شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

الثورة والنهضة بين مصر واليابان بقلم خالد سلام

الثورة والنهضة بين مصر واليابان بقلم خالد سلام
  تتحرك مصر الآن من خلال "الثورة" لتعويض ما فاتها من مشروع "النهضة" عبر مسار طويل من النهضة الزائفة والتحديث...

 

تتحرك مصر الآن من خلال "الثورة" لتعويض ما فاتها من مشروع "النهضة" عبر مسار طويل من النهضة الزائفة والتحديث الفاشل الذي أدى إلى قطيعة بين مصر وتراثها وهويتها وحضارتها، ففشلت في إحراز النهضة كما فشلت في الحفاظ على هويتها والتواصل مع حضارتها وتاريخها.
 
ليس جديداً بالمرة عن كيف استطاع مشروع النهضة الياباني أن يجمع بين الهوية الأصيلة للشعب ويحافظ على التراث والاستمرار التاريخي مع تحديث وتطوير الأبنية العملية للصناعة والتكنولوجيا دون أن يتنازل الشعب عن هويته وحضارته.
 
الجديد الذي يصير علينا اكتشافه الآن هو الروح الثورية اليابانية التي استيقظت من تحت رماد هزيمة الحرب العالمية الثانية لكي تنبعث مرة أخرى بكل ما فيها من قيم ومثاليات تستهدف إعادة البناء ومساعدة الآخرين وإصلاح الأخطاء واستعادة الحياة إلى ما كانت عليه.
 
لعل هذا كان هو طريق السيدة/ يوشيكو كاجيموتو، التي لم تكن قد بلغت بعد الأربعة عشر عاماً وهي تعاين آلاف الجثث المحترفة وأشلاء هؤلاء الذين صاروا ذكرى صخب وحياة وشغف، حيث أكثر من نصف مليون إنسان قضوا في دقائق في المحرقة النووية في هيروشيما و نجازاكي وباقي المدن اليابانية التي دكت بالآله الجهنمية الأمريكية.
 
وما بين الذهول والصدمة، طافت السيدة/ يوشيكو كاجيموتو أنحاء المدينة التي صارت أثرا بعد عين ، لتساعد هذا وذلك، وإذ أن الناس كانا يحتاجون فقط إلى النموذج والقدوة لكي يعرفوا أن هناك ثمة أمل، وأن ثمة قيم إنسانية لا تزال تحيا وتستمر بها الحياة.
 
اليوم بلغت السيدة كاجيموتو 81 عاما و مازالت تحكي حكايتها يوميا للزوار في متحف ضحايا هيروشيما و قد جفت الدموع من مآقيها و لكنها لا تنسى الا أن تذكرنا أن هيروشيما قامت من الرماد كطائر الفينيق و عادت أكثر حيوية و قوة و نهضة حضارية.
 
المشهد في مصر ليس بعيدا كثيرا عن قيامة هيروشيما .
 
من لحظة "الثورة" سوف تمضى مصر في طريق "النهضة"، وهي تملك رصيداً ضخماً يفوق بكثير رصيد غيرها من الدول من ناحية القيم والمبادئ الإنسانية والأخلاقية والإيمانية ومن ناحية الروح الثورية النهضوية الراغبة في السير باتجاه الإصلاح والتغيير، وصولاً إلى أحداث النقلة البعيدة في شكل وصورة حياة الشعب والأمة وموقعهما على الخارجة الدولية.
 
الدرس الأهم الذي تعلمته من اليابان هو أن مشروع "النهضة" هو بحد ذاته هو مشروع ثوري، بل هو الجزء الأصعب من المشروع الثوري لأنه يتجاوز مجرد الرفض إلى تقديم البديل، ومجرد الاحتجاج إلى بناء تصورات ومفاهيم ومنطلقات للحركة، ويتجاوز مجرد الهدم والتفكيك إلى البناء والتركيب. ومن هنا صار واضحاً تماماً أن لحظة الثورة المصرية لابد أن تتحول إلى حراك ثوري مستمر ومستدام وصولاً إلى نهضة شاملة تعطي مصر موقع القيادة مرة أخرى في وسطها العربي والإسلامي وفي العالم الثالث كله.
 
 
إننا بالفعل شعب يملك كل طاقات وقدرات الثورة، وأمة تملك كل "شروط النهضة" بحسب ما كتب عنها المفكر الجزائري الراحل مالك بن نبي، ونحتاج فقط إلى تفعيل مشروعي "الثورة" و"النهضة" في سياق متجانس متكامل للوصول إلى ما نريده.


تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023