قالت وكالة بلومبيرج، إن فكرة تشكيل تحالف أمني في منطقة الشرق الأوسط، تصطدم، بالحديث المتكرر عن العدو المشترك، بعد أن عاد طرح الأمر مع زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى المنطقة.
وأشارت الوكالة في تقرير لها، إلى تصريحات الملك عبد الله الثاني في الأسبوع الماضي من أن الأردن سيدعم فكرة تشكيل تحالف شرق أوسطي مثل حلف شمال الأطلسي “الناتو”.
وقال في مقابلة مع شبكة “سي أن بي سي” محذرا: “يجب أن تكون المهمة واضحة جدا جدا وإلا فإنها ستشوش الجميع”. وتبدو «إسرائيل» راغبة بالفكرة ويمكن أن تدعمها إدارة بايدن، على الأقل لحماية الرئيس من النقد في الكونغرس حيث يتهم بالتساهل مع طهران.
وأضافت أن الجدال حول ناتو شرق أوسطي وإن بدا معقولا، إلا أنه يبدو مثيرا للسخرية بسبب الواقع السياسي والعسكري في المنطقة. ذلك أن الدول التي ستنضم إلى التحالف تجد صعوبة في تعريف الأهداف الأمنية المشتركة، علاوة على العدو المشترك.
وقالت الوكالة، إن المشاركين لديهم جيوش لحماية النظام من التهديدات الداخلية وليس الخارجية. وربما كانوا ماهرين في ملاحقة وضرب الناشطين الداعين للديمقراطية، لكنها ضعيفة في مجال الصراعات الحركية.
ولفتت إلى أن هذه العوامل كانت كافية لإفشال المحاولات السابقة لبناء تحالفات عسكرية في المنطقة. وكانت هناك محاولتان قبل سبعة أعوام لم تخرجا عن طور التفكير، ففي عام 2015 أعلنت الجامعة العربية عن خطة لإنشاء قوة مشتركة لمواجهة الإرهاب.
وفي عام 2017 تقدمت السعودية بمقترح إنشاء الحلف الأمني للشرق الأوسط وحظيت بدعم كبير من إدارة دونالد ترامب (وأطلق عليها لاحقا ناتو عربي). ومنذ فشل هاتين المحاولتين حدث تطوران مهمان، أولا، وقعت «إسرائيل» اتفاقيات تطبيع مع بعض الدول العربية، مما يعني أن قواتها ستشارك في أي تحالف جديد. أما الثاني، فهو الخطر الذي باتت إيران تمثله، حيث أصبح أكثر وضوحا وقويا.
وتبدو إيران على حافة امتلاك قدرات نووية بعدما راكمت كميات من اليورانيوم المخصب الذي يمكنها لعبور مرحلة الاستخدام المدني. وترى إدارة بايدن أن التهديد النووي الإيراني يمكن احتواؤه من خلال إحياء الاتفاقية النووية الموقعة عام 2015، والمشكلة أن إحياء الاتفاقية يعني رفع العقوبات عنها مما سيمكنها من بناء قواتها التقليدية وضخ أموال لشبكاتها من المتطرفين والإرهابيين في المنطقة.
وقالت الوكالة: “ربما فكرت أن هذا سبب كاف لدفع دول المنطقة والتفكير جديا بتحالف يوقف التهديد الإيراني. ورغم التعاون الوثيق المتزايد بين إسرائيل ودول عربية في المجال الأمني إلا أن هناك تباينا حول إيران والإستراتيجيات المختلفة للتعامل مع طهران. كل هذا يعكر فكرة تحديد مهمة “واضحة جدا جدا” التي تحدث عنها الملك عبد الله. فمن جهة تقيم قطر وعمان علاقات جيدة مع إيران، فيما تحتفظ الكويت بعلاقات حذرة معها، وبالنسبة للرياض وأبو ظبي اللتان خاضتا حربا غير ناجحة مع وكلاء إيران في اليمن، فهما تبحثان اليوم عن تعايش وليس مواجهة مع طهران”.
وعادة ما تتبع البحرين الصغيرة السعودية في القضايا الأمنية والشؤون الخارجية. أما اليمن فهو في وسط حرب بين الحكومة المعترف بها دوليا والحركة الحوثية التي تدعمها إيران. ولدى دول الخليج جسد مشابه للمقترح هو “درع الجزيرة” ولديه قوة من 40.000 جندي ومسلح جيدا، وهذا بفضل أموال النفط من الدول المشاركة فيه.
وما يفتقر إليه درع الجزيرة هو التجربة القتالية. وبهذه المثابة فلن يقوي الدرع أعصاب أي تحالف معاد لطهران ولن ينشر الخوف في إيران. وبالنسبة لبقية الدول العربية في الشام والعراق، فقد أصبحت سوريا بمثابة مرزبان لإيران ويسير العراق ولبنان على هذه الخطى.
وختمت الوكالة بالقول: “طالما حذر الملك عبد الله من التهديد الإيراني المتزايد، إلا أن جيشه الصغير لا يمكنه إلا لعب دور بسيط في أي حلف ضد إيران، تماما كدوره في الحرب ضد الحوثيين في اليمن. وتوجد الجيوش القوية في شمال أفريقيا، وعادة ما تتعامل مع إيران بنوع من التردد نظرا لبعدها عنها. ولدى مصر أكبر جيش في العالم العربي وكانت أول دولة تنسحب من مشروع التحالف الأمني للشرق الأوسط الفاشل. كل هذا يعني أن مهمة ردع إيران ستقع على عاتق كل من الولايات المتحدة وإسرائيل، وبالتالي فأي فكرة لناتو شرق أوسطي لا قيمة لها”.