طالب عدد من خبراء الإعلام من رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسى إلغاء وزارة الاعلام وجعلها هيئة مستقلة فى ظل التغيير الجديد لبعض الوزراء خلال الأيام القادمة، ولكن لنا أن نتوقف ونتساءل، هل سيتحول الإعلام إلى رسالة بلا ضوابط ، أوسنعلى من شأن المحاسبة الذاتية أو الضمير؟
للأسف الإعلام يعاني من انفلات شديد كأنه صار ساحة حرب كلامية ، وسباب وشتم وانتقاد بلا مستند أو دليل في ارتفاع سقف الحرية التي صارت باحدود، نعم كنا نعاني من اعلام الدولة حينا ، والإعلام الموالي للدولة ، وتزييف الوعي كثيرا في عهد المخلوع ، ولكن نريد إعلاما منضبطا بصرف النظر عن وجود وزارة للإعلام أو عدم وجود لها ..فهل يوجد حل بديل للالتزام بميثاق الشرف الإعلامي المفقود بعيدا عن وزارة الإعلام.
إقصاء كل زبانية النظام السابق
يرد على سؤل رصد الدكتور حسن عماد مكاوى عميد كلية الاعلام جامعة القاهرة قائلا:" إن إلغاء وزارة الاعلام أو بقاءها لن يغير كثيرا، ولكن الأهم من إلغاء وزارة الاعلام هو اقصاء كل زبانية النظام السابق من داخل المؤسسات الاعلامية لأن وزير الاعلام الحالى يجنى ما زرعه نظام الاستبداد طيلة الثلاثين عاما الماضية والتى نجح الرئيس المخلوع فى رسم ملامحه وسياسته فى عقول الاعلاميين وهذا يعود بالسلب على الاعلام المصرى".
ويضيف مكاوي بأنه يجب إرساء مواثيق شرف إعلامية واخلاقية يسير عليها أى اعلامى لانه يكون رأيا عاما بسبب ما يقوله وما يكتبه، ودور الإعلامى توجية الرأي العام للصواب وعدم الانحياز وتصغير الكبائر وسبق الأحداث كما نلاحظ الآن فى كافة وسائل الاعلام المصرية.
الميثاق شرط لنجاح الإعلام
ويؤكد الدكتور حسن مكاوي على أن ميثاق الشرف الاعلامى يعنى حرية التعبير, وهو شرط أساسي للإعلام الناجح ومكسب حضاري تحقق عبر الكفاح الإنساني الطويل وجزء لا يتجزأ من الحريات الأساسية المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ويقول :"لكن المسئولية شرط أساسي لممارسة هذه الحرية بحيث لا تتجاوز حدود حريات الآخرين".
ويرى الدكتور سليمان صالح رئيس قسم الصحافة بكلية الاعلام جامعة القاهرة أنا ضد الغاء وزارة الاعلام المصرية لأن معنى إلغاء وزارة الاعلام عدم وجود جهة مسئولة للتحقيق معها بمعنى انه اذا تم نشر أكاذيب وطالب أحد اعضاء مجلس الشعب او الشورى استجواب الشخص المسئول من يكون ذلك الشخص سوى وزير الاعلام؟!.
ويضيف صالح:" نحن لا ننكر وجود إرهاق اعلامى لكافة وسائل الاعلام وحرب فضائيات يومية يروح ضحيتها الموطن المصرى الأميّ الفقير، وبالتالى يجب ان توضع مواثيق شرف إعلامى يلتزم بها الاعلاميون بحيث يقوم الإعلام على حقين حق التعبير وحق الاطلاع، وهو يكمن بالتالي في صلب كلّ نشاط إنمائي على صعيد المعرفة والثقافة والتربية ولذلك تعين عليه آن يعمل على تأكيد القيم الدينية والأخلاقية الثابتة والمثل العليا المتراكمة في التراث البشرى وان ينشد الحقيقة المجردة في خدمة الحق والخير ويسعى الي شد الاواصر وتعميق التفاهم والتفاعل والتبادل مادياً ومعنوياً في المجتمع العربي والدولي".
