شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

حتى لا يتلاعبوا بنا .. بقلم | محمد كمال

حتى لا يتلاعبوا بنا .. بقلم | محمد كمال
    بعد هزيمة 67 دأب الإعلام المصرى على تحذير الأطفال بألا يلتقطوا شيئا من الأرض ،فربما التقط أحدهم قلماً وهو...

 

 
بعد هزيمة 67 دأب الإعلام المصرى على تحذير الأطفال بألا يلتقطوا شيئا من الأرض ،فربما التقط أحدهم قلماً وهو يحمل قنبلة فى داخله تنفجر فى وجهه ؛لأن عدونا الصهيونى يستهدفنا ،وتنوعت التحذيرات حتى أصبحنا نخشى التقاط أشياء داخل منازلنا ،وهكذا دمر الإعلام معنويات الشعب من حيث يريد حمايته من عدوه ، وأشعرنا بأن يد عدونا طائلة ,وقام بالدور الذى يتمناه العدو تماما كما لو كان هذا العدو هو الممسك بزمام الحكم فى بلادنا !
 
وأتصور أن اللحظة الصاخبة التى نعيشها ،يراد لنا أن نسترجع فيها ملامح هذه الأيام السالفة.
 
ويساهم الجميع فى هذا ،فالساسة لأنهم ينبغى أن يدلوا بتصريحات للإعلام "النهم"، فإنهم قرروا بعد دقائق من حادث "استاد بورسعيد" "أنه مدبر من القيادات الأمنية التى تتآمر حتى يسلم الناس بخطورة دورهم ليعودوا أسيادا للشعب !". 
 
ومنهم من قال "إن الحادث مدبر من "المجلس العسكرى" لكى يطول بقاؤه فى الحكم".
 
ومنهم من قال "بل هم الفلول الذين يتم توجيههم من وراء القضبان ,ويدفعون الملايين ويجيشون البلطجية ,حيث يدير قاطنو "طرة" (الفوضى) التى حذر منها "مبارك". 
 
 
والحقيقة أن قضية العداء بين جماهير الأندية ,بل الدول , كانت – وربما ستظل- موجودة ما دام الفقر والجهل وغياب العقل والقنوات الفضائية والألتراس.
 
أما الذى أتصوره فإن الحدث هو صورة مكبرة لانتهاك القانون ,وهو يأتى فى سياق يبشر دائما بحدوث أمثاله ،فنحن جميعا متهمون وضحايا ؛ابتداء من المنتهكين لقوانين البناء والمرور والصناعة والتجارة وحتى البلطجية مرورا بآكلى الحرام من المرتشين والمأجورين .. فالقانون غائب ولا أحد يرتدع ، وكل من أراد شيئا فعله .. وكما راجت بضاعة "نفاق الثوار" ,فسنجد من يزعق "منافقا للشعب", باكيا على كوارثه ومزايدا بصياحه حتى يشار إلى برنامجه بالبنان ,أو ليتذكره الناس فى الانتخابات ،ويقول : إن المتآمر هو الجيش أو الشرطة أو الفلول ,والعصبية أصبحت هى سيد الموقف ,والظهور الإعلامى يعقد الأمور ويصنع خيالا شعبيا مرتبكا.. ويمكن أن تأخذنا هذه الغيبوبة إلى أبعد مدى ، ندمر أنفسنا وثورتنا ويكون الفاعل دائما معلوما وهم (الجيش والشرطة والفلول) دون معرفة المجرم الحقيقى بحسم, ودون احترام "للقانون" ولا لعقول الناس , ثم ننام لنستيقظ على صراعاتنا (الثورية) اليومية .. حتى قدوم كارثة جديدة !
 
هناك فارق بين (المسئول) وبين (المجرم) ,فالمسئول هو "العسكرى" أما معرفة "المجرم" فهو أحد تحدياتنا كدولة. 
 
لماذا لا نوجه التهم الصحيحة إلى المسئول الصحيح ؟:-
 
المجلس العسكرى يقاتل لتمييز وضعه, ولكن طريقه هو الدستور والضغط السياسى والمساندة الأمريكية.
 
رجال الشرطة خائفون من المواطن ،والكبار المتآمرون فيهم يدركون أن مثل هذه الحوادث تعطى المبررات القوية للإطاحة بهم ،وتضيع فرصتهم التآمرية للبقاء و السيطرة ,وتضع رؤوسهم على المقصلة ,والأولى الإذعان لتيار الثورة الجارف لعله يجد مكانا فيه أو يطويه الزمن بلا محاكمات.
 
أما الفلول فمصالحهم – فى الأغلب – اقتصادية من مال منهوب بطريق السياسة، وليس أمامهم إلا طريق القذارة السياسية للحفاظ على المال السياسى القذر ،أما إنفاق المال فى المكائد طيلة الوقت فلن يمكٍّن لوجودهم ولا لأموالهم الطائلة, والأولى لهم منطقيا أن ينافقوا (السلطان الجديد) ؛ إذ ليس من طبع اللصوص القتال والمقاومة, ولكن الاستكانة والتربص ثم السرقة والهروب.
 
إن الخوف من "المجلس" و"القيادات الشرطية" "المتآمرة" و"الفلول" ليس فى هذه المعارك الصغيرة ،وإنما فى الاستعانة بالظهير الأجنبى للتمكين لهم ،كلٌ بحسب وظيفته ودوره.
 
و إذ يأخذنا الأسى فإن أعيننا تذهب إلى حوادث (عداء كروى) أخرى كانت بشعة كحادث بورسعيد.
 
ففى ملعب "ليما" (بيرو) فى 24/5/64 ألغى الحكم هدف تعادل بيرو مع الأرجنتين قبل النهاية بدقيقتين فثار الجمهور البيروفى واشتبك الجمهوران وكانت الحصيلة 318 قتيلا و500 مصاب.
 
وفى ملعب "هيسل" (ببلجيكا) الذى شهد نهائيا أوروبيا بين "ليفربول" ويوفنتوس" فى 29/5/89 حيث هجم الجمهور "الإنجليزى" على "الإيطالى" فأجبره على التراجع والضغط على السور الذى انهار مخلفا 39 قتيلا 600 مصاب.
 
وفى ملعب "هيلسبرة" (بإنجلترا) الذى شهد مباراة قبل نهائى الكأس بين "ليفربول" و"نوتنجهام فورست" فى 15/4/1999 حيث أساءت الشرطة إدارة التدفق الجماهيرى فتسبب ذلك فى قتل 96 وإصابة 300 دهسا واختناقا ،بسبب التسابق على المقاعد الخالية وعدم استعداد الشرطة مهنيا لإدارة الحدث.
 
إذن .. حوادث الكرة قد تأخذ طابعا فاجعا ،ولا تحتاج العداوة بين الجماهير لمن يؤججها ,ولكن دولة (القانون) ؛والتى تعرف فيها كل مؤسسة دورها هى العاصم من مثل هذه الكوارث .. أما الاختلاف اليوم على شخصية المتآمر, ثم الاستمرار فى قبول التلاعب بنا ووضعنا فى حالة حيرة تؤدى إلى هياج عشوائى للثأر عقب كل كارثة ؛ فهذا من شأنه أن يستنزف قوانا الفاعلة وفق مخطط المتآمرين.
 
 


تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023