قال الكاتب والمفكر الإسلامي الأستاذ فهمي هويدي بمقاله اليوم بجريدة الشروق أن أمن الأمة العربية ما عاد موكولا إلى الجيوش العربية، وإنما صارت تتولاه الدول الغربية، وفى المقدمة منها الولايات المتحدة وفرنسا وانجلترا، التى باتت تؤدى دور «الكفيل» للدول العربية.
وتابع الكاتب ومنذ أعلن الرئيس الراحل أنور السادات أن حرب أكتوبر (قبل أربعين عاما) هى آخر الحروب، فقد بدا ذلك إعلانا عن إجراء تعديل جذرى فى العقيدة العسكرية، اتجهت فيه الأنظار إلى الداخل بأكثر مما انشغلت بالخارج.
وأوضح هويدي "أنا هنا أفرق بين الاحتشاد وبين الاهتمام"، والاحتشاد موجه نحو هدف وطرف، أما الاهتمام فهو يركز على القدرات الذاتية والأنشطة غير العسكرية، وذلك أوضح ما يكون فى الدول العربية النفطية التى توجه اهتماما واضحا لإنفاقها العسكرى فتشترى أحدث الطائرات والمدرعات وتقتنى أفضل الخبراء، لكنها تفعل ذلك لمجرد تعزيز القدرة العسكرية (إن شئت فقل إنه لأجل الوجاهة العسكرية) فى حين أنها تعتمد فى أمنها وحماية حدودها على القواعد العسكرية الأجنبية والعطاء الغربى.
واستطرد هويدي بالقول حين خرجت مصر من الصف العربى بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد، وبعدما أطلق السادات شعاراته سواء تلك تحدثت عن آخر الحروب أو أعلنت عن أن 99٪ من أوراق اللعبة فى أيدى الولايات المتحدة الأمريكية، حدث أمران مهمان للغاية، الأول أن مصر انكفأت على ذاتها وأدارت ظهرها للعالم العربى. والثانى أن بعض الدول العربية ــ الخليجية بوجه أخص ــ أدركت أنها أصبحت بلا ظهر ولا غطاء، فاعتمدت على الحماية الغربية. لأن «الكفيل» صار غربيا فلم يعد الأمن القومى العربى محلا لأى اهتمام، الأمر الذى فتح الأبواب واسعة للتغول الإسرائيلى، كما مهد الطريق لمحاولات الفتك بالعالم العربى وتمزيقه (العراق والسودان مثلا ولا تسأل عن فلسطين).
وختم الكاتب بالقول أجريت بحثا حول معاهدة الدفاع العربى التى وقعتها الدول العربية فى عام 1950، ضمن عناوين أخرى عديدة للعمل المشترك، ظلت جميعها ضمن الأحلام المؤجلة إن لم يكن المستحيلة. وحين لاحظت أن العنوان له وجود على الانترنت، فإننى سارعت إلى فتحه لكنى اكتشفت أنه يتحدث عن الدفاع المشترك الالكترونى، وكانت تلك دعوة أطلقها الدكتور موسى إبراهيم أحد أعوان العقيد معمر القذافى فى صيف عام 2011 لحث أنصاره على التصدى للثوار عبر الانترنت. لاحظت أيضا أن الدكتور محمد مرسى أشار فى خطاب تنصيبه فى 30/6/2012 إلى تفعيل منظومة الدفاع العربى، ضمن وعده بتنشيط العمل العربى المشترك.
وأردف هويدي قائلا: استوقفنى أن الدكتور محمد البرادعى الذى كان قد تردد أنه بصدد الترشح لرئاسة الجمهورية، قال فى حديث تليفزيونى (أزعج الإسرائيليين) فى 7/4/2012 إنه سيدعو إلى تطبيق اتفاقية الدفاع المشترك فى حال تولى الرئاسة وتعرضت غزة للعدوان. وهو كلام أطلق فى الفضاء ولم يختبر فى الواقع ،إلى غير ذلك من الخلفيات التى همشت فكرة الدفاع عن الأمن القومى، وجعلت التركيز على الأمن الداخلى يحظى بالقدر الأكبر من الاهتمام.