نشرت صحيفة «إلسالتو دياريو» الإسبانية تقريرا، سلطت فيه الضوء على النزاعات المسلحة المحتملة التي يمكن أن يشهدها العالم في سنة 2022.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته «عربي21»، إن إطاحة حركة طالبان بالنظام في أفغانستان هذا الصيف مثّلت بداية مرحلة جديدة في تاريخ البلاد، بعد ما تسمى «الحرب على الإرهاب» الفاشلة التي قادتها الولايات المتحدة لعقدين. لكن البلاد بعيدة عن تحقيق السلام الدائم.
وذكرت أن تصاعد التوتر بين الصين والولايات المتحدة كان من أبرز القضايا التي ناقشها البنتاغون خلال 2021. وقد وصف البعض ما يحدث بين بكين وواشنطن بـ«الحرب الباردة»، التي يمكن أن تتسبب في نشوب نزاعات خلال سنة 2022.
ونشر جدعون راتشمان، كبير المعلقين في الشؤون الخارجية في صحيفة «فايننشيال تايمز»، مؤخرًا مقالا، قيّم فيه احتمال أن تنخرط الولايات المتحدة في ثلاثة صراعات في 2022، مشيرا إلى أنه «لا توجد أجندة موحدة بين بكين وموسكو وطهران، كما أن طموحات هذه الدول ليست مشتركة». وقد نبّه إلى أن توازن القوى العالمي، الذي هيمنت عليه الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية، بات مهددًا.
وأضافت الصحيفة أن الصراع على بحر الصين الجنوبي وجزيرة تايوان، أحد أطول النزاعات في القرن العشرين، هو السيناريو الأكثر ترجيحًا. وفي أكتوبر، وعد الرئيس شي جين بينغ بإعادة توحيد حتمية مع تايوان، ورافق ذلك استعراض للطائرات في سماء الجزيرة.
لكن الحكومة التايوانية احتجت على ذلك، وتحدثّت عن أسوأ وضع عسكري خلال الأربعين عامًا الماضية. وأشار وزير الدفاع الأميركي إلى أن المناورات الصينية تبدو أشبه بتدريبات على اجتياح واسع النطاق للجزيرة. وحسب مصادر موالية للغرب، فإن جيش التحرير الشعبي الصيني اكتسب القدرة العسكرية على محاصرة مضيق تايوان والسيطرة عليه.
بعد صدور تقارير تفيد بأن الصين اختبرت صاروخًا أسرع من الصوت، وذا قدرة نووية في وقت سابق من سنة 2021، صرّح جو بايدن بأن حكومته ستدافع عن جزيرة تايوان في حال شنت جمهورية الصين الشعبية هجومًا عليها. من جهتها، نفت الصين التقارير التي تعتبر استعراض الطائرات في سماء الجزيرة مناورة روتينية.
وأضافت الصحيفة أن التصعيد الذي لوحظ في الخطاب الصيني، وما تبعه من ردود، استمر حتى الخريف. وكان موقف الولايات المتحدة بشن مسألة إعادة توحيد الصين مع تايوان غير واضح لعقود. لكن في الآونة الأخيرة، كشف البنتاغون عن موقف أكثر وضوحًا، من خلال الإشارة إلى أن إعادة التوحيد تمثل خطرًا على مصالح الحلفاء في الشرق، وبالتحديد اليابان والفلبين.
من جانبها، نددت الصين بتنفيذ طائرات التجسس الأميركية «حوالي 1200 عملية استطلاعية، كان بعضها قريبا من خط الأساس الإقليمي للصين بـ20 ميلا بحريا»، وهي تتهم الولايات المتحدة «ببناء ساحات قتال» فيما تعتبره فضاءها الطبيعي.
نشرت صحيفة «جلوبال تايمز» مؤخرًا نتائج استطلاع، تشير إلى أن أكثر من نصف سكان تايوان يعتقدون أن حكومتهم، بقيادة تساي إنغ وين، ليست في وضع يسمح لها بشن حرب على الصين. واعترفت نسبة مماثلة من السكان بأنهم لا يريدون أن يشاركوا في نزاع محتمل.
