تسبب انخفاض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار في أزمة بالسوق السوداء الموازية في البلاد، الأربعاء، إذ اضطر التجار إلى وقف التعامل حتى استقرار سعر العملة في البنوك.
ووفق تقرير لوكالة “بلومبرج”، فإن التجار واجهوا صعوبة في منافسة السعر الرسمي للعملة المحلية الذي شهد انحدارا بمقدار 14%.
وأشارت الوكالة إلى أن تذبذب الفجوة بين السعر الرسمي للجنيه وقيمته لدى الأسواق الموازية، بعد ظهر الأربعاء، دفع التجار إلى “تعليق عمليات البيع والانتظار حتى نهاية اليوم لتقييم الوضع”.
وبحسب بيانات سعر الصرف، بدأ سعر الجنيه في الانخفاض قبل دقائق من الساعة التاسعة صباح الأربعاء، واستمر في التراجع السريع ليصل السعر إلى 32.15 جنيها أمام الدولار بحلول الساعة 11:18 اليوم، وهو سعر مقارب لما يجري تداوله في السوق السوداء.
لكن بعد ساعات، تراجع الدولار مجددا إلى مستوى 29.76 جنيها للدولار.
وأشارت الوكالة إلى أن تعليق التداول في السوق السوداء يعتبر نجاحا مبدئيا للخطة المصرية للقضاء على سوق موازية نشأت في ظل أسوأ أزمة في النقد الأجنبي منذ سنوات.
وكانت مصر قد أكدت التزامها، الشهر الماضي، باتباع سياسات مرنة في ما يخص سعر صرف الجنيه، وهذا ارتبط ببرنامج للإصلاح الهيكلي اشترطه صندوق النقد الدولي مقابل الموافقة على منح مصر قرضا بقيمة 3 مليارات دولار تسدّد على 46 شهرا، من أجل الرفع من اقتصادها المتضرر جراء الحرب الروسية على أوكرانيا.
واعتقلت السلطات المصرية، خلال الأسبوعين الماضيين، عددا من تجار السوق السوداء، وفق ما أفادت وسائل إعلام محلية، وهذا أسهم أيضا في تقليص تلك العمليات.
وحذر صندوق النقد الدولي في تقرير صدر الثلاثاء، من أن صمود مصر أمام مرونة صرف العملة “لا يزال بحاجة إلى تأكيد”، مشيرا إلى أن “البنك المركزي قد يواجه ضغوطا سياسية واجتماعية لعكس المسار”.
ويباع الدولار في السوق السوداء بـ35 جنيها وفقا لبنك “جولدمان ساكس” الذي أكد في رسالة إلى عملائه، الثلاثاء، أنه يتوقّع اقتراب سعر الصرف الرسمي من سعر السوق السوداء.
وخفضت مصر قيمة عملتها أكثر من مرة في تاريخها استجابة لأزمات، أو في محاولة للتوفيق بين العرض والطلب، من أجل تحسين الأداء الاقتصادي وزيادة احتياطاتها من العملات الأجنبية، وهو ما أثر في الوقت ذاته على مستويات معيشة المواطنين.
وفي 10 أشهر فقط، تراجعت قيمة العملة المصرية 104% في مقابل الدولار، بعدما خفضت 3 مرات استجابة لمطالب صندوق النقد الدولي، حسب ما أفادت به مصارف حكومية.
وفي رأي المحلل الاقتصادي لدى بنك “جولدمان ساكس” لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا “فاروق سوسة”، فإن تعديل سعر صرف الجنيه أمام الدولار لم يكتمل بعد، متوقعًا أن يرتفع السعر الرسمي للدولار ليقترب من سعر السوق الموازية الذي قد يقترب من 35 جنيهًا للدولار.
ومع هذا الانخفاض الجديد في قيمة العملة المصرية، ستزداد معاناة الأسر المصرية في بلد يستورد غالبية احتياجاته وبلغت نسبة التضخم فيه 21.9%.
وكان استطلاع أجرته “رويترز”، الإثنين الماضي، قد توقع استمرار ارتفاع معدل التضخم بعد أن سجل بالفعل أعلى مستوى في 5 سنوات في نوفمبر الماضي.