توقع دكتور علاء السيد، أستاذ الاقتصاد والتمويل الدولي ورئيس الأكاديمية المصرفية الدولية، انخفاض قيمة الجنيه الرسمية مجددا بعد التراجع الأخير ليتجاوز الدولار الواحد الـ25 جنيها، كما أكد أن القيمة الحقيقية للجنيه ليست هي المعلنة من البنك المركزي وأن حلول النظام لتفادي انخفاض القيمة غير ناجعة وذات تأثير مؤقت.
وأفاد في حوار اقتصادي مع شبكة رصد بأن المصريين مطالبون بالاحتفاظ بمدخراتهم بعيدا عن شهادات البنوك ويد الدولة، خاصة مع تفاقم الأزمة الاقتصادية ونقص السيولة في مصر .
برأيك ما تفسيرك للغموض المتزايد في سعر صرف الدولار في مصر دونا عن باقي دول العالم؟
سعر الدولار الأميركي في مصر مقابل الجنيه المصري ليس خاضعا لآليات العرض والطلب ولا يعبر عن حقيقة قيمة الجنيه المصري التي يفترض أن تستمدها من مدى قوة الاقتصاد ومقدار الناتج المحلي الإجمالي وقدرة منتجات البلاد على المنافسة في الأسواق العالمية وعناصر أخرى مساعدة كمكانة الدولة الدبلوماسية والسياسية دوليا وإقليميا وقدرتها على التأثير وقدراتها العسكرية وتقييمها الائتماني ومقدار الاحتياطيات في البنك المركزي من العملات الأجنبية والذهب واحتياطيات الدولة من الموارد الطبيعية ذات القيمة المعتبرة كالنفط والغاز الطبيعي والمعادن النادرة والمياه وغيرها وقيمة الإيرادات العامة بالعملات الأجنبية ونسبة الديون السيادية للناتج المحلي وجاذبيتها للاستثمار ومدى مهارة الأيدي العاملة والاستقرار الأمني والسياسي والاجتماعي وعناصر مماثلة كثيرة.
وعليه فإن تحكم البنك المركزي المصري في سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الجنيه المصري يجعل سعر الصرف محل شك ويتسبب في اضطراب اقتصادي لأنه يجبر المتعاملين على أن يكون هناك سوق موازي أو أكثر بسعر مختلف أو عدة تسعيرات كما هو الحال في مصر الآن؛ فالدولار في البنك بنحو 18.5 جنيها والدولار الجمركي بـ 17 وفي قطاع السيارات يتم الاحتساب على أساس 22 وفي أسواق الذهب يحتسب السعر على أساس 23 وفي السوق السوداء بـ25 إن وجد أصلا، في ظل التكالب على شراء الدولار الأميركي لأغراض مختلفة وبأي سعر.
علما بأن تقديري للسعر الحقيقي للدولار الأميركي مقابل الجنيه المصري في ظل معطيات الانهيار الاقتصادي والإفلاس وتدني معدلات الإنتاج والركود التضخمي وحمى الديون يمكن أن يتراوح بين 35 و50 جنيها مصريا، إن ترك لآليات السوق: (قوى العرض والطلب).
كيف يحافظ المصريون على مدخراتهم في ظل الأزمات المتتالية وانخفاض قيمة الجنيه؟
للأسف الشديد الوضع الحالي غير مبشر نهائيا وليس هناك من إشارات أو توقعات بنجاح الحكومة المصرية بعشوائيتها الحالية في الحفاظ على قيمة الجنيه المصري أو حل الأزمات الإقتصادية المتفاقمة؛ وعليه:
فعلى المواطنين عدم الاحتفاظ بالجنيه المصري إلا لضرورة قصوى، واقترح على من لديه مدخرات نقدية ما يلي:
- عدم الاحتفاظ بها في البنوك المصرية.
- شراء سبائك ذهبية بـ50% من قيمة المدخرات.
- شراء دولارات ويورو وجنيه استرليني بـ40% من قيمة المدخرات.
- محاولة الاستثمار في الدول المستقرة اقتصاديا.
- تخزين طعام يكفي لمدة عام.
- التخلص من وعدم شراء أي أصول غير منتجة وغير مدرة للدخل بشكل عام .