تقرير إيران
وقالت الصحيفة: بعد النهاية المثيرة للشفقة للوجود الأميركي في أفغانستان، لينتهي بذلك عهد «الحرب على الإرهاب»، بعد عودة طالبان إلى السلطة، تتمثل المحطة التالية في الشرق الأوسط في استعادة الاتفاقية النووية مع إيران، التي انسحب منها ترامب في مايو 2018. لكن إصلاح ما خرّبه ترامب وإقناع إيران بالعودة إلى طاولة المفاوضات ليس سهلا، خاصة بعد تمكنها من جذب الاستثمار الأجنبي، وإيجاد طرق بديلة لبيع النفط، وتقليل التضخم الذي يعاني منه الاقتصاد.
وذكرت أن الولايات المتحدة تتهم إيران بتكثيف جهود تخصيب اليورانيوم بعد انسحاب ترامب من الاتفاق الذي أدى إلى جولة جديدة من العقوبات. وحسب بعض المصادر، لدى إيران القدرة على صنع سلاح نووي “في غضون أسابيع قليلة”.
وأعلن رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنه لا توجد معلومات بشأن امتلاك إيران برنامج أسلحة نووية، أو أن لديها أي نشاط ذي صلة. مع ذلك، للولايات المتحدة شكوك في أن القدرة النووية لإيران قد تقدمت بشكل ملحوظ بعد انهيار خطة العمل الشاملة المشتركة.
أوردت الصحيفة أن محاولات التوصّل إلى اتفاق مؤقت، مثل تجميد إيران برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات، لا ترضي بشكل كامل أيا من الطرفين في انتظار ما قد يتمخض عن مؤتمر فيينا. وما حدث في أفغانستان يمكن أن يدفع إيران إلى التصعيد خاصة أنه ليس لديها الكثير لتخسره في عزلتها عن الدول الغربية، وبعد صدمة اغتيال قاسم سليماني في محيط مطار بغداد سنة 2020.
سبق أن أكدت الولايات المتحدة ثقتها في القنوات الدبلوماسية، لكنها «مستعدة لأي شيء»، وهي تتهم نظام إبراهيم رئيسي بالتدخل في شؤون العراق، وتنفيذ مناورات سريّة في السعودية. ولا يستبعد المحللون شنّ ضربات جوية على المنشآت النووية، وهو خيار أقل خطورة من الدخول في صراع مع روسيا أو الصين. وتقول إسرائيل، الحليف الرئيسي للولايات المتحدة في المنطقة، إنها تستعد لفرضية صراع مع إيران.
الصراع مع روسيا
بعد شهر ونصف من تنصيبه، وصف بايدن نظيره الروسي فلاديمير بوتين بأنه قاتل. لكن بحلول نهاية السنة، جمعت بين الزعيمين مكالمتان هاتفيتان «ناقشا فيها مجموعة متنوعة من القضايا» بهدف التخفيف من حدة التوتر على الحدود الأوكرانية، حيث نشرت روسيا مئة ألف جندي في الأسابيع الماضية.
على مدى أسابيع، كان البنتاجون يدرس احتمال قيام القوات الروسية «في وقت مبكر من سنة 2022» بعبور الحدود؛ بذريعة «حماية» المواطنين الروس الذين يتعرضون للمضايقات في دونباس في مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك، اللتين تعتبران محل نزاع منذ تغيير الحكومة في كييف سنة 2014. وقد هددت الولايات المتحدة روسيا بفرض العقوبات، وزيادة المساعدة العسكرية لكل من كييف وحلفاء الناتو في شرق ووسط أوروبا.
وذكرت الصحيفة أن أكثر ما يقلق روسيا هو سعي الولايات المتحدة إلى ضم الدول التي تقع في دائرة نفوذها، لاسيما أوكرانيا وجورجيا، إلى حلف الحلف الأطلسي. وقد عبّرت روسيا عن هذه المخاوف في مسودتي اتفاقيتين أرسلتا إلى الدول الغربية في ديسمبر.
أظهرت بعض استطلاعات الرأي أن الأوكرانيين على استعداد لخوض حرب ضد جيرانهم الروس، إلا أنه ليس لديهم القدرة على الصمود في الحرب؛ لأن أي هجوم مهما كان نوعه سيتبعه استسلام كييف وفتح القنوات الدبلوماسية.
وأشارت الصحيفة إلى أنه حتى بعد الانسحاب من أفغانستان، فإن الزيادة في ميزانية الدفاع والقدرة العسكرية للولايات المتحدة دفعت العديد من الخبراء المخضرمين المعارضين للنزعة العسكرية إلى التحذير من احتمال اندلاع حرب عالمية جديدة.