قرر مجلس التأديب بهيئة النيابة الإدارية، الإثنين، تأجيل محاكمة تأديبية للمستشار خالد محمد علي عبدالسلام عيسى الرئيس بالنيابة الإدارية، على خلفية استدعائه جنرالا أمنيا مصريا ومساعدا سابقا لوزير داخلية، وكان يعمل سكرتيرا عاما لمحافظة الغربية، اللواء حسين الجندي، وذلك للتحقيق معه في إحدى قضايا الفساد والمخالفات الإدارية التي ارتكبها، وذلك إلى جلسة 13 فبراير المقبل للمرافعة.
وأصدر رئيس هيئة النيابة الإدارية المصري قرارا بإحالة رئيس بالنيابة الإدارية إلى مجلس التأديب، في سابقة تحدث لأول مرة في تاريخ القضاء المصري بأن يتم إحالة رئيس بالنيابة الإدارية إلى مجلس التأديب لاتهامه باستدعاء اللواء للتحقيق معه بقضية تتضمن مخالفات وجرائم مالية بموجب كتاب رسمي مسجل مصحوب بعلم الوصول.
وحسب تقرير اتهام رئيس النيابة الإدارية وجاء في نص الاتهام بأن رئيس النيابة الإدارية “خاطب السيد حسين الجندي سكرتير عام محافظة الغربية وذلك بإرسال خطابي استدعاء له مسجلين بعلم الوصول موقعين منه والصادرين برقمي 3115 في 26 أكتوبر 2021 وكذا 3231 في 11 نوفمبر 2021 بطلب حضوره لسماع أقواله في القضية رقم 1123 لسنة 2021 بالمخالفة للتعليمات”.
وكشف مصدر قضائي بارز بهيئة النيابة الإدارية، أن رئيس النيابة الإدارية المحال لمجلس التأديب، قرر استدعاء اللواء للتحقيق معه على خلفية 4 وقائع مختلفة تمثل مخالفات وجرائم مالية وإدارية.
والواقعة الأولى هي منح اللواء المتهم الموافقة بالأمر المباشر لشركة تطوير عقاري خاصة على بناء مبان ووحدات تابعة لمحافظة الغربية بقيمة مالية تعاقدية عن المرحلة الأولى وحدها قيمتها نحو 170 مليون جنيه، وذلك دون اتباع قانون المناقصات المطبق في مثل هذه الحالات لاختيار أفضل العروض المقدمة عن طريق المظاريف المغلقة وعبر لجنة خاصة، وليس بالأمر المباشر كما تم، وهو جريمة تربيح الغير بالمخالفة للقانون.
والواقعة الثانية هي إصدار اللواء المتهم قرارا بمنح الموافقة لإحدى شركات تكنولوجيا المعلومات الخاصة لتطوير المنظومة الإلكترونية والربط الإلكتروني لمحافظة الغربية والوحدات المحلية التابعة لها، وذلك عن طريق الأمر المباشر أيضا بالمخالفة للقانون.
وثالث الوقائع هي قيام اللواء المتهم بإرسال طلب استيراد شحنات أطعمة ومواد غذائية باسم المحافظة بدعوى توزيعها على المجمعات الاستهلاكية التابعة للمحافظة، وهي صفقة تمت بالأمر المباشر أيضا دون اتباع اللوائح والقوانين المنظمة والمحددة لهذا الأمر.
أما الواقعة الرابعة فهي إصدار اللواء قرارات بوقف موظفين وتوقيع عقوبات تأديبية عليهم والخصم لهم بقرار شخصي منه دون اتباع اللوائح والقوانين المنظمة للأمر، ودون موافقة محافظ الغربية على القرارات التأديبية.
وقد حضر للتضامن مع رئيس النيابة الإدارية عدد من زملائه في ذات الهيئة القضائية، ووفد من نادي هيئة النيابة الإدارية جلسة المحاكمة التأديبية الأولى التي انعقدت.
وأكد المستشار محمد أمين عضو مجلس إدارة نادي هيئة النيابة الإدارية وعضو وفد النادي المتواجد للتضامن مع رئيس النيابة الإدارية، أن النادي متضامن مع الزميل المحال لمجلس التأديب، وأن وفد النادي حضر لمتابعة سير الدعوى باعتبارها سابقة قضائية.
وأضاف بأن النادي طلب دعوى الإحالة لمجلس التأديب، وأنه سيعد مذكرة دفاع قانونية عن رئيس النيابة الإدارية وسيتم تقديمها إلى هيئة المحاكمة التأديبية في الجلسة المقبلة.