مضيفا :"اذا وضعت تلك المواثيق وتم اتباعها نصبح شعبا متقدما لأنه كما قال الاديب العالمى نجيب محفوظ بالعلم والاعلام تتقدم الشعوب".
لا يعرفون ميثاق الشرف
ويضيف الإعلامى جمال الشاعر:" ان كافة الاعلاميين لا يعرفون معنى ميثاق الشرف المهنى، وأصبح الإعلام خاليا من المهنية، وأصبح إعلام المحسوبية والوساطة والتوجيه ونجد أن كلّ رجل أعمال يريد أن يلْمع يقوم بفتح قناة اعلامية ويختار الاعلاميين على حسب توجهاته".
مضيفا :"كما نلاحظ مؤخرا شروع الاخون المسلمين على شراء بعض المؤسسات الاعلامية كى يتم توجيهها دعما للنظام الحاكم، وهنا تظهر أهمية دور الاعلام فى تكوين الفكر الراسخ والوعى والرأي العام المصرى".
ويؤكد الشاعر أنه لا يوجد أى داع لإلغاء وزارة الاعلام لأنها يتبعها تلفزيون رسمى وإذاعات رسمية فإذا تم إلغاء الوزارة لمن تتبع تلك المؤسسات الرسمية ومن سيقوم بتوجيهها والمطالبة بحقوقها؟".
الصدق والموضوعية
وأكد الشاعر أنه يجب أن يلتزم الإعلاميون بالصدق والموضوعية في نشر الأنباء والتعليقات ويمتنعون عن اعتماد الوسائل غير المشروعة في الحصول على الأخبار والصور والوثائق وغيرها من مواد الأعلام، ويحافظون على سرية مصادر الأخبار، وألا يمس الأمن الوطني والقومي، وألا يكون هناك افتراء أو اتهام دون دليل، فهذا من الأخطاء الجسيمة التي تتعارض مع أخلاقيات مهنة الإعلام ويلتزم الإعلاميون بتكذيب أو تصويب الأنباء التي يثبت عدم صحتها.
ويضيف الشاعر:" أصبح الإعلام الآن إعلام رأس المال ورجال الأعمال، ويخلو تماماً من المهنيّة رغم أنه يقوم بدور جيد فى ظل غياب معارضة قوية وسلطة تشريعية مراقبة للنظام الحالى وهذا ما يفعله الإخوان الآن، يسعون لشراء بعض المؤسسات الإعلامية حتى يتم توجيهها فى خدمة النظام والرئيس الحالى".
مؤكدا أنها لن تستطيع أن تقف فى وجه القنوات الاعلامية ذات التأثير القوى والتى تستحوذ على شريحة عريضة من المشاهدين، والدليل على ذلك وجود قنوات ومؤسسات اعلامية تابعة للإخوان ولكن ليس لها باع قوى وضعيفة ولا تؤثر إلا فى فصيل بعينة، بالرغم من أنها تلتزم الحيادية والتوازن مثل قناة "مصر 25.
ويرى الشاعر أن المشكلة ليست مشكلة إعلام، ولكنها مشكلة قرار سياسى من رئيس الجمهورية، وكما لاحظنا أنّ الإعلام ينقلب على الرئيس حين إصدار قرار ضعيف او خطأ ما، وشاهدنا أيضا أن الرئيس مرسى حينما أقال المجلس العسكرى من السيطرة على مصر؛ الجميع رحّب بذلك القرار واعتبروه قرارا ثوريا.
وعن أخونة وزارة الإعلام قال الشاعر إن وزيرالإعلام يعترف بأنه إخوانى وقال أمامى ذات مرة إنه اذا جاءه مذيع إخواني لعيّنه فوراً.
وذكر الشاعر أن وزيرالإعلام قام بالهيمنة على "قناة النيل الاخبارية" وقطاع الاخبار وجاء بأثنين من الاخوان أهل ثقة وليسو أهل خبرة وقام احدهم بشغل منصب "رئيس التحرير" والاخر "شبكة المراسلين" وهنا أمسك بالقناة من عنقها.
ولكن هناك كارثة فى التلفزيون المصرى تحدث الان وهى هجرة الكفآءات احتجاجا على السياسات وإن استمرت وهى أخونة كل المؤسسات سنصبح أقرب للنظام السوري.