجامعة تل أبيب، في مقاله بصحيفة “إسرائيل اليوم”، أن “حماس معنية بهدوء مؤقت في قطاع غزة، لغرض تعاظم القوى، إعدادا للمواجهة التالية”.
ونبه إلى أن “حماس بالتوازي، تقوم بعمل في الضفة والقدس كي ترفع مستوى مكانتها كمسؤولة عن الفلسطينيين في الضفة الغربية وفي إسرائيل (المناطق المحتلة عام 1948)، وتبني شبكة عسكرية في لبنان؛ كي تخلق ساحات مواجهة إضافية، ربما بمشاركة حزب الله”.
ورأى شيفتان أن “إسرائيل تخدمها التهدئة في المستوى الاستراتيجي، بسبب إدمانها في المستوى العملي على الهدوء الخادع في حدود القطاع”، منوها إلى أنه “في الظروف الناشئة، بعد المس العملي بمقدراتها العسكرية في حملة “حارس الأسوار” (العدوان الأخير على غزة)، وبعد استكمال العائق البري الذي يقيد قدراتها،
وقال: “مع عدم وجود احتمال في الامتناع على مدى الزمن عن المواجهة، فمن المفضل المخاطرة بمواجهة مع حماس ضعيفة نسبيا في التوقيت المريح لإسرائيل، على انضمام المنظمة حين تكون معززة؛ إلى مواجهة مع إيران وحزب الله في موعد وفي ظروف يصعب فيها على إسرائيل أن تخصص المقدرات اللازمة لضربها”.
وذكر أن “الوهم الغريب هو “التسوية بعيدة المدى”، التي تترافق أحيانا مع هذيان جزيرة اصطناعية وميناء، وهذا يذكرنا بالفرضية الفاشلة لشمعون بيرس في التسعينيات، أن خروج إسرائيل من القطاع سيجعله “سنغافورة”، وكل ما هو مطلوب لتحققه كان تغيير الغزيين بالسنغافوريين النشطاء والبنائين”.
وأشار إلى أن “من يأمل بتحقيق تسوية كهذه من خلال إعادة التأهيل المدني، دون المنع بالقوة لتعاظم قوتهم، يشجعهم ويضعف موقف المساومة الإسرائيلي، ومع أن حماس تصعد أعمالها في الضفة وفي القدس وفي الداخل وفي لبنان، إسرائيل تجعل هذه السياسة مجدية”.
وأضاف: “هي تسمح لها بأن توازن توجيه الدولارات التي تلقتها للتعزيز العسكري من خلال مساعدة مدنية بالمال القطري، وتصاريح العمل للعمال في إسرائيل، وتسهيلات في الاستيراد والتصدير، وإدخال البنى التحتية، وإدخال “مواد ثنائية الاستخدام”، وتشجيع المصريين على تسجيل القيود في معبر رفح”.
وإضافة لما سبق، بحسب شيفتان، “تعزز إسرائيل موقف المساومة لدى حماس بالتعهد الجماهيري، الضار من ناحية استراتيجية والمرفوض من ناحية أخلاقية، لإعادة جنودنا”، مقدرا أن صفقة تبادل جديدة يخرج بموجبها أسرى فلسطينيون، “ستشجع” العمليات مثلما حصل في صفقة الجندي “جلعاد شاليط” السابقة.
وبين أن “الكلفة التي لا تطاق للإدمان على وهم الهدوء، تتفجر في وجه إسرائيل المرة تلو الأخرى؛ في العربدة التي تشوش حياة الإسرائيليين في الجنوب، وفي تعطل الشرطة أمام الخاوة العربية في الشمال، وفي الخوف المبرر من استئناف الاضطرابات في المدن المختلطة (عرب ويهود)، وفي سيطرة الأسرى في السجون حيال ضعف مصلحة السجون، وفي التسامح تجاه إرهاب اليهود، وبالتسليم بالعنف الجماهيري المنظم في مجتمع الحريديم، وبالعقاب السخيف الذي يفرضه قضاة رحماء”، ما يشجع الجريمة في المجتمع الإسرائيلي”.
وقال شيفتان إن “زعامة خائفة تمتنع عن المواجهة مع العنف، مسؤولة عمليا عن انتشاره حتى النقطة التي تلزم فيها وسائل أكثر حدة بلا قياس من تلك التي تمتنع عنها لقمع شراراتها الأولى”.