تواجه الجهود التي تقودها السعودية لإعادة النظام السوري إلى الجامعة العربية مقاومة من بعض حلفائها، وفقًا لمسؤولين عرب تحدثوا لصحيفة “وول ستريت جورنال”، في انتكاسة لجهود المملكة لقيادة إعادة ترتيب جيوسياسية أوسع تجري في المنطقة.
كانت آخر خطة للسعودية هي دعوة النظام السوري إلى قمة جامعة الدول العربية التي تستضيفها المملكة العربية السعودية في 19 مايو القادم، تزامناً مع إعادة بعض الدول العلاقات مع النظام السوري، كما أعادت المملكة العربية السعودية، في الشهر الماضي، العلاقات مع إيران، في صفقة توسطت فيها بكين.
رغم ذلك، قال مسؤولون عرب في حديثهم مع الصحيفة، إنّ خمسة أعضاء على الأقل من جامعة الدول العربية، من بينهم المغرب والكويت وقطر واليمن، يرفضون إعادة انضمام النظام السوري إلى المجموعة، مضيفين أن مصر أيضاً التي أحيت العلاقات مع النظام السوري في الأشهر الأخيرة، وهي حليف قوي للسعودية، تقاوم القرار.
وأوضح المسؤولون أنّ هذه الدول تريد من بشار الأسد التعامل أولاً مع المعارضة السياسية السورية بطريقة تمنح جميع السوريين صوتاً لتقرير مستقبلهم.
ومن شأن إعادة النظام السوري إلى جامعة الدول العربية، إضفاء شرعية على تطبيع العلاقات مع الأسد، بعد عقدٍ من نبذه نتيجة تعامله الوحشي في قمع الثورة السورية.
ووصل وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد إلى مدينة جدة، الأربعاء الماضي، بناء على دعوة من نظيره السعودي، وكان في استقباله بمطار الملك عبد العزيز نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي.
وتأتي زيارة المقداد، بحسب بيان لوزارة الخارجية السعودية، في إطار دعوة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، “لعقد جلسة مباحثات تتناول الجهود المبذولة للوصول إلى حلٍ سياسي للأزمة السورية يحافظ على وحدة سورية وأمنها واستقرارها، وتسهيل عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم، وتأمين وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة في سورية”.
وفي حين أنّ الأغلبية البسيطة ستكون كافية لإعادة قبول النظام إلى جامعة الدول العربية، إلا أنّ الإجماع فقط سيكون ملزماً لجميع الأعضاء، وسيوفر الشرعية اللازمة للضغط على المجتمع الدولي بشأن رفع العقوبات عن النظام السوري.
في هذا السياق، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، في مؤتمر صحافي الشهر الماضي، إنّه “لا يوجد إجماع عربي في الوقت الحالي بشأن قضية إعادة قبول النظام السوري في جامعة الدول العربية”.
فيما قال المسؤولون العرب الذين تحدثت معهم الصحيفة، إنّ بعض الدول التي تعارض إعادة قبول النظام السوري ضاعفت من مطالبها، بما في ذلك قمع تهريب المخدرات غير المشروع، ومطالبة إيران بالتوقف عن توسيع نفوذها في البلاد، ومطالب أخرى عديدة.
وفي حين أنّ العديد من المسؤولين العرب ما زالوا يبغضون الأسد وجرائمه ضد شعبه، فإنهم يقولون إنّ السياسات الدولية التي تعزل النظام السوري تثبت أنّها تأتي بنتائج عكسية مع مرور الوقت، مما يعزز نفوذ إيران في المنطقة، بحسب الصحيفة.
وفي حال وافق النظام السوري على مطالب الدول الرافضة، فمن شأن هذه الخطوة أن تفتح الطريق، ليس فقط لعودة النظام إلى جامعة الدول العربية، ولكن أيضاً قد تسمح لها بإضافة أصواتها إلى أي جهد أوسع للضغط على الولايات المتحدة والقوى الأوروبية لرفع العقوبات عن بشار الأسد، على حد قول المسؤولين العرب.
وأضاف المسؤولون للصحيفة أنّ الأسد لم يُظهر حتى الآن أي اهتمام بالتغيير السياسي، ومع ذلك لا يزال حريصاً على إصلاح العلاقات مع الدول العربي المجاورة، لأن ذلك يمكن أن يصقل صورته في الداخل، وربما قد يؤدي إلى المساعدة في إعادة إعمار البلاد.
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري قد قال، يوم الثلاثاء، إنّ بلاده دعت وزراء من دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والعراق والأردن إلى الاجتماع في جدة يوم الجمعة لبحث العلاقات مع النظام السوري، لكن لم تعلق المملكة العربية السعودية علنًا على الاجتماع المخطط له.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ عملية إقناع الولايات المتحدة وأوروبا برفع العقوبات عن الأسد وشركائه لن يكون سهلاً على الدول العربية، حتى بالنسبة لأولئك الذين هم حلفاء أقوياء للولايات المتحدة.
في الشهر الماضي، كتب مجموعة من المسؤولين والخبراء الأميركيين السابقين إلى الرئيس جو بايدن رسالة يقولون فيها إنّ المحاولات العربية لتطبيع العلاقات مع النظام السوري دون إصلاحات سياسية تتعارض مع أجندات الأمن وحقوق الإنسان الأميركية.
ومع ذلك، فإن السعودية والإمارات تدعوان إلى عودة سريعة لنظام الأسد إلى الحضن العربي. لكن بحسب المسؤولين العرب، فإنه على الرغم من نفوذ الدولتين المالي والسياسي، من غير المرجح أن تجبر باقي الدول العربية على تسريع خطوات التطبيع مع النظام السوري.