الاقتصاد المصري المأزوم على وشك تلقي ضربة جديدة جراء تداعيات الحرب المتواصلة منذ منتصف أبريل الماضي بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” شبه العسكرية، وفق تقرير بموقع “المونيتور” (Al-Monitor) ترجمه “الخليج الجديد“.
تعد الحرب في السودان (الجار الجنوبي لمصر) “بمثابة أنباء سيئة للاقتصاد المصري، الذي يعاني بالفعل من ضغوط شديدة منذ العام الماضي، حيث تخشى مصر أن يؤدي الصراع المطول في السودان، وهو سوق رئيسي لصادراتها، إلى تعقيد صعوباتها الاقتصادية”.
وفي 2022، بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 1.4 مليار دولار، ارتفاعا من 1.2 مليار دولار قبل عام، وهو عباراة عن 929.2 مليون دولار صادرات مصرية و504.4 مليون دولار واردات، وفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري.
كما احتل السودان ثاني أكبر سوق للصادرات المصرية بعد ليبيا في الربع الأول من 2023 بقيمة 226 مليون دولار، بحسب الأرقام الصادرة في أبريل الماضي عن وزارة الصناعة المصرية.
وقال رئيس مجلس الأعمال المصري السوداني شريف الجبلي لـ “المونيتور”: “لا يزال من المبكر تقييم تأثير الصراع على التبادل التجاري بين مصر والسودان”، لكنه توقع أن توقف شركات مصرية عديدة تصديرها إلى السودان خوفا من عدم تحصيل أموالها.
وتابع: “الصراع في السودان سيؤدي بالتأكيد إلى تراجع حجم الصادرات المصرية، وسيعطل أيضا المشاريع الاقتصادية المشتركة التي تعلق عليها مصر الآمال في تعزيز تعاونها الاقتصادي مع السودان”.
ويوجد نحو 229 مشروعا مصريا يتم تنفيذها في السودان باستثمارات تبلغ 10.8 مليارات دولار، كما يعمل في السوق المصري نحو 315 شركة سودانية باستثمارات 97 مليون دولار، بحسب بيانات رسمية مصرية.
وتمتلك مصر خط ربط كهربائي مع السودان بقدرة 80 ميجاوات، وكان البلدان يخططان لزيادة قدرته إلى 300 ميجاوات، كما كانا يخططان لبناء خط سكة حديد بطول 570 كيلومترا لتسهيل حركة البضائع بينهما.
وبعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير (1989-2019)، بحسب صبري، طورت مصر علاقات قوية مع الجيش السوداني، وتعاون البلدان في الضغط على إثيوبيا (جارة السودان الجنوبية) للتوصل إلى اتفاق ملزم بشأن ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي؛ إذ تقول القاهرة إن السد يهدد حصتها السنوية من مياه نهر النيل، بينما تقول أديس أبابا إنه ضروري لجهود التنمية، ولا يستهدف الإضرار بأي طرف آخر.
وأضاف: “ومع ذلك، تجنبت مصر إلى حد كبير الانحياز إلى طرف خلال الصراع السوداني، وناشدت الخصمين العسكريين وقف دائم لإطلاق النار لحل نزاعهما”.
والخميس، توصل الطرفان إلى توافقات مبدئية، ويواصلان مباحثات مباشرة في السعودية على أمل التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار وحل النزاع بالحوار.
وبين قائد الجيش عبدالفتاح البرهان وقائد “الدعم السريع” محمد حمدان دقلو (حميدتي) خلافات أبرزها بشأن المدى الزمني لتنفيذ مقترح لدمج “الدعم السريع” في الجيش، وهو بند أساسي في اتفاق مأمول لإعادة السلطة في المرحلة الانتقالية إلى المدنيين.
وإلى جانب احتمال تأثر التبادل التجاري والمشروعات المشتركة سلبا، تخشى القاهرة أن يؤدي الصراع إلى تدفق المزيد من اللاجئين إلى مصر؛ مما سيزيد من الضغط على اقتصادها الهش بالفعل، وفقا لصبري.
وبحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، عبر ما لا يقل عن 56 ألف لاجئ سوداني الحدود إلى مصر منذ اندلاع الحرب، وتستضيف بالفعل حوالي 9 ملايين لاجئ، بينهم حوالي 4 ملايين سوداني، وفق المنظمة الدولية للهجرة.
وفي مقابلة مع صحيفة “أساهي شيمبون” اليابانية، الأسبوع الماضي، حذر عبدالفتاح السيسي من أن تدفق اللاجئين السودانيين سيخلق مشاكل اقتصادية لمصر.
وأردف السيسي: “وسط الصعوبات الاقتصادية الناجمة عن الأزمة الروسية الأوكرانية (حرب مستمرة منذ 24 فبراير 2022)، فرّ العديد من السودانيين، لذا تواجه مصر أيضا مشكلات، ونشهد بالفعل تضخما مرتفعا وارتفاعا في أسعار السلع الضرورية اليومية”.
وبالفعل، تواجه مصر صعوبات اقتصادية متعددة، بينها نقص العملة الأجنبية وارتفاع التضخم، إذ فقدت العملة المحلية الجنيه قرابة 100% من قيمتها منذ مارس 2022، لتتداول عند قرابة 31 جنيها للدولار الأمريكي، بحسب صبري.
وأضاف أن “التضخم الأساسي السنوي في مصر بلغ ذروته في فبراير الماضي عند 40.3% قبل أن ينخفض إلى 39.5% في مارس الماضي، كما ارتفع معدل التضخم السنوي العام إلى 33.9% في مارس، ارتفاعا من 12.1% في مارس 2022”.
وتابع أنه في 5 مايو الجاري، خفضت وكالة التصنيف الائتماني “فيتش” النظرة المستقبلية إلى الاقتصاد المصري من مستقرة إلى سلبية، وحذرت وكالة “موديز” من أن الصراع المطول في السودان قد يشكل خطرا سلبيا على الائتمان للدول المجاورة، وبينها مصر.