وعن تصعيد الأمر، أكد عضو مجلس إدارة نادي هيئة النيابة الإدارية أن “التصعيد خيار مطروح” إلا أنه سابق لأوانه وسيتم الدفاع عن رئيس النيابة الإدارية بكافة السبل القانونية واتخاذ المسار القانوني حتى النهاية.
كما حضر ممثلا للدفاع عن رئيس النيابة الإدارية المستشار، عبد الله فتوح نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية، ومدير فرع الدعوى التأديبية بطنطا، والذي أكد خلال جلسة التأديب أن موكله باشر مهام وظيفته دون أدنى مخالفات قانونية ارتكبها في استدعاء اللواء حسين الجندي للمثول أمامه للتحقيق معه في مخالفات مالية وإدارية.
وأضاف أن المخالفات ترتقي لكونها جرائم تربح واستغلال نفوذ وتربيح الغير والإضرار بالمال العام، وتستدعي إحالتها للنيابة العامة والإحالة للمحاكمة الجنائية وليس فقط الاستدعاء للتحقيق معه فيها لتحديد مسؤوليته القانونية بشأنها، مشيرا إلى أنه سيتقدم في الجلسة المقبلة بمذكرة قانونية للدفاع عن موكله.
وكشف مصدر قضائي بارز بهيئة النيابة الإدارية، أنه لا يوجد أي حصانة للواء تمنع مثوله للتحقيق وتوقيع العقوبات التأديبية عليه أو إحالته للمحاكمة، وأن تلك الواقعة تعد سابقة خطيرة في تاريخ هيئة النيابة الإدارية منذ نشأتها بل وفي تاريخ القضاء المصري.
واستشهد بنص المذكرة الإيضاحية للقانون 117 لسنة 1958 وتعديلاته بشأن تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية والتي تناولت في الفصل الثالث الأحكام المتعلقة بمباشرة التحقيق من قبل عضو النيابة الإدارية.
وتوضح المادة 7 من الأحكام الخاصة حق عضو النيابة في الاطلاع على الأوراق وفي سماع الشهود مع تخويل عضو النيابة من السلطة ما يمكنه من التغلب على الصعوبات الناشئة عن تخلف الشاهد عن أداء الشهادة، ونصت المادة 8 على حق الموظف في حضور التحقيق ما لم تقتض مصلحة التحقيق إجراءه في غيبته.
ونصت المادة 7 من قانون النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية على أنه “لعضو النيابة الإدارية عند إجراء التحقيق الاطلاع على ما يراه لازما من الأوراق بالوزارات والمصالح، وله أن يستدعي الشهود ويسمع أقوالهم بعد حلف اليمين”.
كما أنه تسري على سماع أقوال الشهود الأحكام المقررة في قانون الإجراءات الجنائية للتحقيق بمعرفة النيابة العامة، بما في ذلك الأمر بضبط الشاهد وإحضاره.
ونصت المادة 11 من ذات اللائحة على أنه يجب على كل من دعي للحضور لتأدية الشهادة أن يحضر بناء على طلب المحقق فإذا تخلف الشاهد عن الحضور بعد تحليفه به بكتاب موصى عليه يحدد فيه موعد سماع أقواله، أو امتنع عن الشهادة، يحرر عضو النيابة الإدارية محضرا بالجريمة ويحال إلى النيابة العامة.
ونصت المادة 116 من التعليمات المنظمة للعمل الفني بالنيابة الإدارية الصادرة من رئيس هيئة النيابة الإدارية بالقرار رقم 128 لسنة 2016 على أن يخطر المتهم بالموعد المحدد لاستجوابه، فإذا تكرر تخلفه عن الحضور دون عذر مقبول يتم استدعاؤه بخطاب موصى عليه بعلم الوصول يُرسل إلى محل إقامته أو محل عمله حسب الأحوال ويوضح به الموعد الذي يحدد لاستجوابه وموجزاً للمخالفة المنسوبة إليه، مع تنبيهه إلى أنه في حالة تخلفه عن الحضور يعد تنازلاً عن دفاعه.
فإذا تخلف المتهم عن الحضور في الموعد المحدد له دون مبرر مقبول تعين تحديد مسؤوليته في ضوء الأدلة المتوافرة بالأوراق والتحقيقات، وهي جميعها قرائن وأدلة قاطعة على حق رئيس النيابة الإدارية في استدعاء اللواء “سكرتير عام محافظة الغربية” وعدم مخالفة ذلك للقانون.