نشرت شبكة بلومبيرج الأميركية تقريرا قالت فيه إن دول الخليج تترقب وضوح الرؤية في مصر على نحو أكبر بشأن الجنيه وإثبات أن الحكومة تجري إصلاحات اقتصادية عميقة قبل ضخ استثمارات بمليارات الدولارات.
تعهد الحلفاء بما في ذلك المملكة العربية السعودية وقطر بضخ أكثر من 10 مليارات دولار في اقتصاد مصر التي تحتاج إلى النقد الأجنبي وطرحت للبيع حصصاً في عدد من الشركات المملوكة للدولة. ومع ذلك، لم تتلق سوى جزء ضئيل من التمويل حتى الآن، إذ يراقب المسؤولون الخليجيون عن كثب تحركات الجنيه المصري في أعقاب ثلاثة تخفيضات لقيمة العملة خلال العام الماضي، حسبما قال أشخاص مطلعون على الأمر.
قال الأشخاص، الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم لسرية الأمر، إن دول الخليج تريد أيضاً أن ترى أن الدولة الواقعة في شمال أفريقيا اتخذت خطوات جادة بشأن الإصلاحات التي وعدت بها صندوق النقد الدولي لتأمين الحصول على حزمة إنقاذ بقيمة 3 مليارات دولار.
تشمل التغييرات الرئيسية الحد من مشاركة الدولة والجيش في الاقتصاد وضمان المزيد من الشفافية حول الأوضاع المالية للشركات المملوكة للدولة والشركات غير المدرجة في البورصة.
لم ترد حكومات السعودية وقطر والإمارات على الفور عند التواصل معها طلباً للتعليق.
قال صندوق النقد الدولي الشهر الماضي، إن تأمين الحصول على التمويل الخليجي أمر “ضروري” بالنسبة لمصر لسد الفجوة التمويلية البالغة نحو 17 مليار دولار في السنوات القليلة المقبلة.
يتعرض الاقتصاد المصري البالغ حجمه 400 مليار دولار لضغوط متزايدة بسبب الصدمات الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا، الذي أدى لارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود، خاصة أن مصر تُعدّ أحد أكبر مستوردي القمح في العالم.
من المرجح أن يؤدي تأخير الحصول على التمويل لفترة طويلة إلى تعميق الأزمة الاقتصادية وزيادة الضغط على الجنيه المصري.
تعهدت دول الخليج لتقديم الاستثمارات إذ ترى أن مصر- أكبر دولة من حيث عدد السكان في الشرق الأوسط- ركيزة أساسية لدعم النظام الإقليمي، فضلاً عن أهميتها الحيوية لمسارات الطاقة والتجارة.
نشرت وكالة “بلومبرغ” يوم الأربعاء الماضي أن المحادثات بين السعودية ومصر توقفت بشأن شراء ” المصرف المتحد” في القاهرة بسبب خلاف حول كيفية تقييم الصفقة. وأوضح الأشخاص أن التقلبات الشديدة في سعر صرف الجنيه المصري تجعل من الصعب تقييم الأصول، مما يعني أن بعض الصفقات قد تستغرق لإبرامها وقتاً أطول مما كان متوقعاً في السابق.
عندما طلبت مصر مساعدة عاجلة العام الماضي، أودعت السعودية وقطر والإمارات 13 مليار دولار لدى البنك المركزي المصري. ولكن أوضح الأشخاص إن مصر بحاجة إلى الاستثمار الأجنبي المباشر بدلاً من المساعدات. لذا، اقترحت مصر بيع حصص في 32 شركة حكومية، بما في ذلك ثلاثة بنوك خلال عام.
قال وزير المالية السعودي محمد الجدعان مؤخراً إن بلاده ستواصل البحث عن فرص الاستثمار في مصر.
وتجدر الإشارة إلى أن الجدعان ألمح إلى تحوّل منهجية تقديم المملكة المساعدات المالية للدول، إذ باتت تشترط تعهد البلاد بإصلاح اقتصاداتها مقابل تقديم المساعدات. وقد يكون لهذا التحول تداعيات على دول المنطقة من لبنان إلى تركيا.
بدأت قطر محادثات جادة العام الماضي لاستثمار نحو 2.5 مليار دولار لشراء حصص مملوكة للدولة في شركات من بينها “فودافون مصر”، أكبر مشغل لشبكات الهاتف المحمول في البلاد. واكد الأشخاص إن المناقشات مع جهاز قطر للاستثمار مستمرة، كما أن الدوحة تستكشف فرصاً متعددة.
في العام الماضي، اشترى صندوق الاستثمارات العامة السعودي حصصاً مملوكة للدولة في أربع شركات مصرية مدرجة بالبورصة مقابل 1.3 مليار دولار، في حين وافق الصندوق السيادي الذي يقع مقره في أبوظبي القابضة “ADQ”، على صفقة بقيمة ملياري دولار شملت شراء نحو 18% من البنك التجاري الدولي، أكبر مصرف مدرج في مصر. وتبدو الدول الخليجية، التي وفرت الودائع والنفط خلال الأزمات السابقة، عازمة على تحقيق عوائد ملموسة على الاستثمار.
قد يؤدي ذلك إلى تعميق مشاركتها في القطاع الخاص المصري، الذي يُرى أنه يواجه منافسة غير عادلة من جانب الشركات المملوكة للدولة، لا سيما تلك التابعة للجيش، مما يعتبر تحدياً أمام الاستثمارات الأجنبية واسعة النطاق.
بدأت بوادر التحوّل في الظهور أواخر 2019، عندما أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي عن طرح بعض الشركات المملوكة للقوات المسلحة في البورصة، التي تتراوح أعمالها من مواد البناء إلى المواد الغذائية والتعدين والبتروكيماويات.
أكد صندوق النقد الدولي ترحيبه بهذه المبادرة، ووضع مبادئ إرشادية مثل تقديم الحسابات المالية للشركات المملوكة للدولة إلى وزارة المالية. مع ذلك، حذّر الصندوق أن التغييرات “قد تواجه مقاومة من جانب أصحاب المصالح الخاصة”.
قام مسؤولون في الصندوق السيادي المصري بجولة ترويجية في دول الخليج العربي خلال فبراير وناقشوا فرص الاستثمار المحتملة مع بعض الدول بما في ذلك الكويت وسلطنة عُمان.
لكن يتعين على مصر أيضاً أن تشرح لشعبها فوائد الاستثمار الأجنبي في تحسين الربحية وفتح أسواق تصدير جديدة، وفقاً لما ذكره اثنان من الأشخاص. من شأن ذلك أن يساعد على تهدئة أي قلق محلي بشأن بيع أصول الدولة.