- التخفيف من الممتلكات غير القابلة للتسييل السريع والتخلص من كافة معوقات الهجرة أو السفر المفاجيء دون رجعة.
هل يواجه الجنيه المصري خطر التعويم مجددا في اجتماع البنك المركزي نهاية الشهر الحالي ؟.
نعم سيتم تعويم الجنيه المصري مجددا ليصل ما بين 20 : 25 جنيه مرة واحدة أو على مراحل متسارعة وربما تحدث سلسلة من التعويمات خلال 2022 و 2023 ليتجاوز سعر الدولار منطقة (25:30) جنيها مصريا في تقديري خلال هذه الفترة والله أعلم.
برأيك هل هناك نهاية قريبة لموجة التضخم وارتفاع الأسعار التي تواجه مصر؟
للأسف الشديد الإجابة بلا فارتدادات التضخم العالمي ونتائج الحرب الروسية الأوكرانية لم تصل مصر بعد بخلاف أن الخبراء يتوقعون أن يدخل العالم فيما يمكن أن نسميه (تسونامي الأسعار) اعتبارا من النصف الثاني من العام الجاري أو قبل ذلك بأيام.
وبناء عليه فسوف تستمر الزيادات في الأسعار في مصر تدريجيا وبشكل متسارع ومتوالي وغير معقول وبما لن يستطيع المواطنون تحملها كما ولن تستطيع الحكومة اتخاذ أي إجراءات وسياسات مالية أو نقدية لكبح تنامي الأسعار وازدياد نسبة التضخم لهشاشة الاقتصاد المصري ولعدم وجود رؤية اقتصادية واضحة لدى الحكومة المصرية لمواجهة ذلك.
برأيك هل هناك نهاية قريبة لموجة التضخم وارتفاع الأسعار التي تواجه مصر؟
للأسف الشديد الإجابة بلا فارتدادات التضخم العالمي ونتائج الحرب الروسية الأوكرانية لم تصل مصر بعد بخلاف أن الخبراء يتوقعون أن يدخل العالم فيما يمكن أن نسميه (تسونامي الأسعار) اعتبارا من النصف الثاني من العام الجاري أو قبل ذلك بأيام.
وبناء عليه فسوف تستمر الزيادات في الأسعار في مصر تدريجيا وبشكل متسارع ومتوالي وغير معقول وبما لن يستطيع المواطنون تحملها كما ولن تستطيع الحكومة اتخاذ أي إجراءات وسياسات مالية أو نقدية لكبح تنامي الأسعار وازدياد نسبة التضخم لهشاشة الاقتصاد المصري ولعدم وجود رؤية اقتصادية واضحة لدى الحكومة المصرية لمواجهة ذلك.
ما تعليقك على الإجراءات الاقتصادية التي يتخذها النظام مثل حظر تداول الدولار مجهول المصدر؟
النظام لديه تخبط واضح جدا في مواجهة الإفلاس والانهيار الاقتصادي الذي تسبب فيه على مدار نحو 9 سنوات من عشوائية إدارة الاقتصاد وسوء إدارة الموارد البشرية والطبيعية والمالية.
أما قرار عدم الاعتراف بالدولار مجهول المصدر فهي إحدى صور التأميم وسرقة المدخرات ولن يتوقف الأمر عند هذا الحد في تقديري حيث أتوقع تشريعات وإجراءات عنيفة وغير مسبوقة للاستيلاء على مدخرات المصريين في البنوك سواء بالدولار الأميركي أو بالجنيه المصري أو حتى الأمانات من المعادن والمقتنيات الثمينة.
فالدولة مفلسة فعلا وليس أمامها إلا مصادرة أموال الشعب لتستمر في حكم الشعب الذي أظهر خضوعا غير مسبوق أغرى النظام إلى أن يواصل نهب الموارد الطبيعية وبيع الأصول بل والاستيلاء على الثروات الشخصية للمواطنين في المرحلة القريبة المقبلة كما حدث في لبنان واليونان وأسبانيا من قبل.
هل حظر وتقييد الاستيراد في مصر سيمكن الحكومة من الحفاظ على المخزون الدولاري فعلا رغم ان هناك مصروفات أخرى مثل المشروعات التي تشارك فيها شركات أجنبية وغيرها ؟ من وجهة نظرك ما هي الإجراءات التي لو اتخذتها الحكومة ستؤدي للحفاظ على قيمة الجنيه
للحفاظ على قيمة الجنيه المصري ينبغي أن تعمل الحكومة على تنفيذ خطط استراتيجية للاكتفاء الذاتي وتحقيق الأمن الغذائي للمواطنين بمعنى الاعتماد على إنتاج الغذاء وليس استيراده وكذلك الحال مع الدواء والسلاح وكافة المنتجات المستوردة؛ فتقليل الطلب على الدولار وخفض الحاجة لبيع الجنيه من أجل شراء الدولار يعزز قيمة الجنيه المصري.
كذلك ينبغي العمل على دعم الصادرات والسياحة والتنويع في جذب السائحين ليس فقط من أجل سياحة الشواطئ والآثار بل الاهتمام بالسياحة العلاجية وسياحة المؤتمرات والمعارض الدولية والفعاليات الرياضية والثقافية والفنية وسياحة التعليم والتدريب والسياحة الريفية وتطوير قطاع الفنادق والمطاعم والمقاهي بما يتلاءم مع المعايير القياسية الصحية والبيئية ومعايير الجودة؛ وهذا كله يستلزم نهضة اقتصادية شاملة وإعادة هيكلة الاقتصاد بالتوازي مع إعادة الهيكلة السياسية وعلاج ملف الحريات الشائك وملف الفساد الذي استشرى في جسد الحكومة وكافة قطاعات الدولة وجذب الاستثمارات الحقيقية بتطوير المناخ القانوني والقضائي والاستثماري والأمني وتطوير مخرجات التعليم الجامعي والفني بما يتلاءم باحتياجات أسواق العمل سواء بغرض تصدير العمالة أو توفير عمالة مؤهلة للعمل في مشروعات الاستثمارات الأجنبية والمحلية في الداخل.
يضاف إلى ذلك تعزيز الجنيه المصري ورفع الطلب عليه بعقد اتفاقيات مع الدول الصديقة للتصدير بالعملة المحلية، وإلغاء ما التزم به عبد الناصر بعدم المطالبة بسداد رسوم المرور في قناة السويس بالجنيه المصري فقد كان هذا الإجراء أسوأ قرار أضر بالاقتصاد المصري وبالعملة المحلية ويعد برأيي جريمة خيانة عظمى؛ إذ ينبغي العمل على تحويل الجنيه المصري إلى عملة دولية متداولة في الأسواق المالية العالمية وتعظيم الطلب عليه بكافة الوسائل الممكنة.
فزيادة الإنتاج بشكل عام والمناخ الاستثماري الآمن للأجانب وللمواطنين والاستقرار السياسي والأمني والاجتماعي وحسن إدارة الموارد البشرية والطبيعية والمالية في مصر هي الأشياء التي ستدعم عملة بلادنا واقتصادنا.
هل نقيس قيمة الجنيه الحقيقية بأسعار السوق الرسمي أم السوق السوداء؟
للأسف الشديد لا هذا ولا ذاك فالقيمة الحقيقية للجنيه المصري أقل بكثير من كلا السعرين، لكن على كل حال سعر السوق السوداء هو الأقرب للسعر الحقيقي من السعر المفروض من البنك المركزي المصري.
هل مستوى الديون في مصر آمن كما يزعم النظام ؟.
لا ليس آمنا بالمرة، والواقع أن الديون أكبر من الناتج المحلي الإجمالي بكثير لكن الدولة تتلاعب في أرقام الناتج المحلي الإجمالي ليظهر أنه أكبر من الديون ليكون ذلك مسوغا للحصول على قروض جديدة؛ ومجموعة البنك الدولي تعلم ذلك وتتغاضى عنه لرغبتها في إغراق مصر في الديون للاستيلاء في النهاية على أصولها عند إعلان إفلاسها.
الحقيقة المرة أن مصر يستحيل عليها أن تقدر على سداد هذا الكم الهائل من الديون الخارجية والمحلية بأي حال من الأحوال مع استمرار هذا النظام، وهذه حقيقة يعرفها الاقتصاديون والعالم كله للأسف الشديد والوحيدون الذين يعتقدون أن الأمور مستقرة هم إعلام النظام والشعب المصري المضلل والمغلوب على أمره.